"counterpunch": بعد 10 سنوات سنودن بطل أكثر من أي وقت مضى
الإعلام الأميركي يُسلط الضوء على أهمية ما كشفه إدوارد سنودن، ويشير إلى أنّ سنودن حين قام بالتسريبات قبل 10 سنوات، قدّم خدمة "بطولية لإيقاظ الأميركيين وتنبيههم من حكومة بلادهم التي نهبت خصوصيتهم".
أكد مجلة "counterpunch" الأميركية، أنّ إدوارد سنودن قدم درساً عميقا للأميركيين حول ديمقراطيتهم، وكشف لهم أنّ برامج التجسس داخل الولايات المتحدة وخارجها لم تكن أبداً عن الإرهاب، ولا تتعلق سوى بالتجسس الاقتصادي، والسيطرة الاجتماعية، والتلاعب السياسي الخفي.، مؤكدةً إنّها أمور "صنعت كي تخدم السلطة لا أكثر".
فيما يلي النص المنقول إلى العربية:
في مثل هذا الأسبوع قبل 10 سنوات، بدأ إدوارد سنودن، صدم العالم بكشفه عن جرائم التجسس الفيدرالية على المواطنين الأميركيين. لكن، لسوء الحظ، فإنّ العديد من وسائل الإعلام التي نشرت تصريحاته عن المعلومات السرية، قد تجنبت قضيته منذ فترة طويلة، أو أنّها انضمت إلى التدافع المخزي والداعي إلى محاكمته.
قدم إدوارد سنودن، خدمة بطولية لإيقاظ الأميركيين وتنبيههم من حكومة بلادهم التي نهبت خصوصيتهم. وهو يستحق مكافأة لا أنّ ينفى إلى روسيا، ومن دون أي فرصة له في محاكمة عادلة إذا عاد إلى أميركا. مع ذلك، أعلن سنودن بشجاعة: "أفضل أن أكون بدون دولة على أن أكون بدون صوت".
أوضح سنودن حين قام بالتسريبات قبل 10 سنوات، أنّه ما كان ليسمح للحكومة الأميركية أنّ تُدمر الخصوصية وحرية الإنترنت والحريات الأساسية للأميركيين، ولكل الناس في جميع أنحاء العالم، عبر آلة مراقبة ضخمة وسرية جداً.
باراك أوباما رئيس التجسس الأميركي
حين فاز باراك أوباما، بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة في العام 2008 ، تعهد بمنع التنصت غير القانوني على مواطنيه. لكنّه ما لبث أنّ تجاهل الأمر، وعلى العكس شهدت فترة رئاسته الأولى نمواً هائلاً للمجموعات الرسمية لـ"الوكالات الأمنية".
بغض النظر عن شعار أوباما "الأمل والتغيير"، وبعد وقت قصير من تنصيبه رئيساً، أعلن المحلل في "وكالة الأمن القومي"، راسل تايس، أنّ الوكالة كانت تراقب اتصالات جميع الأميركيين، وشملت كل أنواعها، من الفاكس والمكالمات الهاتفية وحتى محفوظات الكومبيوتر الخاصة. وكشف تايس أيضاً أنّ "وكالة الأمن القومي" استهدفت الصحفيين ووكالات الأنباء. مع ذلك لم تهتم بتصريحات تايس، كما كان يفترض معظم وسائل الإعلام الأميركية.
في العام 2009، اعترفت "وكالة الأمن القومي"، بأنّها جمعت عن طريق الخطأ معلومات شخصية لأعداد كبيرة من الأميركيين. وذكرت صحيفة" نيويورك تايم"، أنّ "عدد الاتصالات الفردية التي تمّ التجسس عليها يصل إلى الملايين". لكنها لم تكن جريمة. لقد كان مجرد "جمع مفرط" غير مقصود للبيانات الشخصية للأميركيين والتي ستحتفظ بها وكالة الأمن القومي لمدة (على الأقل) لمدة خمس سنوات.
