"فورين أفيرز": لماذا لا تخاف الصين من ترامب؟
قد تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، لكن عزلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ستساعد بكين.
مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر تقريراً مطولاً للكاتب الصيني يان شويتونغ، تحدث فيه عن مستقبل العلاقات بين الصين والولايات المتحدة مع تبدل إدارة الأخيرة، ورئاسة دونالد ترامب الثانية.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف:
لطالما انتقد دونالد ترامب الصين، واتّهمها بالوقوف خلف المشكلات جميعها في الولايات المتّحدة، إذ يرى أن العجز التجاري "المؤسف" بين البلدين لصالح الصين، يؤهّلها لتفريغ قلب الصناعة الأميركية. كذلك، كان ترامب قد أصرّ في السابق على أنّ انتشار جائحة كورونا كان خطأ الصين. ومؤخّراً، اتهمها بـ "مهاجمة" الولايات المتّحدة بالموادّ المخدّرة. وخلال حملته الانتخابية، أظهر ترامب الصين كعدوّ متوحّش، لا يمكن لأحد إخضاعه سواه. وفي فترة ولايته الرئاسية الأولى، بدّل ترامب من السياسة الأميركية رأساً على عقب، وأطلق حرباً تجارية ضدّ الصين منهيّاً عقوداً من استقرار العلاقات بين البلدين. وبينما يستعدّ ترامْب لتسلم ولايته الرئاسية الثانية، تشير تعييناته الوزارية وتصاريحه إِلى أنّه سيضاعف من النهج المتشدّد تجاه الصين، ما قد يؤدّي إلى تعقيد العلاقة بين الطرفين.
ومع ذلك، لا ينظر قادة الصين إلى ترامب بخوف. لقد تعلّموا الكثير من فترة ولايته الأولى. وهم مستعدون لميل ترامب نحو سياسة الحمائية الاقتصادية، التي ستزيد الخلافات والتوترات بين البلدين، في وقت تعتقد بكين أنها تستطيع تجاوز مثل هذه المواجهات. كذلك، إن الشكوك حول التزام ترامب تجاه حلفاء الولايات المتحدة سيشجّع الدول الأخرى على تعدد رهاناتها، وتعويض عدم القدرة على التنبؤ باتجاهات واشنطن بشد أواصر العلاقات مع بكين.
إضافة إلى ذلك، أظهر ترامب براغماتية في السياسة الخارجية بعيدة عن الالتزامات الأيديولوجية العميقة، ما يخفض من احتمال الصدام العسكري مع الصين. ومن غير المرجح أن تأخذ المنافسة بين البلدين أبعاداً تحوّل الحرب الباردة بينهما إلى أخرى ساخنة. والرئيس المنتخب دونالد ترامب لا يريد التورط في الحروب، ويفضل التركيز على الإصلاحات الداخلية وخطط لاحتواء الصين، لكن القادة في بكين لا يخشون عودته.
بكين لا يزعجها ترامب
لا تعتقد بكين أنّ لنتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2024 في الولايات المتّحدة تأثيراً كبيراً على المسار العامّ لسياسة واشنطن تجاهها. بغضّ النظر عمّن هو الرئيس في البيت الأبيض، فإنه سيحظى بدعم الحزبين الديمقراطي والجمهوري، كي ينظر إلى الصين على أنّها تهديد للهيمنة العالمية للولايات المتحدة، وسيواصل محاولة احتوائها. بالطبع، لن يبقى كلّ شيء كما هو من إدارة إلى أخرى. وفي فترة ولايته الثانية، لن تختلف سياسة ترامب تجاه الصين عن سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن فحسب، بل ستختلف أيضاً عن سياسة ولايته الأولى. على سبيل المثال، عيّن ترامب معظم أعضاء فريقه الحكومي في السياسة الخارجية والأمن القومي من المتطرفين اليمينيين ومعظمهم لا يتجاوز عمره الـ 50 عاماً، على عكس ما فعل في ولايته الأولى في عام 2016، حيث كان العديد من المسؤولين من السلك العسكري المنتمين إلى ثقافة زمن "الحرب الباردة"، لا إلى مرحلة الشراكة الإستراتيجية بين بكين وواشنطن.
