"Znetwork": الجواسيس الإسرائيليون يكتبون أخبار أميركا
إنّ تمكّن الجاسوس الإسرائيلي باراك رافيد من معانقة بايدن بهذه الطريقة، لا يُظهر العلاقة الحميمة بين الولايات المتّحدة و"إسرائيل" فحسب، بقدر ما يحمل دلالة عن المستوى المتدنّي للصحافة في مُحاسبة السلطة السياسية وتحولها إلى أداة لها.
موقع "Znetwork" ينشر مقالاً للكاتب آلان ماكلويد، يتحدث فيه عن دور باراك رافيد في الحرب الإسرائيلية على غزّة ولبنان، وكيف أنه
يدل على تدنّي مستوى الصحافة الأميركية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
بعد مرور عام على أحداث 7 تشرين الأوّل/أكتوبر، يتباهى نتنياهو بسلسلة انتصارات، كما عنوَن موقع "أكسيوس" مقالة باراك رافيد الصحفي الإسرائيلي، الذي يصفُ نَجاحات نتنياهو كموجة عارمة لا يمكن مُضاهاتها، من الحرب على غزّة وقصف اليمن واغتيال زعيم حركة "حماس" إسماعيل هنّية وزعيم حزب الله السيد حسن نصر الله، إلى الحرب على لبنان الآن. وكان الكاتب نفسه قد نشر مقالة مُؤخّراً، زعم فيها أنّ الهجوم الإسرائيلي على لبنان، "لا يهدف إلى توسعة الحرب"، بل هو مُحاولة للتوصّل إلى "خفض التصعيد من خلال التصعيد". وقد سخر مُستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي من غرابة كلام رافيد اللامنطقي. مع ذلك، لم ينتبه الجميع تقريباً إلى أنّ باراك رافيد جاسوس إسرائيلي، أو على الأقلّ كان كذلك حتّى وقت قريب، حين عمل محلّلاً في وكالة التجسّسِ الإسرائيلية "الوحدة 8200"، وإلى العام الماضي كان لا يزال في عداد جُنود الاحتياط في "الجيش" الإسرائيلي.
وَتُعدّ "الوحدة 8200"، أكبر منظّمة تجسّس إسرائيلية وأكثرها إثارة للجدل. وقد كانت ولا تزال مسؤولة عن العديد من عمليّات التجسّس والإرهاب البارزة، من ضمنها الهجوم العدواني الأخير على لبنان بتفجير أجهزة "البيجر"، ما أدّى إلى سُقوط ضحايا وإصابة الآلاف من المدنيين اللبنانيين الأبرياء.
مَع ذلك، ليس رافيد الإسرائيلي الوحيد الذي يعمل في وسائل الإعلام الأميركية العليا، ويعمل بجدّ لزيادة الدعم الغربي لأفعال بلاده الشائنة. لكنّه، أحد المتسلّقين الأكثر نفوذاً في السلك الصحفي في مبنى الكونغرس الأميركي. ومُنذ أشهر فاز رافيد بجائزة المراسلين الصحفيين المرموقة "للتميز" العام في تغطية أخبار البيت الأبيض، وهي إحدى أرفع الجوائز في الصحافة الأميركية. وكانت اللجنة قد منحت الجائزة للإسرائيلي رافيد، بسبب قُربه العميق من المصادر المهمّة وبروزه في تحقيق السبق الصحفي الذي يجعل من الرأي العامّ على تماسّ مع الأحداث في الولايات المتّحِدة وخارجها، واختاروا 6 مقالات لرافيد كقطع صحفية أنموذجية.
مصادر رافيد "المجهولة"، هي في الغالب من البيت الأبيض أو من حكومة "تلّ أبيب"، يُضاف إليها الحبكة المناسبة كحجب وقائع أهوال العدوان الإسرائيلي على غزّة عن الرئيس بايدن. إحدى المقالات التي اختارتها لجنة الجائزة الصحفية المذكورة كـ "سبق صحفي"، تحدّثت عن بايدن يُخبر "بيبي" أن توقف القتال لمدّة 3 أيّام يُمكن أن يساعد على تأمين إطلاق سراح بعض الأسرى، مع أنّ الرئيس الأميركي كان مُحبطاً من نتنياهو وحكومته بسبب التفافها على وقف إطلاق النار المؤقّت.
كذلك، دعا المتظاهرون والمحتجون على الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزّة، الصحفيين الأميركيين إلى تجاهل حفل منح الجائزة الصحفية لجاسوس إسرائيلي، تضامناً مع زملائهم الذين قتلتهم "إسرائيل" في غزّة ولبنان، وعددهم حتى وقت كتابة هذا التقرير لا يقلّ عن 128 صحفياً.
لكن، لم يقتصر الأمر على عدم مقاطعة الحدث من قبل المؤسسات الديمقراطية أو من يتغنّون بها، بل منح المنظّمون أعلى جائزة لمسؤول استخباري إسرائيلي تحوّل إلى مراسل اكتسب سمعة بأنّه ربّما يكون كاتب السلطة الأكثر طاعة في واشنطن. وقد تسلّمَ رافيد الجائزة من قبل الرئيس بايدن شخصيّاً، الذي احتضنه كشقيق.
إنّ تمكّن جاسوس إسرائيلي معروف من معانقة بايدن بهذه الطريقة، لا يُظهر العلاقة الحميمة بين الولايات المتّحدة و"إسرائيل" فحسب، بقدر ما يحمل دلالة عن المستوى المتدنّي للصحافة في مُحاسبة السلطة السياسية وتحولها إلى أداة لها.
لقد صنع رافيد اسماً لنفسه من خلال طباعة معلومات جذّابة أعطيت له من قبل الحكومة الأميركية أو الإسرائيلية ومُرّرت على أنّها سبق صحفي. مُنذ أشهر كتب رافيد أنّ الرئيس بايدن وجّه إنذاراً نهائياً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمتهما الهاتفية، "إذا لم تجر إسرائيل تغيّراً في مسارها في غزّة، فلن نتمكّن من دعمك"، وأنّه "يقوم بضغط قويّ لإنهاء القتال في غزّة بعد 6 أشهر من الحرب، وحذّر بايدن نتنياهو للمرّة الأولى من أنّ سياسة الولايات المتّحدة بشأن دعمه مُرتبطة بالتزام إسرائيل بمطالب الولايات المتّحدة، التي تتضمّنُ وقفاً فوريّاً لإطلاق النار". وفي تمّوز/ يوليو الماضي، أعلمت "المصادر المجهولة" باراك رافيد أنّ بايدن ونتنياهو يسعيان إلى "حلّ دبلوماسي" وإنهاء الحرب، وهذا ادّعاء آخر مشكوك فيه للغاية.
نقله إلى العربية: حسين قطايا