"معاريف" عن جنرال إسرائيلي سابق: نحن نغرق في وحل غزة.. يجب خلق مسار جديد
اللواء احتياط إسحاق بريك كتب مقالاً في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية يتحدث فيه أنّ "إسرائيل" ما زالت بعيدة جداً عن تدمير، حماس. وأكّد أنه حتى لو تم تدمير أكثر من ألف فتحة نفق، فإن لدى حماس آلافاً أخرى.
صحيفة "معاريف" الإسرائيلية تتحدث عن أنّ "إسرائيل" غرقت في وحل غزة، وأنها في هذه المرحلة لن يكون بالإمكان تحقيق هدف القضاء على سلطة حماس وقدراتها على مواصلة القتال.
فيما يلي النص منقولاً إلى العربية:
كلما مرّ الوقت، نبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق أهداف الحرب: القضاء على حماس وإطلاق سراح الأسرى، والغرق أكثر فأكثر في وحل غزة. هناك حالات في الحرب يجب فيها إعادة النظر في مسار العمل، وهذا بالضبط هو الوضع الذي وصلنا إليه اليوم.
اليوم من الواضح للـ"جيش" أنّه في هذه المرحلة لن يكون بالإمكان تحقيق الهدف الكامل الذي من أجله خرجنا إلى الحرب – القضاء على سلطة حماس وقدراتها على مواصلة القتال. مجرد الاعتراف بعدم وجود نية للدخول إلى رفح، حيث تسيطر حماس سيطرة كاملة، لأنها المكان الأكثر ازدحاماً في غزة والشرق الأوسط بأكمله، حيث يعيش مليوني لاجئ في مخيمات اللاجئين، وبيئتهم مزدحمة بشكلٍ رهيب. ولذلك من المستحيل مهاجمة هذه المخيمات، وبكلمة واحدة، من المستحيل القضاء على حماس هناك التي يختلط جنودها باللاجئين.
إن عدم القضاء على حكم حماس في رفح وعدم السيطرة على الأنفاق الموجودة تحتها، والتي تعتبر بمثابة الممر الرئيسي للأسلحة من سيناء إلى القطاع، يعني أننا فشلنا في تحقيق المهمة الأساسية التي حددناها لأنفسنا في الحرب، ألا وهي: إسقاط حكم حماس. تتمتع حماس في رفح بحُريّة الوصول إلى خان يونس، ومن هناك - إلى شمالي قطاع غزة عبر مئات الكيلومترات من الأنفاق المرتبطة ببعضها البعض، والتي ما زلنا بعيدين جداً عن تدميرهم. حتى لو دمرنا أكثر من ألف فتحة نفق، فإن لدى حماس آلافاً أخرى، وبالتالي فإنّ التدمير الجزئي لا يؤثر فعلياً على حركتهم في الأنفاق.
من هنا فإنّ استمرار قتال "الجيش" الإسرائيلي بالشكل الحالي في خان يونس، وفي الأحياء والبلدات في وسط قطاع غزة، لا يضيف إلى تحقيق أهداف الحرب. والعكس هو الصحيح، فهذا القتال يكبدنا كل يوم خسائر فادحة: من المتفجرات والأفخاخ التي يزرعها المخربون لنا والصواريخ المضادة للدبابات التي تطلق علينا.
لقد حان الوقت لإعادة تقييم طريقة القتال، أي تغيير النموذج والخروج من التجمعات السكانية الكثيفة، والهجوم الجراحي بالطائرات بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة ومداهمات برية فقط. صحيح أننا لم نحقق كل أمنياتنا المتمثلة في تجريد حماس من قدراتها، لكننا سنتمكن من مواصلة السيطرة على المنطقة بخسائر أقل بكثير، وسنمنع حماس من إعادة تنظيم صفوفها. وهذه أيضاً هي الخطة التي يتعين على "الجيش" الإسرائيلي تنفيذها في المرحلة الثالثة من الحرب.
كما يفهم بعض الوزراء وأعضاء الكنيست أن هذا هدف غير واقعي في هذه المرحلة، لكنهم يخشون التعبير عن رأيهم خشية اتهامهم بالإضرار بالروح القتالية للمقاتلين وبالهدف النبيل المتمثل في تدمير حماس. هكذا تنشأ حلقة مفرغة لا مخرج منها، من ناحية - نواصل القتال بأسلوب قتالي لم يعد فعالاً، مما يسبب لنا خسائر فادحة ولا يأتي بالنتيجة المرجوة، ومن ناحية أخرى - لم ننتقل بعد إلى الأسلوب القتالي المتمثل في الضربات الجراحية بالطائرات العمليات الموضعية المبنية على معلومات استخباراتية دقيقة، وهو أسلوب سيوفر لنا الكثير من الخسائر والنتائج أفضل بكثير.
وحتى من الناحية السياسية، فإننا ندور في "حلقة مفرغة" - وضع لا مخرج منه، يعود بعد المرور بكل المواقف إلى الوضع الأولي من دون إمكانية إيقافه أو الخروج منه.
أعضاء الحكومة من اليمين المتطرف يعلنون ليل نهار أنّ القتال داخل قطاع غزة يجب أن يستمر بكل قوته حتى هزيمة حماس، بينما يتجاهلون الحقائق على الأرض ويعيشون واقعاً زائفاً.
الجناح الراديكالي في الائتلاف ليس مستعداً بأيّ حال من الأحوال لعقد نقاش حكومي عن اليوم الذي يلي للحرب، خوفاً من اتخاذ قرار يسمح بدخول إدارة دولية تدير غزة. وبحسب فهمهم، فإنّ قطاع غزة يجب أن يبقى في أيدي "إسرائيل" سواء في الجانب الأمني أو في الجانب الإداري المدني إلى الأبد.
ومعنى هذا التوجه هو أن "إسرائيل" ستقبل المسؤولية عن مليوني لاجئ، وأي كارثة إنسانية ستقع على عاتق "إسرائيل". وبذلك سنخسر دعم العالم بشكلٍ عام ودعم الولايات المتحدة في الحرب، وسنخسر كل إنجازاتنا في الحرب التي دفعنا ثمنها باهظاً حتى الآن. لكن هذا لا يكفي، فوفقاً لنهجهم، ستستمر قوات كبيرة من "الجيش" الإسرائيلي في البقاء في المناطق الكثيفة السكان في قطاع غزة لسنوات عديدة وستواجه حرب عصابات مع حماس، التي ستستمر في ملاحقتنا ووضع عبوات وأفخاخ لنا وإطلاق صواريخ مضادة للدروع على قواتنا وتتسبب لنا بخسائر فادحة.
وهذا النهج الراديكالي سيؤدي إلى استمرار خدمة بعض وحدات الاحتياط، ولن يتمكن جنودها من الاندماج بشكلٍ صحيح سواء في العمل أو في معيشة منازلهم. وسيكون من الضروري توظيف وحدات نظامية في الميدان بدل تأهيلهم وتدريبهم. نهجهم سيؤدي أيضاً إلى حرب استنزاف مع منظمة حزب الله يمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية واسعة النطاق والإبقاء على وحدات احتياطية على طول الحدود الشمالية لفترات طويلة جداً، وأخيراً – ستؤدي أيضاً إلى تدمير اقتصاد "إسرائيل".