"واشنطن بوست": احتضان ترامب لمحمد بن سلمان يكلفه كثيراً الآن

كان رد فعل ترامب سلبياً بشكل غريب حين عمل محمد بن سلمان بشكل متكرر ضد المصالح الأميركية.

  • "واشنطن بوست": احتضان ترامب لمحمد بن سلمان يكلفه كثيراً الآن
    يشكك الكثير من الأميركيين بعوائد دعم محمد بن سلمان على المصالح الأميركية.

كتب جاكسون ديل نائب رئيس تحرير "واشنطن بوست" الأميركية مقالة في الصحيفة قال فيها إن الرئيس الأميركي ارتكب أحد أكبر أخطاء رئاسته في ربيع عام 2017، عندما عرض احتضاناً غير مشروط لحاكم السعودية الفعلي البالغ من العمر 31 عاماً أنذاك، محمد بن سلمان، وتبنى أجندة المواجهة مع إيران. والآن بعد ثلاث سنوات، بينما يواجه ترامب أكبر أزمة في رئاسته، يكلفه هذا الاختيار الكثير.

وأضاف الكاتب أن استجابة ترامب البطيئة والمتعثرة تجاه تفشي وباء فيروس كورونا المستجد قد على تسريع وتيرة تراجع سوق الأسهم الأسبوع الماضي وتزايد حالة عدم اليقين العامة. لكن الاضطراب في الأسواق كان مدفوعاً أيضاً بالسلوك الأخير المتهور الذي اتخذه ولي العهد السعودي مناقضاً نصيحة وزرائه. فقد قام محمد بن سلمان بإغراق الأسواق بالنفط السعودي الرخيص ، مما تسبب في انخفاض السعر العالمي وتعريض صناعة النفط  الصخري الأميركي للخطر.

وأشار ديل إلى المكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب مع محمد بن سلمان يوم الاثنين الماضي، التي تلاها انخفاض الأسهم. ومن السهل التخمين أن رسالة الرئيس تشبه البيان العام لوزارة الطاقة الأميركية، التي شجبت "محاولات جهات حكومية التلاعب بأسواق النفط وإحداث صدمة لها".

لكن إبن سلمان تجاهل دعوة الرئيس الأميركي يوم الأربعاء، وأعلن وزيره النفطي عن زيادة كبيرة أخرى في إنتاج النفط. وأصيبت الأسهم الأميركية بالهبوط مرة أخرى.

ثم جاء الهجوم الصاروخي على قاعدة في العراق، مما أسفر عن مقتل جنديين أميركيين. وأدى ذلك إلى إطلاق دورة انتقامية من الغارات الجوية الأميركية والهجمات الصاروخية الجديدة التي أعادت ترامب إلى حافة الحرب مع إيران، في أسوأ لحظة ممكنة لصراع غير ضروري تماماً بدأه بأمر من محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقال الكاتب إن ترامب، منذ جعل الرياض أول رحلة خارجية له كرئيس، دافع بعناد عن ولي العهد السعودي من خلال مغامرات متعددة، من الحرب الكارثية في اليمن والمقاطعة الفاشلة لقطر المجاورة إلى جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي المقيم في الولايات المتحدة. وأوضح ديل أن المشتريات السعودية الكبيرة للأسلحة الأميركية التي وعد إبن سلمان ترامب بها لم تتحقق. وبدلاً من ذلك، يجب مكافأة الرئيس من قبل حليفه المفترض في وقت حاجته القصوى، مع تراجع الأسواق الأميركية وموت الجنود الأميركيين.

ويدعي السعوديون أن محمد بن سلمان لا يسعى عمداً إلى إيذاء ترامب ويقولون إن النزاع الحقيقي لولي العهد هو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي رفض الموافقة على اقتراح سعودي بخفض إنتاج النفط لتحقيق الاستقرار في الأسعار، مما دفع ولي العهد إلى ضخ المزيد من النفط بشكل متهور مع خفض الأسعار.

ورأى الكاتب أن بذلك السلوك يكون ولي العهد قد حقق هدفاً رئيسياً لبوتين، وهو إخراج صناعة النفط الصخري الهشة في الولايات المتحدة من العمل. وليس من المستغرب أن يكون رد فعل الروس هادئاً على مناورة إغراق إبن سلمان للأسواق، قائلين إن بإمكانهم العيش مع أسعار النفط المتدنية لمدة ست إلى 10 سنوات. ولا يمكن لشركات النفط الصخري الأميركية الاستمرار بهكذا أسعار، ولا محمد بن سلمان الذي سيوصل مالية المملكة إلى نقطة الانهيار.

وكان أحد أكثر المواضيع المتسقة للخطاب الترامبي هو الطرق التي من المفترض أن يستغل بها حلفاء الولايات المتحدة ضعف واشنطن لمتابعة مصالحهم الخاصة على حساب أميركا. وفي واحد من أوائل مشاريعه في السياسة الخارجية، اشترى ترامب إعلاناً في صحيفة نيويورك تايمز في عام 1987 لإثبات هذه القضية، من بين أمور أخرى، ضد السعودية، "دولة وجودها في أيدي الولايات المتحدة". وكتب إعلان ترامب: "العالم يضحك على السياسيين الأميركيين لأننا نحمي السفن التي لا نملكها، والتي تحمل النفط الذي لا نحتاجه، والموجهة إلى الحلفاء الذين لن يساعدوا".

وقال ديل إن المملكة العربية السعودية لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة من أجل بقائهاو، لا تزال السفن الحربية الأميركية تحمي الناقلات التي تحمل النفط السعودي في الخليج الفارسي، على الرغم من أن الولايات المتحدة تحتاج إلى نفط مستورد أقل بكثير مما كانت عليه في عام 1987. والأكثر من ذلك، أرسل ترامب آلاف القوات الأميركية إلى المملكة للدفاع عن حقول النفط من الهجوم الإيراني. وتصاعدت التوترات التي أدت الآن إلى العديد من القتلى والجرحى في الولايات المتحدة.

ومع ذلك، كان رد فعل ترامب سلبياً بشكل غريب حين عمل محمد بن سلمان بكش متكرر ضد المصالح الأميركية. لنأخذ حالة سعود القحطاني، المساعد الوثيق لولي العهد الذي أشرف على قتل خاشقجي وحملة قرصنة تستهدف المنتقدين الأجانب لولي العهد. وقد ضغط كبار المسؤولين الأميركيين مراراً على محمد بن سلمان لمحاسبة القحطاني، أو على الأقل تهميشه. لكن حتى الآن كما يقول بن هوبارد مراسل صحيفة "نيويورك تايمز"، "لا يزال القحطاني يقود الجيوش الذباب الالكتروني ويشرف على عمليات التجسس الإلكترونية في المملكة".

وأضاف ديل: "أنظر إلى ترامب، ومنظور إعادة انتخابه الذي أضحى في خطر جنباً إلى جنب مع انهيار الاقتصاد الأميركي، وهو يطلب من ولي العهد التصرف بمفرده، من أجل مصالح الولايات المتحدة، والاهتمام بالتوقف عن هبوط أسعار النفط وسط حالة من الذعر في السوق - ثم يبقى ترامب صامتاً أمام ديكتاتور كان قد حضنه على مدى ثلاث سنوات، وهو يفعل العكس". وختم ديل بالقول: "بالتأكيد، فإن فلاديمير بوتين يضحك".

ترجمة: الميادين نت