"نيويورك تايمز": المانحون الديمقراطيون يقطعون الطريق على بايدن
يحاول العديد من المانحين الديمقراطيين الأثرياء الضغط على جو بايدن للتنحّي عن قمة لائحة المرشّحين عن الحزب الديمقراطي، ووضع رؤية لاختيار مرشّح بديل.
صحيفة "نيويورك تايمز" تنشر تقريراً تتحدّث فيه عن خطط يضعها كبار المانحين الديمقراطيين لجعل بايدن ينسحب من السباق الرئاسي.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
بعد الامتعاض والتذمّر الهادئ، والأمل في أن يتخلى الرئيس بايدن من تلقاء نفسه عن الترشّح لولاية ثانية، يحاول العديد من المانحين الديمقراطيين الأثرياء إدارة الأمر، باستخدام ثرواتهم للضغط على جو بايدن للتنحّي عن قمة لائحة المرشّحين عن الحزب الديمقراطي، والمشاركة في وضع الرؤية لاختيار مرشح بديل.
وتكشف هذه الجهود وبعضها منسّق، وبعضها متضارب والآخر لا يزال أوّلياً، عن صدع ملحوظ ومتزايد بين فئة المساهمين في الحزب وحاملي لوائه، وهو ما قد يؤثر على سباقات التصويت في صناديق الاقتراع الأخرى، سواء أكان المانحون يؤثرون على قرار بايدن أم لا.
مع ذلك، يؤكد الرئيس جو بايدن أنه ماضٍ في السباق الانتخابي وسط انتقادات لأدائه الضعيف في المناظرة الأولى ضد دونالد ترامب، مما يزيد من قلق المانحين الكبار وخشيتهم من أنّ بايدن لا يستطيع الفوز في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وينشط المانحون في مبادرات متنوّعة للوصول إلى هدفهم، منهم "لجنة العمل السياسي للجيل القادم"، يريدون استخدام ما يصل إلى 100 مليون دولار من صندوق احتياطي للديمقراطيين، لدعم مرشح بديل. وإذا لم يتنحَ بايدن، فيمكن استخدام الأموال للمساعدة في دعم عدد من المرشحين بحسب ما يقوله بعض المقرّبين من هذه الجهود.
على هذا، يتنافس البدلاء المحتملون كي يحظوا بتزكية كخليفة مفضّل مكان نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس نفسه، في وقت تهدّد فيه مجموعة أخرى من المانحين بحجب التبرعات ليس فقط عن حملة بايدن ولكن أيضاً عن مجموعات ديمقراطية أخرى ما لم يتراجع بايدن عن الترشّح.
كذلك، هناك حركة منفصلة توجّه الأموال إلى المرشحين للمناصب الأدنى، وتحثّهم على الضغط بكل المستويات وبشكل علني على بايدن للانسحاب. وكان أحد كبار المانحين ريد هاستينغز، قد كرّر دعواته العلنية للرئيس بايدن كي يستقيل. وتبعه جديون شتاين، وهو متبرع وناشط يتمتع بعلاقات عميقة في الحزب الديمقراطي، عن أنّ عائلته ستمنع 3.5 ملايين دولار من التبرعات المخطط لها للمنظمات غير الربحية والمنظمات السياسية النشطة في السباق الرئاسي ما لم يتنحَ بايدن. وقال إنّ كل متبرّع رئيسي تحدّث معه تقريباً يعتقد أنّ "الحصول على تذكرة جديدة هو في مصلحة هزيمة دونالد ترامب".
من جانب آخر، صرّحت أبيغيل إي ديزني، صانعة الأفلام ووريثة ثروة ديزني، في تبادل رسائل بالبريد الإلكتروني، أنّ حملة بايدن واللجان الداعمة لها بما في ذلك اللجنة الوطنية الديمقراطية ولجان العمل السياسي والمنظمات غير الربحية، "لن تتلقّى سنتاً مني حتى يستبدلوا بايدن بآخر". وأضافت المانحة الديمقراطية الكبيرة، أنّ "بايدن رجل طيب خدم بلاده جيداً، لكن المخاطر عالية جداً للسماح له بتحديد مسارنا المستقبلي بداعي الخجل منه".
كذلك، نشر دامون ليندلوف، المنتج الهوليوودي الذي تبرّع بأكثر من 115 ألف دولار للديمقراطيين في هذه الدورة الانتخابية خلال حملة تبرعات لبايدن في هوليوود الشهر الماضي، مقالاً في موقع "ديدلاين"، يحثّ فيه المانحين من زملائه المؤثّرين على أن لا يتبرّعوا لأي مرشّح حتى تتضح الرؤية وينسحب بايدن.
تتصاعد حملة الضغط المالي في الوقت الذي يسعى فيه بايدن وفريقه إلى طمأنة المانحين والمسؤولين الديمقراطيين، الذين باتوا يدركون أنّ الأيام المقبلة ستكون حاسمة، وقد يكونون غير قادرين على إنقاذ ترشيح جو بايدن لولاية رئاسية ثانية.
كذلك ينخرط بعض كبار المانحين الديمقراطيين في تحضير البنية التحتية المالية لحملة ما بعد بايدن، لكن لم يتخلّ كل المانحين الكبار عن حملة بايدن كلياً. لكن إذا مضى في ترشّحه فقد يؤدي ذلك إلى مأزق دراماتيكي مع الشريحة الأوسع من هؤلاء خاصة حين تشتدّ الحاجة إلى الأموال في مراحل السباق الرئاسي الأخيرة التي تتطلّب إنفاقاً ضخماً. وفي وقت تفوّق بايدن بفارق ضئيل على دونالد ترامب في جمع التبرّعات الشهر الماضي، فمن غير الواضح ما إذا كان قد محا الميزة المالية التي كان تمتع بها ترامب وحزبه على بايدن والديمقراطيين في بداية شهر حزيران/يونيو الفائت.