جاءت اختيارات ترامب لفريقه في وقت يشهد صعود الصين النيزكي على المسرح العالمي، وهم يرونها التهديد الرئيسي للولايات المتّحدة، ويفضّلون سياسات أكثر تطرّفاً وقسرية لقمع تقدّم الصين.
لكن، هذا النهج المتشدّد قد لا يعمل بشكل جيّد في ظل المتغيّرات في السياقات الجيوسياسية الكبيرة منذ ولاية ترامب الأولى حين دخل البيت الأبيض في عام 2017، وكان اعتقاد معظم الدول أنّه سيتصرف في منصبه مثل أيّ زعيم تقليديّ وصانع قرار معتدل وعقلاني في الاقتصاد. وكان حلفاء الولايات المتّحدة الأساسيون يأملون أن يلتزم ترامب بأمنهم، في وقت دعت بكين ترامب إلى زيارة الصين في السنة الأولى من ولايته. كذلك، وعلى الرغم من معارضة واشنطن لضمّ روسيا إلى شبه جزيرة القرم عام 2014، دعا الكرملين ترامب في عام 2017 إلى المشاركة في الاحتفال السنوي لذكرى النصر الروسي في الحرب العالمية الثانية.
الآن، يحرص معظم قادة الدول على حماية بلدانهم من حالة عدم اليقين من ولاية ترامب الثانية. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا ترامب إلى باريس في مطلع الشهر الجاري، بنيّة التأكيد للرئيس المنتخب أنّ الأوروبّيين سيكونون صانعي القرار الأساسي المتعلّق بشؤون أمن القارّة. كذلك، تشعر ألمانيا واليابان بالقلق من أنّ ترامب سيطالب بمزيد من المدفوعات المالية لضمان الوجود العسكري الأميركي في بلديهما. وتخشى الحكومة المؤقّتة في كوريا الجنوبية من أن يستغلّ ترامب افتقارها إلى السلطة لجني المكاسب الاقتصادية منها. لكن، على ترامب أن يتصارع مع حقيقة أنّ روسيا والولايات المتّحدة تقفان على طرفي نقيض في الحرب في أوكرانيا، وأنّ دعم واشنطن الثابت والمساعدات العسكرية للحرب الإسرائيلية الوحشية على غزّة، والتي يعدّها الكثيرون في العالم إبادة جماعية للفلسطينيين، يكشف نفاق مزاعم الولايات المتّحدة بالدفاع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان.
منذ أن تولّى ترامب منصبه قبل 8 سنوات، أصبحت بكين أكثر مهارة في إدارة المنافسة مع واشنطن. ويمكن القول إنّ هذه المنافسة بدأت بشكل جدّي في عام 2010 عندما شرع الرئيس الأميركي باراك أوباما في تنظيم "محور آسيا" لتطويق الصين. لكنّ بكين اجتازت الاستراتيجيات المختلفة لإدارات أوباما وترامب وبايدن في محاولتهم احتواءها، بالتعاون مع عدة أطراف، بينما اتّخذ ترامب مساراً أحادي الجانب للهدف عينه. بناءً على هذه التجربة، لا ينزعج القادة الصينيون من ولاية ترامب الرئاسية الثانية، وقد أعلنوا عن إرشادات استراتيجية حول كيفية التعامل مع سياسات الرئيس المنتخب المحتملة تجاه الصين في الشهر الماضي. ووفقاً لوثيقة نشرتها القنصلية العامّة للصين في مدينة لوس أنجلوس الأميركية قبل نحو شهرين، أنّ بكين "ستلتزم بالاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين الأميركي والصيني". وهذا يعني أنّ "تبادل الاحترام" بالنسبة إلى الصين لا يفقدها قدرتها على الانتقام من أيّ إجراءات استفزازية يتخذها ترامب ضدّها. و"التعايش السلمي" يعني أنّ الصين ستسعى إلى حوار ترامب حول إدارة الخلافات والصراعات لتحقيق الاستقرار في العلاقات الثنائية.
