"Antiwar": الولايات المتحدة تستعد لحرب خاسرة ضد الصين
إذا وقعت الحرب بين الولايات المتحدة والصين، فالعالم بأسره سيخسر بشكل غير مسبوق إطلاقاً.
موقع "Antiwar" الأميركي ينشر مقالاً للكاتب ميغان راسل، يتحدّث فيه عن الحرب الأميركية ضد الصين، المحتمل حدوثها، وقدرة الولايات المتحدة على الفوز بهذه الحرب، وتأثيرها على العالم بأسره.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
ثمّة اعتقاد أن لا فائز في مُعظم الحروب. لكن، إذا وقعت الحرب بين الولايات المتحدة والصين، فالعالم بأسره سيخسر بشكل غير مسبوق إطلاقاً، ليس في فقدانه لأعداد هائلة من الأرواح البشريّة فقط، بل أيضاً في الآثار المدوية التي سترخيها هذه الحرب على الاقتصاد العالمي، وعلى البيئة والأمن الغذائي، من فظائع تنتهك بديهيات حقوق الإنسان.
في حرب كهذه لا يمكن تجاهل الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية. ووفقاً للخبراء، يمكن أنّ يتطوّر الصراع بين الولايات المتحدة والصين بسهولة نحو حرب نووية، والشتاء النوويّ في هذه الحالة ليس بعيداً جدّاً.
رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال تشارلز كيو براون، يزعم بثقة كاملة أنّ "الولايات المتحدة ستهزم الصين إذا اندلعت الحرب بينهما حول تايوان". ومع أنّ "لجنة الدفاع الوطني الاستراتيجية"، توقّعت أن يمنّى الجانب الأميركي بخسائر فادحة في أي مواجهة محتملة مع الصين، استمر براون في حماسته وأعلن في الأسبوع الماضي أنّه "إذا دخلنا في صراع مع الصين، نحتاج إلى حشد كلّ جهود وقوى الأمة في مواجهة هذا التحدي بعزيمة لا بدّ لها أن تفوز". لكن الجنرال براون أقرّ بأنّ "هذه الحرب ستكون كبيرة ومشابهة لما رأيناه في الحرب العالمية الثانية، وعلينا التعامل مع الأمر". لكن براون ولد في العام 1962، ولا يعرف شيئاً عن أهوال الحرب العالمية الثانية، وبالنسبة له ليست أكثر من كلمات في كتاب مدرسي قرأه، على عكس من عرف أهوالها ومآسيها.
لقد كانت الولايات المتحدة في حروب شبه مستمرة منذ نشأتها. وفي حروبها الأخيرة اتضح بلا لبس، عدم كفاءتها، من فيتنام إلى أفغانستان والعراق، لم تنجز سوى الموت والدمار على نطاق واسع. فالعنف لا يتوقّف بمجرد الإعلان عن توقّف الحرب، بل يستمر بأشكال مختلفة، ويصيب كل قطاعات الحياة المختلفة بالشلل والفوضى، ويحدث أضراراً مستقبلية لا آنية فقط. ومع ذلك، حكومة الولايات المتحدة تقود الأميركيين نحو الحرب مع الصين، وهذا ما يُستشف من تصريحات الجنرال براون على المضي في هذا الطريق حتى الآن بلا تراجع.
وفي هذا الأسبوع، قدّم وزير الدفاع لويد أوستن 500 مليون دولار إلى الفلبين لِتعزيز قدراتها العسكرية. وفي الوقت عينه، كان وزير الخارجية أنتوني بلينكين يتفاوض على صفقة لنقل غرفة السيطرة العملياتية الأميركية على القوّات اليابانية من هاواي إلى اليابان.
لكن، لا تخطئوا: هذه ليست لعبة صغيرة من ألعاب الحرب البعيدة. فإنّ السيطرة العملياتية على الجيش الياباني تعني أنّ حكومة الولايات المتحدة لن تحتاج إلى زجّ عدد كبير من الجنود الأميركيين عبر المحيط للانخراط في الحروب. وسوف تتمتع بالقيادة الكاملة لآلاف الجنود اليابانيين، كما بالسيطرة العملياتية على الجيش الكوري الجنوبي، وهذا يعني أنّه في حالة اندلاع الحرب، فإنّ كل قوات كوريا الجنوبية سوف تخضع لقيادة الولايات المتحدة أيضاً. فالأمر لا يتعلق باستراتيجية الحرب فحسب، بل يتصل بالرأي العام. فمن المرجح أن يدعم الشعب الأميركي حرباً حين لا يُقتل جنودهم. ربما يكون هذا هو الدرس الوحيد الذي تعلّمته الولايات المتحدة من حربها على فيتنام، وثم الحرب على العراق التي عززت ذلك الدرس. ولهذا السبب تعمل الولايات المتحدة على تعزيز الشراكات العسكرية في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فالطائرات المسيّرة والقوات الخاصة لن تكون كافية في المواجهة مع الصين.