وكان الارتفاع في التبرّعات لحملة بايدن بعد المناظرة مدفوعاً في الغالب بالتبرعات عبر الإنترنت، والتي تأتي من المانحين الصغار، في وقت لم يقفز فيه بعض كبار المانحين من سفينة بايدن بعد، ولو كانوا يريدون مرشحاً غير بايدن لكنهم يزاولون توقيع الشيكات المصرفية على مضض.
ومع ذلك، يشعر بعض الديمقراطيين بالقلق إزاء معدل جمع الأموال الآن، خاصة وأنّ الرئيس بايدن لن يشارك في أي فعّالية لجمع التبرّعات حتى موعد المهرجان الانتخابي في مدينة دنفر عاصمة ولاية كولورادو نهاية الشهر الجاري.
من جانبه شجّع جيمس كارفيل الاستراتيجي الديمقراطي المخضرم، على رفض دعوات جمع التبرعات من جانب الحملات الديمقراطية، لأنّ الموقف الحالي يختلف عن الحملات السابقة، حين كان المتبرعون يترددون قليلاً، ثم "يجلسون ويستمعون ويدوّنون الملاحظات ثم يقولون نعم ويتبرّعون بالأموال، وكأن كل شيء على ما يرام".
من جانب آخر، يلتزم بعض المانحين الكبار بالصمت إزاء مسألة انسحاب بايدن، خشية أن يظهروا كمنخرطين في انقلاب يدعمونه بالأموال، لذلك يصبّون تبرعاتهم لصالح مرشحي الكونغرس والمناصب المحلية والفيدرالية والمناصب الحكومية الأخرى، وبذلك يحمون أنفسهم من الأضرار التي قد تنجم عن الفوضى بين الدعوات لانسحاب بايدن في مقابل إصراره على الاستمرار.
وقال أندرو إي بيك، وهو مسؤول مالي متقاعد تبرّع بأكثر من 100 ألف دولار لحملة بايدن ولائحة الديمقراطيين، "علينا الاستمرار في تمويل الآلة"، لكنه وقّع على بيان صدر هذا الأسبوع من قبل مجموعة متحالفة من رجال الأعمال يحثّ جو بايدن على التنحّي من السباق، ودعا بشكل خاص لإقناع المسؤولين المنتخبين الديمقراطيين بدعوة علناً إلى هذا الأمر.
ولكن من بين كلّ الجهود التي يبذلها الديمقراطيون الأثرياء، ربما لا يوجد منها ما هو طموح مثل مجموعة العمل السياسي للجيل القادم، التي تخطّط لإنشاء حساب احتياطي لدعم خليفة بايدن على رأس القائمة الديمقراطية. ووفقاً لأربعة أشخاص مطلعين على المحادثات، اكتسبت مقترحات متعددة لتخصيص بعض الأموال لمرشح ديمقراطي غير جو بايدن ومن بين القادة في "وول ستريت" أو في "وادي السيليكون".
ويقود جهود لجنة العمل السياسي الجديدة مايك نوفوغراتز، ملياردير العملات المشفّرة الذي دعم دين فيليبس في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي؛ ومساعديه؛ وصانع الأفلام الهوليوودي أندرو جاريكي، وفقاً لمطلعين على الخطة، مع الدعم المحتمل من مشروع حركة الناخبين أنها تسعى إلى جمع تبرّعات ما بين 50 مليوناً إلى 100 مليون دولار ، لكنها لا تخطط للبدء رسمياً بذلك حتى يتمّ جمع بعض الأموال من مجموعات أخرى.
وتعتزم هذه المجموعة التي لا تدعم بايدن، الاحتفاظ بالأموال حتى يتنحّى عن الترشّح، وفقاً للمواد التي تم توزيعها على المانحين والتي راجعتها صحيفة "نيويورك تايمز"، فإذا غادر بايدن، فإنّ لجنة العمل السياسي ستنفق الأموال على الإعلانات للمرشح الجديد وضد ترامب. وتقول المجموعة إنه إذا ظل بايدن مرشحاً، فإنها ستنفق الأموال من خلال مساعدة الديمقراطيين الآخرين. وبحسب أحد المصادر، قام فريق بايدن بعد علمه بهذا المشروع السري بمحاولة إقناع بعض المشاركين فيه بالخروج منه، لكن أحداً لم يتجاوب مع هذه الجهود.
قد تعود بعض هذه الجهود بالنفع على نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي تواجه تشكّكاً من جانب بعض المانحين الرئيسيين، ولكن مجموعات أخرى من المانحين الكبار جداً يعملون على تعزيز فرصتها. وإذا تخلى بايدن عن حملته فمن المرجح استبداله بنائبته لتصبح رئيسته.
كذلك، يواصل مقرّبون من هاريس مع قادة أعمال مؤثرين لتقييم الطريقة التي يمكنها من خلالها بناء قاعدة المانحين الخاصة بها، وإذا تنحّى بايدن وحلّت محلّه، سترث أموال الحملة، التي بلغت 212 مليون دولار في بداية الشهر الماضي.
مع ذلك، هناك عدد قليل من أنصار هاريس على استعداد للتحدّث علناً بهذا الشأن الآن، وحده ريموند جيه ماكغواير، رئيس شركة لازارد المالية، قال عن هاريس إنها "قادرة بشكل فريد على جمع هذه الأمة معاً من خلال تجاوز كل الانقسامات".
نقله إلى العربية: حسين قطايا