الاضطرابات في المستقبل
يبدو أنّ ترامب عازم على المضيّ في الحمائية الاقتصادية في فترة ولايته الثانية، خصوصاً في وجه الصين. وأشار إلى أنّه قد يفرض المزيد من الرسوم الجمركية على السلع المستوردة منها، والمزيد من القيود على الاستثمار الأميركي في الصين، وكذلك على رأس المال الصيني في سوق الأسهم الأميركية، وقيود كبيرة على التعاون التكنولوجي، ويقلّل من عدد الطلّاب الصينيين الذين يدرسون في الولايات المتّحدة. وحتماً ستؤدّي هذه السياسات طبيعيّاً إلى مزيد من الاحتكاك بين بكين وواشنطن.
كانت إدارة بايدن قد مدّدت التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على المنتجات الصينية خلال فترة ولايته الأولى، لكنّها ركّزت بشكل رئيسي على استبعاد الصين من سلاسل التوريد التكنولوجية، ولم يسعَ بايدن إلى فصل الاقتصاد الأميركي عن الصين بشكل شامل، واستمرّت التجارة في عهده في القطاعات الأخرى حتّى مع توقّف التعاون في التكنولوجيا المتطوّرة.
من المرجّح أن يضغط ترامب بقوة أكبر من أجل تقليل الحصّة السوقية للمنتجات الصينية في الولايات المتّحِدة إلى حدّ بعيد، بما في ذلك السلع التي تجمع خارج الصين، ولكنها تعتمد على الاستثمارات والمكوّنات الصينية، ومن المرجّح أن تنتقم بكين من كلّ ذلك، وقد تدفع ديناميكية الحرب التجارية المحتدمة بين القوّتين إلى ذروة جديدة مع عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي، حيث تتدافع العديد من الدول الأخرى لتبني سياسات حمائية خاصّة بها.
بعد تصعيد ترامب الحرب التجارية مع الصين، من المرجّح أن تزيد إدارته الضغط العسكري على بكين، على منوال مواجهة خصومه، حين يلجأ في كثير من الأحيان إلى تكتيكات البلطجة مثل تهديده بمهاجمة كوريا الشمالية بالنيران، بعد أن اختبرت بيونغ يانغ صواريخ متوسّطة المدى في عام 2017. ويعدّ كلّ من ماركو روبيو مرشّح ترامب لمنصب وزير الخارجية وبيت هيجسيث المرشّح لمنصب وزير الدفاع، من تيّار الصقور ضدّ الصين، وإذا وافق مجلس الشيوخ على ترشيحهما، فقد يشجّعان ميل ترامب إلى الخداع عندما تسعى الولايات المتّحدة إلى معالجة التوتّرات العسكرية مع بكين، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالقضايا البحرية في بحر الصين الجنوبي والصراعات حول تايوان. من خلال الخطاب العدواني والإجراءات المتهوّرة، قد تثير واشنطن أزمات مماثلة لتلك التي أعقبت زيارة رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي لتايوان في عام 2022، حينها ردّت الصين على الاستفزاز الأميركي بتكثيف نشاطها العسكري في مضيق تايوان وحوله.
لن يكون مفاجئاً إذا انتهى الأمر بترامب أو مسؤوليه إلى إثارة حوادث مماثلة والتسبّب في تسخين التوتّرات بين البلدين.
