"حرييت": كواليس زيارة إردوغان إلى العراق
تتطور العلاقات التركية العراقية في اتجاه إيجابي، وهي في طريقها لتصبح نموذجاً إقليمياً. وقد وصف وزير الخارجية هاكان فيدان هذه العلاقات بأنها "رؤية التنمية الإقليمية".
تواكب صحيفة "حرييت" التركية زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان إلى العراق، ويحاول الصحافي عبد القادر سلوي، المرافق للرئيس التركي في زيارته، في مقاله الإضاءة على الملفات التي ستتضمنها الزيارة، وكيف سيستفيد البلدان من المباحثات.
فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
عندما تقرأون كلامي هذا سأكون أنا بصحبة الرئيس إردوغان في العراق. لقد شاهدت العراق مرتين، حيث إني أعرف بغداد قبل تعرضها للاحتلال الأميركي كما أعرفها بعد الاحتلال، كما أنني زرت العراق قبل عهد صدام حسين وبعده. وكنتُ قد حضرت قمة عربية انعقدت في بغداد عندما كان صدام حسين في ذروة قوته، وكانت بغداد التي أحلم بها في أبهى حلة حينها. ولما زرتها بعد الاحتلال الأميركي شعرت بآلام الحرب.
لم أستطع تمالك دموعي حين خرجتُ من الخط الأخضر ورأيت الأحياء الشيعية والسنية محاطة بسياج من الأسلاك الشائكة، والشوارع التي تجوبها دوريات بآليات مكشوفة تقل عناصر مسلحة، حيث بدت لي بغداد كغزال جريح مغشي عليه. فكانت بغداد خير مدينة علمتني معنى الاحتلال الأميركي والحرب الأهلية.
نموذج التنمية الإقليمية
تتطور العلاقات التركية العراقية في اتجاه إيجابي، وهي في طريقها لتصبح نموذجاً إقليمياً. وقد وصف وزير الخارجية هاكان فيدان هذه العلاقات بأنها "رؤية التنمية الإقليمية".
لن يتباحث الجانبان حول مكافحة الإرهاب فحسب؛ بل سيتحركان وفق رؤية إقليمية مبنية على التنمية المشتركة. لذا فإن الوفد المرافق لإردوغان لا يتكون من المسؤولين عن الأمن والدبلوماسية فقط.
سيتم إنشاء لجان مشتركة بين تركيا والعراق في مجالات التجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل. وسيكون على رأس هذه اللجان وزراء بشكل متبادل من الطرفين. فالهدف هو التوصل إلى حالة من الرفاهية والتنمية المشتركة في منطقتنا التي تعاني من الإرهاب والحروب الأهلية. وإذا نجحت هذه الرؤية بين تركيا والعراق، فستكون الخطوة التالية ضمَّ إيران إليها، وأعتقد أن تعاون إيران سيزيد من نجاح هذه الرؤية.
طريق التنمية
إن مشروع "طريق التنمية" من أهم المحاور التي ستدور حولها المباحثات التركية العراقية، فطريق التنمية يبدأ من ميناء الفاو الكبير بالبصرة ويصل إلى الحدود التركية ومنها إلى أوروبا، وقد أبدت الإمارات العربية المتحدة اهتاماً كبيراً بهذا المشروع، ومن المتوقع أن يحدث تقدم كبير في هذا المشروع مع زيارة إردوغان اليوم.
خط أنابيب النفط
تعرض خط أنابيب النفط (كركوك - جيهان) بين العراق وتركيا إلى أضرار فادحة جراء الهجمات التي نفذها تنظيم داعش. وقد توقف منذ عن أداء مهامه لأسباب أخرى، ولكن وزارة النفط العراقية أعلنت الجاهزية لإعادة تفعيل هذا الخط.
مياه دجلة والفرات
ولا ننسى موضوع المياه الذي كان على جدول الأعمال منذ عهد صدام حسين. وهو موضوع في غاية الأهمية بسبب انتشار خطر الجفاف، وتشكل مياه نهري دجلة والفرات واحداً من أبرز البنود التي سيتباحث فيها الطرفان خلال زيارة إردوغان، وكان العراق قد طالب بعقد اتفاق حول المياه.
قبل عملية العراق
"العملية العراقية الكبرى" المرتقبة لاستهداف حزب العمال الكردستاني، أحد أهم المحاور الاستراتيجية التي ستكون من بنود المباحثات خلال زيارة إردوغان .
لقد اتخذ العراق خطوة مهمة في هذا الصدد حين أعلن أن حزب العمال الكردستاني تنظيم محظور. لكن يجب الحصول على موافقة البرلمان ليتم إعلانه تنظيماً إرهابياً، وتركيا بانتظار هذه الخطوة من الجانب العراقي.
فحزب العمال الكردستاني يهدد الأراضي العراقية أيضاً. وكان رئيس المخابرات التركية إبراهيم قالن خلال زيارته لبغداد، قد قال: "جعلنا حزب العمال الكردستاني غير قادر على العمل ضمن حدود بلادنا، ولكنه يسيطر على مساحة معينة من الأراضي العراقية، لذا فهو يهدد العراق بقدر ما يهددنا".
العملية العراقية الكبرى
وقال إردوغان: "نحن على وشك إكمال الدائرة التي ستؤمن حدودنا مع العراق، هذا الصيف سنكون قد حللنا بشكل دائم القضية المتعلقة بحدودنا مع العراق". سيتم تنفيذ عملية برية شاملة ضد حزب العمال الكردستاني بعد زيارة إردوغان للعراق. وهدف هذه العملية إنشاء خط آمن على عمق 30-40 كيلومتراً من الحدود التركية العراقية التي يبلغ طولها 378 كم. وتأتي هذه العملية بعد الهجمات على القواعد التركية في 22-23 كانون الأول/ديسمبر و 24 كانون الثاني/يناير، حيث أصبح لا مفر من إنشاء منطقة عازلة.
مركز العمليات المشتركة
سيتم اتباع استراتيجية مختلفة عما سبق في العملية المرتقبة. وستُفرض السيطرة على بعض المناطق من قبل الحكومة المركزية العراقية والحشد الشعبي، كما سيتم توفير الأمن لبعض الأماكن من قبل إدارة أربيل. ولذلك ثمة تخطيط لإنشاء مركز للعمليات المشتركة، خلال زيارة الرئيس إردوغان اليوم.
عند بدء العملية، سيتم السيطرة على الحدود العراقية السورية في وقت واحد. ما سيمنع حزب العمال الكردستاني من السيطرة على أراض سورية أو عراقية. ومن المقرر أن تتولى الحكومة المركزية في بغداد والحشد الشعبي هذه المهمة بدعم تركي. كما سيتم اتخاذ تدابير ضد حزب العمال الكردستاني في السليمانية وسنجار. وستقدم الحكومة المركزية العراقية وأربيل الدعم الاستخباراتي.
وكانت عائلة البارزاني قد أصرت أن يقوم الرئيس إردوغان بزيارة أربيل. ومن المرجح أن تحصل هذه الزيارة.