"Unherd": الوضع صعب.. خيارات أوكرانيا في ساحة المعركة تنفد
إنّ أوكرانيا في حاجة ماسة إلى كل ما يمكنها تجميعه من الرجال والعتاد على الجبهة الآن. ورغم أن الانهيار الكامل لأوكرانيا لا يبدو وشيكاً بعد، فإن الخيارات المتاحة لكييف تضيق كل يوم.
موقع "Unherd" البريطاني، ينشر مقالاً للكاتب أريس روسينوس، وهو مراسل حربي سابق، تحدث فيه عن تطورات المعركة في أوكرانيا، وتقدّم القوات الروسية باتجاه مناطق استراتيجية، مقابل استنزاف القوات الأوكرانية وفشلها في صدّ التقدمات الروسية بالتزامن مع تراجع الإمدادات العسكرية الغربية، ما يجعلها في وضع "صعب".
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
في وقت سابق من هذا الشهر، حذّر رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف من أنه اعتباراً من منتصف أيار/مايو فصاعداً، ستواجه البلاد وضعاً في ساحة المعركة "صعباً" لكن ليس "كارثياً".. وبينما تستغل القوات الروسية النصر الباهظ الثمن الذي حققته في شباط/فبراير في أفدييفكا من خلال التقدم نحو الغرب بسرعة مطردة ونجاح متزايد، فإنّ أفضل أمل لأوكرانيا هو أن يكون على حق.
في حين أنّ التقدم الروسي للاستيلاء على بلدة تشاسيف يار ذات الأهمية الاستراتيجية والمفيدة طوبوغرافياً، غرب أفدييفكا، يتطور ببطء، فقد حققت قوات فلاديمير بوتين اختراقاً نادراً حول بلدة أوكريتين، حيث توغلت عبر الخطوط الدفاعية الطويلة الأمد وحاصرت الدفاعات الأوكرانية من الأجنحة. وبعيداً من تشاسيف يار، من المرجح أن تكون الأهداف الروسية من هذه العملية هي مدن كوستيانتينيفكا، وهي معقل إقليمي حيوي للقوات الأوكرانية منذ عام 2014، والقاعدة الخلفية الكبيرة والمركز اللوجستي في بوكروفسك.
وفي هذا السياق، قال المحلل البولندي كونراد موزيكا إنّ "الوضع يبدو سيئاً للغاية ومن غير المتوقع أن يتحسن في الأسابيع المقبلة"، مضيفاً: "لقد وصلنا إلى النقطة التي أصبح فيها الوضع سيئاً للغاية". الوضع على الجبهة هو الأسوأ منذ مارس/آذار 2022. ويتزايد التفوق العددي للروس باستمرار، وكذلك عدد الهجمات. لم تتمكن أوكرانيا من النجاة من أحلك الساعات".
ورغم أنّ الأوكرانيين يلومون الغرب على مأزقهم الحالي بسبب تراجع إمداداته من الذخائر، الأمر الذي أدّى إلى السماح للمدفعية الروسية بالتغلب على ثقل النيران الأوكرانية بخمسة أضعاف، فإن هذه الأزمة تتحمل مسؤوليتها كييف أيضاً. إذ خلافاً للنصيحة الأميركية، أهدرت أوكرانيا قدراً كبيراً من عتادها وقوّتها البشرية الثمينة في دفاعها المحكوم عليه بالفشل عن كل من باخموت وأفديفكا، ثم استمرت في هجومها الجنوبي الصيفي غير المحكم لفترة طويلة بعد أن أصبح من الواضح أنّ العملية ستنتهي بالفشل.
وبعد فشلها في حشد العدد الكافي من القوات الجديدة من السكان غير الراغبين، لتعويض خسائرها، فإنّ استراتيجية الاستنزاف التي تنتهجها أوكرانيا في ساحة المعركة، تستنزف جيشها، مثل وحدات النخبة مثل اللواء الميكانيكي 47، التي تمت تربيتها ثم تدريبها في الغرب كرأس الحربة المخطط لها للهجوم الجنوبي، منهكة وقليلة العدد، وتفقد فعاليتها القتالية عندما يتم نقلها من هجوم روسي إلى آخر في محاولة لسد الثغرات. وفي حين يستطيع الغرب، على مدى سنوات، أن ينتج ما يكفي من الذخائر لتحقيق الاستقرار على الجبهة، فإنه لا يستطيع إنتاج المزيد من الأوكرانيين.
والأسوأ من ذلك أنّه ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان التقدم الروسي المستمر في دونباس هو الجهد الرئيسي، أو ما إذا كان الهجوم الأكبر، ربما في الشمال الشرقي، لم يأت بعد هذا الصيف، مع احتفاظ الروس على ما يبدو باحتياطي عملياتي جديد مكوّن من فيلقين من الجيش. والتلميح - ربما لأغراض التضليل - إلى معركة تلوح في الأفق للسيطرة على مدينة خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا. وفي حين أن مدينة خاركيف المترامية الأطراف ستشكل تحدياً كبيراً للجيش الروسي الذي وجد حتى الآن أن العمليات في المناطق الحضرية بطيئة ومكلفة، فإنّ التهديد وحده يجبر أوكرانيا على نشر قوات تحتاجها بشدة في أماكن أخرى لحراسة الخطوط. وقد تفاقم الوضع بسبب فشل أوكرانيا المحير في بناء تحصينات تعادل خط سوروفيكين الكثيف والمميت الذي أنشأته روسيا.
إن السيناريو "الأفضل" الذي عرضه المحللون المتعاطفون مع أوكرانيا، والذي يتمثل في إضعاف التقدم الروسي وفي الوقت نفسه بناء قوات جديدة للقيام بهجوم هجومي في العام المقبل، يبدو بالفعل غير محتمل.
إنّ أوكرانيا في حاجة ماسة إلى كل ما يمكنها تجميعه من الرجال والعتاد على الجبهة الآن. ورغم أن الانهيار الكامل لأوكرانيا لا يبدو وشيكاً بعد، فإن الخيارات المتاحة لكييف تضيق كل يوم: فاستعادة الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، وهي الاستراتيجية المعلنة للغرب، لا تشكل بداية، في حين يشكل الدفاع عن ما لا تزال أوكرانيا تسيطر عليه تحدياً متزايداً. وما لم تتمكن القوات الأوكرانية المنهكة من إضعاف الهجوم الروسي قريباً، فإن الدعوات إلى التدخل الغربي المباشر سوف ترتفع.
نقله إلى العربية: بتول دياب