خلال فترة إدارة أوباما، كان هناك أكثر من 90 قناة رسمية للحوار بين الحكومتين، ومن شبه المؤكّد أنّ ولاية ترامب الثانية سيكون لها تأثير مخيف على هذه الحوارات الرسمية بين بكين وواشنطن. وقد يغلق ترامب ما يقرب من 20 قناة مع الصين التي أنشأتها إدارة بايدن، وقد يستبدلها بقنوات جديدة تحت إشرافه المباشر عوضاً عن بيروقراطيين رفيعي المستوى. لكنّ الصين ستتوخّى الحذر الشديد عند التواصل مع ترامب، حيث لا يزال القادة يتذكرون كيف أدّت زيارة ترامب إلى بكين في العام 2017 إلى تدهور حادّ في العلاقات الثنائية في الشهر التالي عندما نفت واشنطن وضع الصين كدولة نامية في منظّمة التجارة العالمية.
وبعيداً من السجال بين الحكومات، يمكن أن ينمو العداء بين الصين والولايات المتّحدة على المستوى المجتمعي، حيث تكتسب الشعبوية قوّة في كلا البلدين، ما يؤجّج نيران الصراع. وإذا استمرّ ترامب في تهديده باستهداف الصين بتدابير اقتصادية، وانخرط في المزيد من قعقعة السيوف، فإنّ التوتر السياسي سيشجّع حتماً العداء بين شعبيهما.
لنضع في الاعتبار الفروقات
قد تفيد رئاسة ترامب الصين بعدّة طرق، بغضّ النظر عن التصعيد والضغوطات المتوقّعَة. على سبيل المثال، قد يؤدّي عدم اهتمام ترامب النسبي بالقضايا الأيديولوجية إلى تليين بعض حوافز التنافس مع بكين. مع تركيزه بقوّة على المحصلة النهائية، ومن دون مزاعم الدفاع عن حقوق الإنسان التي لا تهمّ ترامب أبداً، وليس لديه مصلحة في تشكيل النظام السياسي الصيني ليتوافق مع نظيره الغربي، وبالتالي من غير المرجّح أن يكون حريصاً على التدخّل في الشؤون الداخلية للصين. ليس لدى بكين أيّ خطّة لنشر أيديولوجيتها دوليّاً أيضاً، حيث يركّز "الحزب الشيوعي الصيني" على الحفاظ على الاستقرار السياسي في الداخل. قد تزداد الصراعات الاقتصادية والاستراتيجية بين بكين وواشنطن خلال فترة ولاية ترامب الثانية، لكنّها لن تتصاعد إلى صراعات أيديولوجية تضع الدولتين على مسار تصادم مباشر.
قد تدفع انعزالية ترامب السياسية مع الحمائية الاقتصادية بالولايات المتّحدة إلى تقليل استثماراتها في أمن الحلفاء التقليديين، الذين لطالما وبّخهم الرئيس المنتخب لارتدائهم معاطف القوّة الأميركية السخية. وقد تؤدّي هذه الشكاوى بحلفاء الولايات المتّحدة بين دول أوروبا شرق آسيا، إلى رؤية مزايا التحوّط بين الصين والولايات المتّحدة. ولننظر على سبيل المثال إلى سنغافورة في عام 2010، مع تنامي المنافسة بين الولايات المتّحدة والصين، تبنّت سنغافورة استراتيجية التحوّط بين القوّتين العظميين. اتكأت على علاقاتها الاقتصادية مع الصين، بينما اعتمدت على الولايات المتّحدة في الأمن، ثمّ حذت العديد من الدول الأخرى حذوها، من ضمنها اليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتّحدة والدول الأعضاء الأخرى في رابطة دول جنوب شرق آسيا.