وفي عام 2010، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أنّه في كل يوم تقوم أنظمة جمع المعلومات في "وكالة الأمن القومي" باعتراض وتخزين 1.7 مليار بريد إلكتروني ومكالمات هاتفية وأنواع أخرى من الاتصالات. وفي عام 2011، وسعت "وكالة الأمن القومي" برنامجاً لتوفير معلومات الموقع في الوقت الفعلي لكل أميركي لديه هاتف محمول، والحصول على أكثر من مليار وثيقة صوتية في كل يوم.
كل هذا،لم يخفف من تصوير أوباما على أنّه منقذ الحريات المدنية الأميركية، مع أنّه كرس قوانين المراقبة والتجسس التي صيغت في عهد جورج بوش الأبن، عبر الطلب من المحاكم الأميركية برفض أي دعوى بشأن المراقبة، بحجة أنّ لا أحد من المدعين يملك وثيقة تؤكد التنصت على مكالماته.
وكانت وزارة العدل الأميركية، أصدرت مرسوماً سرياً، ينص على أنّ جميع سجلات هواتف كل الأميركيين "ذات صلة" بتحقيقات "مكافحة الإرهاب"، وبالتالي يمكن لـ"وكالة الأمن القومي" الاستيلاء على البيانات الشخصية للجميع بشكل قانوني. ولم يفضح هذه العمليات إلا حين بدأت الصحف في جميع أنحاء العالم في نشر الوثائق السرية التي سربها إدوارد سنودن، حيث عرف الأميركيون أنّ "وكالة الأمن القومي"، يمكنها التنصت على جميع الأجهزة الإلكترونية، حيث يتم تخزين مئات الملايين من السجلات للمواطنين.
وكشف سنودن كيف نفذت "وكالة الأمن القومي" الأميركي، أهم توسيع في تاريخ التجسس من مراقبة للأفراد إلى مراقبة جماعية لشعوب بأكملها. ولهذا الغرض أنشأت الوكالة المذكورة، حافظة تستوعب 20 مليار محادثة أو تواصل يومياً، وتقديم المهم منها إلى محللي وكالة الأمن القومي في غضون 60 دقيقة.
بررت إدارة باراك أوباما، عمليات المراقبة والتجسس بأنّها مجرد وسيلة أمنية ناجعة، ولا تعني بطريقة ما أننا تخلينا عن الحرية. وفي "الكابيتول هيل"، تراوحت الاستجابة لإفصاحات سنودن، من الخواء إلى المراوغة. وأعلن رئيس مجلس النواب جون بينر حينها، أنّ هذه البرامج تضمن عدم التجسس على أي أميركي بأي شكل من الأشكال، إلا إذا كان على اتصال ببعض الإرهابيين في مكان ما حول العالم. كذلك ندد نواب آخرون في بسنودن ووصفوه بأنّه "خائن".
سعى أوباما، إلى نزع فتيل الجدل من خلال تشكيل لجنة تحقيق كان يتوقع أن تبرر أعماله التجسسية. لكن اللجنة ذكرت أنّه لم تكن هناك ولو حالة واحدة من جمع البيانات ضروريّة لوقف هجوم إرهابي، ولم تخدم غرضاً مفيداً على الاطلاق. كما حذر تقرير اللجنة المذكورة المواطنيين الأميركيين من الثقة العمياء بمسؤولي الحكومة.
قدم إدوارد سنودن درساً عميقا للأميركين حول ديمقراطيتهم، وكشف لهم أنّ برامج التجسس داخل الولايات المتحدة وخارجها لم تكن أبداً عن الإرهاب، ولا تتعلق سوى بالتجسس الاقتصادي، والسيطرة الاجتماعية، والتلاعب السياسي الخفي. إنّها أمور صنعت كي تخدم السلطة لا أكثر.
على الأميركيين أنّ لا يتوهموا في أنّ اقتحام السلطات الأمنية لخصوصيتهم سيكونون أكثر أماناً، وفي حال قام السياسيون بجرّ الولايات المتحدة إلى حرب كبرى، فإنّ إبقاء الفم مغلقاً لن يحمي أصحابه من الصواريخ القادمة.
نقله إلى العربية: حسين قطايا