إنّ شن الحروب الأميركية الحديثة ينفّذ في الغالب عبر استخدام قوى بالوكالة وتمويل قوات دول أخرى تعمل لصالحها، ويصطلح على ذلك اسم الاستراتيجية العسكرية، ولكنها في الحقيقة خطة استغلالية ظالمة لا أخلاقية، ولا تبالي بحياة مواطني الدول الأخرى. فالولايات المتحدة لا تهتم بما يحدث للأبرياء في اليابان أو كوريا الجنوبية أو الفلبين طالما ظلّت هيمنتها العالمية محفوظة، فسوف تتركهم يموتون ببساطة.
مع ذلك، تتصاعد المعارضة والاحتجاجات في اليابان والفلبين وكوريا الجنوبية، مطالبةً بإنهاء هيمنة الإمبريالية الأميركية على بلدانهم، وهم لا يريدون أن يكونوا وقوداً للمدافع بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما سيحدث بالضبط في حال وقوع الحرب.
في جلسة استماع عقدتها لجنة العلاقات الخارجية الأسبوع الماضي حول الحرب الاستراتيجية مع الصين، أكد نائب وزير الخارجية الأميركية كيرت كامبل، أهمية التحالف الثلاثي في التعامل مع الصين، قائلاً "لن تنتهي هذه الحرب أبداً"، ومؤكداً أنّ منطقة آسيا والمحيط الهادئ تتطلّب القدرات البحرية الأكثر كفاءة والقدرات الجوية بعيدة المدى المتقدمة التي تمتلكها الولايات المتحدة وتؤمّنها القواعد العسكرية في تلك البلدان.
تُعقد التحالفات، وتستمر مليارات الدولارات من أموال ضرائب الأميركيين في تمويل العسكرة المفرطة لحكوماتهم المتعاقبة حول العالم. كما أنّ الجنرال براون أعلن أنّه يعمل على تسريع جهود تخزين الأسلحة والذخائر وغيرها من الإمدادات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ استعداداً للحرب. وقبل بضعة أشهر فقط، عززت القمة الثلاثية بين اليابان والفلبين والولايات المتحدة تحالفها العسكري في المنطقة. وأكد بايدن معاهدة الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة والفلبين، والتي تنص على أنّ الولايات المتحدة ستردّ على أي هجوم على الدولة الجزيرة. كذلك، هو تحالف "أوكوس" العسكري بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، يستكمل الإجراءات استعداداً للمواجهة مع الصين، التي تنتقد هذه السياسات التي تخاض بعقلية الحرب الباردة في القرن الماضي، والتي لا تختلف عن تلك التي دفعت العالم نحو الحرب العالمية.
تكرّر حكومة الولايات المتحدة حديثها عن المواجهة مع الصين كأنّها حتمية لا محالة، مع أنّ الأمر ليس كذلك أبداً. ومع ذلك، ستواصل وسائل الإعلام متابعة ساستنا مثل الحيوانات الأليفة، وتغذي السردية القائلة بأنّ الحرب مع الصين أمر لا مفرّ منه على الرغم من أنّ بكين نفسها ندّدت بشكل متكرّر بأشكال التصعيد السياسي الذي يقود إلى حرب.
في هذه المرحلة، يقع على عاتق الجمهور الأميركي أن يناهض ما تسوّقه نخبته الحاكمة، وأنّ يتخذ موقفاً ضد تطبيع الصراع والاستعداد للحرب. ولقد حان الوقت لإخبار حكومتنا بأنّ الحرب مع الصين ليست غير مقبولة فحسب، بل إنها انتحار عالمي، ناهيك عن أنّ هذا الصراع لا يمكن الفوز به.
نقله إلى العربية: حسين قطايا