منذ عام 2022، هزّت الحرب في أوكرانيا العديد من الدول الغربية، وأجبرتها على الاصطفاف بشكل أوثق مع الولايات المتّحدة. ولكن، إذا خفض ترامب المساعدات العسكرية لكييف، كما تعهّد في حملته الانتخابية، فقد تتضاءل الثقة بالوعود الأمنية الأميركية. ولدعم اقتصاداتها حتّى تتمكّن من دعم المجهود الحربي الأوكراني بشكل أفضل، قد تصبح الدول الأوروبّية أكثر قرباً مع الصين التي سترى بذلك فرصاً جديدة لبناء تعاون اقتصادي مع حلفاء الولايات المتّحدة التقليديين. يرى ترامب نفسه أيضاً صانع سلام ويودّ أن يكون قادراً على القول إنّه أنهى الحرب في أوكرانيا. يمكن للصين أن تؤدّي دوراً بناءً في مساعدة ترامب على تحقيق هذا الهدف. الحرب ليس لها سوى عواقب سلبية على الاقتصاد الصيني، وستكون بكين سعيدة برؤية السلام يتحقّق خاصّة وأنها تتمتّع بعلاقة وثيقة مع روسيا، ويمكنها المساهمة مع ترامب لإيجاد اتّفاق سلام فعّال.
سيسعى ترامب أيضاً إلى تجنّب الصراع العلني مع الصين، بغضّ النظر عن خطابه الحادّ. كانت قضية استقلال تايوان، وستظلّ مصدراً للاحتكاك بين بكين وواشنطن، لكن من غير المرجّح أن تخوض الصين والولايات المتّحدة حرباً لأجلها. وفي فترة ترامب الرئاسية المقبلة، سوف يُشغل اهتمام بكين بشكل كبير بمهمّة إنعاش اقتصاد البلاد المتباطئ. كذلك الصين، ليست على وشك وضع جدول زمني لإعادة التوحيد مع تايوان، وما يهمّها في المقام الأول هو نموّ ناتجها المحلّي الإجمالي. من جانبه، يريد ترامب أن يسجّل اسمه في التاريخ كواحد من أعظم رؤساء الولايات المتّحدة، على قدم المساواة مع أمثال جورج واشنطن وأبراهام لنكولن. وتحقيقاً لهذه الغاية، سيركّز على الإصلاحات المحلّية وبناء اقتصاد قويّ في الداخل. لن يرغب في التورّط في مسألة تايوان والمخاطرة بالدخول في حرب بين القوى العظمى في نهاية المطاف، وهو فخور جداً بعدم بدء أيّ حرب خلال فترة ولاية رئاسته الأولى.
إنّ الذين يتوقّعون حرباً باردة مظلمة بين الصين والولايات المتّحدة في عهد ترامب مضلّلون. فتنافس الولايات المتّحدة مع الصين ليس عقائديّاً، كما كانت الحال مع الاتّحاد السوفياتي، وإنّما المواجهة تدور حول التكنولوجيا. ففي العصر الرقمي، يعتمد الأمن والازدهار بشكل كبير على التقدّم التقني في الابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي والتنافس على الأسواق وسلاسل التوريد الإستراتيجية. ولن تسعى الولايات المتّحدة، خصوصاً في عهد ترامب، لتصدير عقيدتها السياسية إلى الخارج، كما حصل حين استخدم الاتحاد السوفياتي والولايات المتّحدة الحروب بالوكالة لنشر عقائدهما الشيوعية والرأسمالية. ولا يزال جنوب الكرة الأرضية، يشعر بأصداء الدمار والاضطرابات التي أطلقتها هذه الحروب في جميع أنحاء العالم. والصراعات بالوكالة بين القوى العظمى اليوم لا تخدم سوى القليل من الأغراض. وليس لدى بكين مصلحة في تغيير أيديولوجية بلد آخر. وبالمثل، ليس لدى ترامب مصلحة في نشر القيم الأميركية، ويرى الحرب في أوكرانيا بأنها حرب بالوكالة ضدّ روسيا، ولا يوجد سبب يجعله يشعل حرباً مماثلة ضدّ الصين عبر مضيق تايوان، أو في بحر الصين الجنوبي. فالصين لديها موارد اقتصادية وعسكرية أكثر بكثير من روسيا.
نقله إلى العربية: حسين قطايا