"Slate": رجال الاستيطان.. فريق إدارة ترامب حُلم إسرائيلي يتحقّق

المجموعة الحالية من مرشّحي ترامب لتولّي المسؤوليّات هم أكثر ميلا لتشجيع "إسرائيل" بضراوة على الاستيطان في غزّة وضمّ الضفّة الغربية.

0:00
  • دونالد ترامب
    دونالد ترامب

مجلة "Slate" الأميركية تنشر مقالاً للكاتبة إيميلي تامكين، تتحدث فيه عن توجهات فريق الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن فلسطين المحتلة والتوسع الاستيطاني.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

من بين الأميركيين جميعهم، رشّح الرئيس المنتخب دونالد ترامب مايك هاكابي لمنصب السفير لدى "إسرائيل". وهو الذي قال مراراً إنّه لا يؤمن بالضفة الغربية كمفهوم، لأنّها بالنسبة إليه ليست سوى "يهودا والسامرة"، وإنّ الفلسطينيين كشعب ليسوا حقيقة موجودة. وبعد إعلان فوز ترامب، سُئل عمّا إِذا كان ضمّ الضفة الغربية مُمكناُ خلال الفترة الرئاسية المقبلة فقال: "بالطّبع".

 هاكابي صهيوني مسيحي، والمعنى أنّه يعتقد أنّ اليهود يجب أن يكونوا في "إسرائيل"، أي المنطقة التي يُعتقد أنّها تشمل الضفّة الغربية، حتّى يحين موعد "المجيء الثاني"، وبعد ذلك يمكن للمسيحيّين أن يسكنوا تلك الأرض. وهكابي ليس وحده، فهو فرد بين مجموعة أكبر أعلنها ترامب بعد أسبوع على فوزه بالانتخابات، وَهي سلسلة من الأسماء لأشخاص سوف يتحمّلون مسؤوليّات في إدارته، وهم إمّا يُؤيّدون صراحة الاستيطان في الضفّة الغربية أو ضمّها، وإما ينزعجون عند أدنى تلميح إلى انتقاد "إسرائيل".

وكما قال أستاذ العلوم السياسية غالين جاكسون، فإنّ "الضمّ كان يتمّ بشكل تدريجي مُنذ عقود، بحيث نفّذت فيه إسرائيل خُططها للاحتفاظ بالمستوطنات التي تبنيها في الضفة الغربية، والفارق الرئيس مع ترامب في هذه الحالة، أنّه لا يحتاج إلى الموافقة على التوسّع الاستيطاني الإسرائيلي، ولا يعدّه انتهاكاً للقانون الدولي، في حين أنّ كل الإدارات الأميركية الأخرى فعلت ذلك.

ويعتزم ترامب أيضاً ترشيح بيت هيجسيث، المذيع في قناة "فوكس نيوز"، لمنصب وزير الدفاع. وكان هيجسيث، وهو من قدامى المحاربين في الحرس الوطني، اقترح في خطاب ألقاه في "إسرائيل" عام 2018، إعادة بناء معبد جبل الهيكل، ولو واجه بعض المشاكل لأنّه، بحسب تعبيره، "الموقع الأكثر قداسة في اليهودية، بحيث كان يوجد المعبدان الأول والثاني ذات يوم". والموقع المذكور مُقدّس عند اليهود إلى درجة أنّه لا ينبغي لهم الصلاة هناك، على الرغم من أنّهم كانوا يفعلون ذلك بشكل مُتزايد في السنوات الأخيرة. كذلك، فإن الموقع هو أحد أقدس الأماكن في الإسلام أيضاً، وكان لعدّة قرون مكان المسجد الأقصى المقدّس أيضاً عند المسلمين. مع ذلك، يُؤيّد هيجسيث ضم "إسرائيل" الضفّة الغربية، ويَعُدّ سيادتها عليها طبيعية كونها أرض "إسرائيل". وليس من الضروري الكشف عن مُعارضته أيضاً حلّ الدولتين أو المساواة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

قال خالد الجندي، مدير برنامج فلسطين والشؤون الفلسطينية الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط، إنّ "التعيينات في الواقع أسوأ ممّا كُنت أتصوّر". إنّ كونك تُؤيّد "إسرائيل"، فهذا يعني مجموعة كاملة من الأشياء، وَهُكابِي وَهَيجسِيث يعبّران عن "أقصى اليمين المتطرّف" في أميركا.

وينضمّ إلى هؤلاء النائبة إليزستفانيك، التي اختارها ترامب سفيرة أميركا في الأمم المتّحدة، وهي التي انتقدت السيناتور جيمس دورسي والسيناتور تشاك شومر، بسبب عدم دعمهما الكافي "إسرائيل"، وحين دعا الأخير إلى إجراء انتخابات إسرائيلية في وقت سابق من هذا العام. كما دافعت ستيفانيك عن "الاستبدال العظيم"، وهي نظريّة يمينية عن مؤامرة لإبدال السكان بالمهاجرين.

السيناتور ماركو روبيو، مُرشّح ترامب لمنصب وزير الخارجية، كان قارن بين حقّ "إسرائيل" في تنفيذ عملية برّية في رفح، وحرب الحلفاء ضدّ أدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية. كما يحضر داخل هذه المجموعة صهر ترامب جاريد كوشنر، الذي زعم إلى أنّه كان إلى جانب الرئيس المنتخب هذا الأسبوع، حين علم، من مُساعد نتنياهو، بأنّ "إسرائيل" تدفع نحو اتّفاق وقف إطلاق النار في لبنان إلى الأمام لأجل منح الرئيس المنتخب انتصاراً مُبكّراً في السياسة الخارجية. وكان كوشنر عمل مديراً مشاركاً لمؤسّسة تبرعت بعشرات الآلاف من الدولارات لبناء معهد يهودي في الضفّة الغربية. وكان أشار، في وقت سابق من هذا العام، إلى أنّ "العقارات الواقعة عند الواجهة البحرية في غزّة قد تكون ذات قيمة كبيرة".

