ريا الحسن: الاستراتيجية الأميركية تقوّض القطاع المصرفي للضغط على حزب الله
قالت وزير الداخلية اللبنانية السابقة ريا الحسن إنه ربما تم إقناع الأوروبيين بتقديم بعض التمويل للبنان، لكنني أعتقد أن الأميركيين يمارسون بعض الضغوط عليهم.
حذرت وزيرة الداخلية اللبنانية السابقة ريا الحسن في مقابلة مع صحيفة "آسيا تايمز" من أن حزب الله سيكون "الفائز الأكبر" في الانهيار الاقتصادي الوشيك في البلاد.
وقالت الحسن في مقابلة أجرتها آليسون تيميزيان ميوز في مكتب تيار المستقبل في وسط بيروت، "هل تعرفين من سيكون أكبر الفائزين؟ حزب الله. إنهم قادرون على النجاة من الانهيار الاقتصادي أكثر من أي أحد آخر". وأضافت: "انا أتحدث معهم. يقولون لدينا أنظمتنا الخاصة، وشبكات الأمان الاجتماعي الخاصة بنا. لدينا مستشفياتنا الخاصة ويمكن لأفرادنا أن يقاوموا أكثر بكثير من أي شخص آخر. "
وأشارت الحسن، التي شغل منصب وزير المالية اللبناني في الفترة بين عامي 2009 و2011، إن أنظمة حزب الله هذه قد تأثرت بالعقوبات الأميركية المفروضة على إيران، لكنها لم تتعطل.
وكان مسؤول في حزب الله قد قال لـ"آسيا تايمز" في أيار / مايو الماضي إن الحزب لديه "بنية تحتية مالية من شأنها أن تبقيه يعمل بشكل كامل لنحو أربع إلى خمس سنوات في ظل العقوبات المفروضة على إيران".
وأشارت الصحيفة إلى أن حكومة الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب قد فرضت ما تسميه حملة "أقصى قدر من الضغط" ضد إيران وحليفها اللبناني حزب الله، وهي استراتيجية شجّعها حليفاها الإقليميان، السعودية و"إسرائيل". وأوضحت أنه قبل عام من تولي ترامب منصبه، ألغى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان 4 مليارات دولار من المساعدات العسكرية والأمنية إلى لبنان، ولم يتراجع غن ذلك منذ ذلك الحين.
ونقلت الصحيفة أن الوزيرة ريا الحسن تعتبر أن حملة الضغط التي تقودها الولايات المتحدة تضر بلبنان. وقالت الحسن إن لديها علامة استفهام حول الاستراتيجية الأميركية القائمة على تقويض القطاع المصرفي للضغط على حزب الله. وقالت لـ"آسيا تايمز": "حزب الله لا يستخدم القطاع المصرفي!".
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي وصف الاحتجاجات المستمرة في لبنان على أنها انتفاضة ضد حزب الله، قد امتنع عن تأييد الحكومة اللبنانية الجديدة. وأضافت أن "تلك الحكومة، المؤلفة فقط من حزب الله وحلفائه، تخاطر الآن بالإشراف على تبخر احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية، إذا رفضت الخضوع لصندوق النقد الدولي".
وقد كرر رئيس الوزراء اللبناني حسن دياب الثلاثاء الماضي تعهده بمناشدة الدول "الشقيقة" في منطقة الخليج الغنية بالنفط للحصول على مساعدات عاجلة، لكنه لم ينجح في ذلك منذ توليه منصبه. كما أن الأمل في أن تقدم قطر الغنية بالطاقة أو الإمارات العربية المتحدة المنافسة لها دعماً كبيراً للبنان لم يتحقق.
وقالت الحسن إنه "ربما تم إقناع الأوروبيين بتقديم بعض التمويل، لكنني أعتقد أن الأميركيين يمارسون بعض الضغوط عليهم".
وبينما أكد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة للجمهور أنه لا يزال هناك 30 مليار دولار من احتياطيات العملات الأجنبية، لكن من المحتمل أن يصل حجم الاحتياطيات القابلة للاستخدام إلى حوالى 10 مليارات دولار فقط. ومع وجود 6 ملايين شخص، ثلثهم من اللاجئين السوريين والفلسطينيين، يعيشون داخل حدوده، يحتاج لبنان إلى حوالى 5 مليارات دولار أميركي كل عام لاستيراد احتياجاته الأساسية من النفط والغاز والأدوية والقمح.
وقالت الحسن لصحيفة "آسيا تايمز": "إذا لم تأتِ أية أموال جديدة، فربما تنضب الاحتياطيات الأجنبية خلال عام. ليس هناك احتمال للحصول على المال من الخارج." ومع نفاد كمية الدولارات، خلصت إلى أنه "ليس لدينا أي خيار آخر باستثناء برنامج صندوق النقد الدولي".
وذكرت الصحيفة أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، رئيس حركة أمل المتحالفة مع حزب الله والتي تسيطر على وزارة المالية، أشار إلى أنه سوف يدعم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن ديون لبنان، وهو تعهد شبهه الرئيس الأرجنتيني مؤخراً بلعب البوكر.
ووفقاً لتقرير نُشر أمس الأربعاء في صحيفة النهار اللبنانية، أخبر بري زائريه على لبنان "توجيه رسالة إلى الخارج لعلّها إلى الأميركيّين تحديداً، باعتبارهم العامل الأكثر تأثيراً وفاعليّة في صندوق النقد الدولي، مفادها أنّ لبنان يحتاج إلى الاستعانة بالصندوق من أجل أن يساعده تقنيّاً، من خلال مطالبته بإعطاء لبنان خطة للإنقاذ".
