"فورين بوليسي" تنتقد تجميد المساعدات الأميركية للجيش اللبناني
بدلاً من مضاعفة دعمها للقوات المسلحة اللبنانية الأمر الذي من شأنه أن يعزز مؤسسات الدولة اللبنانية ويزيد من الضغط على حزب الله، فعل البيت الأبيض عكس ذلك بتجميد أكثر من 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية.
كتب بلال صعب مدير برنامج الأمن والدفاع في "معهد الشرق الأوسط" مقالة في مجلة "فورين بوليسي" الأميركية رأى فيها أن إدارة ترامب تضيّع فرصة كبيرة في الاستفادة من الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة في تاريخ لبنان إذ إنه وبدلاً من مضاعفة دعم الجيش اللبناني الذي من شأنها أن تعزز مؤسسات الدولة وفي الوقت نفسه يشكل ضغطاً على حزب الله، قام البيت الابيض بعكس ذلك من خلال تجميد مساعدات للجيش بقيمة تتجاوز 100 مليون دولار.
وقال صعب إن صاحب هذا القرار المثير للجدل هو مجلس الأمن القومي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي انتهى إلى توافق دائم بين الحزبين الأميركيين بشأن سياسة لبنان. ومع أن قرار البيت الأبيض هذا جريء، فإنه يجب أن لا يكون مفاجأة. يحاول موظفو مجلس الأمن القومي المسؤولون عن الشرق الأوسط بقوة إعادة استخدام برنامج المساعدة العسكرية في لبنان وتقليص حجمه لأكثر من عام. وقاد هذا الجهد مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، لكنه استمر على قدم وساق حتى بعد عزله من قبل ترامب في 10 أيلول / سبتمبر الماضي.
وعلى الرغم من أن مكتب الإدارة والميزانية لم يقدم أي سبب لتعليق التمويل، إلا أن قضية مجلس الأمن القومي يجب أن تكون مألوفة الآن: فهو يقول إن حزب الله يسيطر على الحكومة اللبنانية ويشكل تهديداً أمنياً لإسرائيل، وحتى يظهر الجيش اللبناني التزاماً أكثر بتحدي الحزب المتشدد"، فسوف تقل المساعدات العسكرية الأميركية.
وهناك حجة أخرى لتجميد المساعدات التي قد تكون ليس لها علاقة بلبنان. فمنذ توليه منصبه، فضل ترامب بشدة قطع المساعدات الأجنبية بشكل عام لأنه يعتقد أن الولايات المتحدة لا تحصل على ما يكفي من أموال من أصدقائها. حقق مجلس الأمن القومي رغبته من خلال وضع سياسة جديدة للمساعدة الخارجية تكون أكثر تقشفاً وأكثر توافقاً مع رؤية ترامب "أميركا أولاً". كمستفيد من المساعدات الأميركية، كان لبنان، مثل العديد من البلدان الأخرى، هدفاً لهذه اللتخفيضات - والآن أصبح الأمر تجميداً.
ليست أية من مخاوف مجلس الأمن القومي حول لبنان وحزب الله غير دقيقة أو غير معقولة. تتم مشاركة هذه المخاوف من قبل القيادة العليا في وزارتي الدفاع والخارجية والقيادة المركزية للقوات الأميركية. إذ يتمتع حزب الله، الذي يملك أسلحة وخبرة قتالية أكثر من الجيش اللبناني، بنفوذ هائل على السياسة في بيروت. إنه وحده الذي يقرر متى ستخوض البلاد الحرب أو تصنع السلام، وله رأي سائد في من سيصبح رئيساً ورئيسًا للوزراء.
لكن الخلاف في الحكومة الأميركية لم يكن حول التحدي الذي يمثله حزب الله لكل من لبنان والسياسة الأميركية. هذا واضح كلياً وضوح الشمس. بدلاً من ذلك، يتعلق الأمر بكيفية معالجة هذا التحدي بفعالية أكبر. ينظر البيت الأبيض إلى لبنان من خلال منظور ضيق لحملة "الضغط الأقصى" ضد إيران. ويبدو أن الاعتقاد بأن وقف المساعدات للجيش اللبناني سيجبر قيادته بطريقة ما على مواجهة حليف إيران الرئيسي، حزب الله. ليس هذا فقط بناءً على منطق خاطئ، ولكنه غير حكيم بشكل لا يصدق.
ليس لدى الجيش اللبناني الوسائل أو الميل أو السلطة لمواجهة حزب الله بالقوة. وكل ما يمكن القيام به هو الاستمرار في تقديم نفسه للمجتمع اللبناني كبديل موثوق به عن هذا التنظيم، وهي عملية طويلة الأجل. إن قيادة الجيش اللبناني تدرك أن أي محاولة لمواجهة حزب الله، والتي لم ينجح حتى الجيش الإسرائيلي العظيم في تحقيقها، ستؤدي إلى انشقاق الجيش على أسس طائفية واحتمال العودة إلى الحرب الأهلية.
إلا أن القوات المسلحة اللبنانية قد صدت حزب الله برفضها إخماد الاحتجاج، وهو ما كان يمثل رغبة الحزب طوال الوقت.. وقبل عامين، رفضت القوات المسلحة اللبنانية مخاوف حزب الله الغريبة بشأن قتال "داعش" على طول الحدود وقامت بعمل رائع لإجلاء عشرات الإرهابيين من البلاد.
يعمل الجيش اللبناني على أساس الإجماع السياسي، الذي ينهار حالياً بسبب الاحتجاجات المستمرة ضد الطبقة السياسية بأكملها في البلاد. ليس لدى الجيش سلطة مستقلة أو مجال مستقل للمناورة في بيئة لبنان المختلة وإن كانت ديمقراطية. هذا ليس الجيش المصري أو الجيش الباكستاني. إن اختيار إدارة ترامب لمعاقبة الجيش اللبناني، على الرغم من أنه كان شريكاً لا تشوبه شائبة في الحرب ضد تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، أمر محيّر. كما يضع هذا الإجراء واشنطن في موقف أضعف بكثير في جهودها لإقناع قائد الجيش اللبناني، الجنرال جوزيف عون، برفض عروض الدعم الروسية، التي هي بالفعل كثيرة.
ترجمة: الميادين نت