بِالتزامن، اختار بنيامين نتنياهو يحيئيل ليتر ليكون السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتّحدة، وهو المولود في الولايات المتّحدة، وكان في شبابه عضواً في "رابطة الدفاع اليهودية القومية" المتشدّدة، التي أسّسها مائير كاهانا، وكان مُساعدا سابقا لنتنياهو في مجلس الوزراء. كذلك، عمل بنشاط بارز في "مُنتدى كوهيليت للسياسات"، ودعم التوسّعِ في بناء المستوطنات في الضفّة الغربية، حيث يعيش في مستوطنة، ويدعو علناً إلى ضمّها.

أمّا وزير المالية اليميني المتطرّف في حكومة نتنياهو، بتسلئيل سموتريتش، الذي اعتُقل في عام 2005 بتهمة السعي لمنع الانسحاب الإسرائيلي من غزّة، حين تمّ اتّهام نتنياهو أيضاً بمحاولة عرقلة خطّة الانسحاب، فيقول: "أعتزم التوصّل إلى قرار حكومي ينصّ على أنّ حكومة إسرائيل ستعمل مع الإدارة الجديدة للرئيس ترامب والمجتمع الدولي لتطبيق السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة".

كذلك، أمضت إدارة جو بايدن جُزءاً كبيراً من العام الماضي في القيام بأشياء، مثل الدفاع عن "إسرائيل" كونها لم تنتهك القانون الدولي، مع أنّ حكومة نتنياهو فشلت في تلبية المعايير الأميركية والدولية فيما يتعلّق بالشأن الإنساني، واتّخذت إجراءات أدّت إلى تفاقم الوضع المدني على الأرض في غزّة، من خلال منع الوصول إلى الغذاء والدواء. وأكّدت جماعات حقوق الإنسان قيام "الجيش" الإسرائيلي بهذا الأمر. وعلى الرغم من إصدار إدارة بايدن أمراً تنفيذيّاً يُعاقب بعض المستوطنين العنيفين في الضفّة الغربية، فإنّ نتنياهو رفض مُعاقبة سموتريتش وزميله إيتامار بن غفير، الذي دعا أيضاً إلى ضمّ الضفّة الغربية بعد انتخاب ترامب، ويشنّ حملة مُستمرّة من أجل إعادة استيطان غزّة.

 كلّ هذا يجب أن يكون بمنزلة تحذير صارخ بسبب ما ينتظر الفلسطينيين في المستقبل، وما قد تدعمه الإدارة الأميركية المقبلة أو ترعاه. لكن، ما الذي يُنتظر من إدارة ترامب، في وقت ترتكز حكومة نتنياهو على واقع يزداد سوءاً بالنسبة إلى الفلسطينيين في الضفّة الغربية مُنذ أعوام. حتّى من دون الضمّ الفعلي، توسّعت المستوطنات، واستمرّت أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون في المنطقة، من دون أيّ عواقب إقليمية أو دولية تُذكر مُنذ عام 1967.

وبالنسبة إلى البعض، فإنّ النظر إلى الضفّة الغربية كونها تحت تهديد مُنفصل عن تهديد الفلسطينيين داخل إسرائيل، أو الذين يعيشون في غزّة، يغفل عن الحقيقة، بحسب ما تقول "منظّمة بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان.

ومع ذلك، هناك أسباب تدعو إلى الاعتقاد أنّ الضمّ الكامل بحكم القانون قد لا يحدث. ولم تظهر بعدُ الكيفية التي سيستجيب من خلالها ترامب للطلب الإسرائيلي". ويُعتقد أنّ الأمر قد يعتمد جزئيّاً على السياق الإقليمي الأوسع. على سبيل المثال، ستحاول الولايات المتحدة تعزيز التحالف الإقليمي بين إسرائيل وعدد من الدول العربية لموازنة قوّة إيران، ومن المرجّح أن يُهدد ضمّ الضفّة الغربية هذا التوجّه الأميركي بشدّة.

لكن، من المهم أَيْضاً أن نتّذكر أنّ الفارق لا يكمن فقط بين الضمّ الفعلي والضمّ القانوني، كما يقول الجندي، الذي عمل مستشاراً للقيادة الفلسطينية في رام الله في أوائل العقد الأول من القرن الجاري، ومفاده "أعتقد أن غزّة علّمتنا أنّه كلّما اعتقدنا أنّ الأمور لا يمكن أن تسوء، لكنّها تسوء". لن أستبعد أيّ شيء من على الطاولة، ويضيف أنّ "القضية لا تقتصر على إمكان الضمّ، بل على التطهير العرقي الذي قد يقترن بذلك. وكلّ ما نعتقد أنّه غير ممكن الحدوث، فمن الممكن أن يحدث فعلاً".

والحقيقة هي أنّه على الرغم من كلّ ما كانت عليه السياسة الخارجية الأميركية تجاه الإسرائيليين والفلسطينيين، فإن المجموعة الحالية من مرشّحي ترامب لتولّي المسؤوليّات ليست أكثر احتمالاً من أسلافهم للقيام بأيّ شيء لمنع إسرائيل من الاستيطان في غزّة وضمّ الضفّة الغربية فحسب، بل إنّهم أكثر ميلاً إلى تشجيعها بضراوة في أثناء قيامها بذلك. ولا يجب تجاهل اختيار ترامب المروّع لـجون راتكليف لمنصب مُدير وكالة الاستخبارات المركزية.

نقله إلى العربية: حسين قطايا