وأكّد بري، وفق ما نقل عنه زواره، أنّه "يتعيّن على لبنان اليوم الرهان على الاستفادة من المدّة الفاصلة عن موعد تسديده استحقاقه الأوّل المتمثّل بتسديد 1.2 مليار دولار لسندات "اليوروبوند" في 8 آذار / مارس المقبل. وشدّد بري على أنّ "لبنان لا يمكنه أن يسلّم أمره إلى صندوق النقد الدولي، لعجزه عن تحمّل شروطه، لأنّ لبنان ليس اليونان أو الأرجنتين، ولن يستطيع الشعب اللبناني أن يتحمّل".
ونقلت مراسلة صحيفة "آسيا تايمز" عن متحدثة باسم "حزب الله" قولها إن الحزب لم يعلن بعد موقفه من خطة إنقاذ محتملة لصندوق النقد الدولي.
وأشار المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس في وقت متأخر من يوم الأربعاء إلى أن الحكومة اللبنانية طلبت "مشورته الفنية" حول التحديات التي تواجه الاقتصاد. وقال إن "صندوق النقد الدولي على استعداد لمساعدة لبنان. لكن أي قرارات بشأن الديون يتعين على السلطات اتخاذها بالتشاور مع مستشاريها القانونيين والماليين ".
وأشارت "آسيا تايمز" إلى أن الوضع الاقتصادي في لبنان أصبح سيئاً بشكل متزايد، حيث تم تخفيض الرواتب وفقدت الوظائف. وفرضت البنوك منذ أشهر ضوابط تعسفية وصارمة بشكل متزايد على رأس المال على حسابات الدولارات والتحويلات الدولية، تاركة المستشفيات والشركات في أزمة وسط ارتفاع التضخم.
وقالت إنه تم تداول الدولار يوم الثلاثاء في مدينة طرابلس الشمالية في مقابل 2200 ليرة لبنانية في مكاتب الصرافة في السوق السوداء، مما يمثل انخفاضًا بنسبة 35٪ تقريباً للعملة المحلية في أقل من ستة أشهر بينما لا يزال سعر الصرف الرسمي هو 1507.5 ليرة للدولار.
ويبيع التجار اللبنانيون حتى الآن البضائع بالعملة المحلية، ويحولون تلك الأرباح إلى الدولار الأميركي بأسعار السوق السوداء، ثم يقومون بإحضار تلك الدولارات إلى البنوك لتحويلها إلى مورديهم الدوليين. وتساءلت الوزيرة الحسن: "لكن إلى متى يمكنك أن تحافظ على ذلك؟".
والسؤال المطروح في لبنان اليوم هو ما إذا كان مصرف لبنان المركزي سيحترم دفع مبلغ 1.2 مليار دولار من سندات اليورو، المستحقة في أقل من أربعة أسابيع. فلبنان لديه واحد من أعلى نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، بأكثر من 150٪. لكنه لم يتخلف عن سداد ديونه، وهي نقطة فخر لقطاع مصرفي كان ذات يوم واحداً من أكثر القطاعات احتراماً في المنطقة.
وجادلت منظمة المجتمع المدني "كلنا إرادة"، التي كانت تضغط على الحكومة الجديدة ضد دفع الدفعة المقبلة، وقالت إن التخلف عن الدفع "ليس مسألة فخر وطني. ليس من الحكمة المضي قدماً في دفع السندات بالكامل، عندما يكون السوق قد خفض بالفعل قيمه بنسبة 40-50٪ ويتوقع إعادة هيكلة الديون."
وقالت "إنها مسألة وقت قبل أن تتحول الأزمة الاجتماعية والاقتصادية المتفشية في لبنان إلى أزمة إنسانية كاملة"، مضيفة: "من غير المقبول المضي قدماً في سداد أصل الدين والفائدة والمصالح المتميزة لعدد قليل من البنوك والمستثمرين، عندما يكون الاقتصاد غير قادر على تحمل هذا العبء. ندعو الحكومة إلى احترام مسؤوليتها تجاه الشعب اللبناني والمضي قدماً في التخلف المنظم عن الدفع".
حتى أن بعض الأموال الأجنبية التي تحمل سندات لبنان تحث الحكومة اللبنانية المحاصرة على عدم السداد، كما أخبرت مصادر في تلك الصناديق موقع بلومبرغ.
وقال كريم بيطار مدير "كلنا إرادة": "إن الحكومة الجديدة تواجه ضغوطاً شديدة من بعض المصرفيين المحليين وحاملي السندات الأجانب".
وقالت الحسن إنها كانت "من الرأي الذي يقول إنه يجب ألا ندفع السند؛ يجب أن نعلن وقفاً ونبدأ على الفور التفاوض ،لأنه إذا استخدم [البنك المركزي] ما لديه من القليل، فمن المحتمل أن يكون ما تبقى كافياً حتى نهاية العام كحد أقصى لتغطية الوقود والقمح والدواء".
وقالت الصحيفة إن حكومة دياب قد تنقل الأمر إلى صندوق النقد الدولي وتطلب تقريره بشأن ما إذا كان ينبغي للبنان أن يدفع في آذار / مارس المقبل أم لا.
ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم