"بلومبرغ": الأزمة في كاليدونيا الجديدة تقلل من طموح ماكرون العالمي

الاضطرابات الأخيرة في كاليدونيا الجديدة لا تبشر بالخير بالنسبة إلى جهود الرئيس الفرنسي للاحتفاظ بنفوذ فرنسا العالمي وتوسيعه.

  • "بلومبرغ": الأزمة في كاليدونيا الجديدة تقلل طموح ماكرون العالمي

شبكة "بلومبرغ" الأميركية تنشر مقالاً تتحدث فيه عن الأزمة والاضطرابات في كاليدونيا الجديدة، والتي تعود جذورها إلى ضغوط اقتصادية طويلة الأمد، وتأثير ذلك في نفوذ فرنسا الآخذ بالتضاؤل.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

لقد تحطمت صورة كاليدونيا الجديدة باعتبارها قطعة شاعرية من فرنسا في المحيط الهادئ بسبب اندلاع أعمال العنف، ما يقوّض جهود الرئيس إيمانويل ماكرون للحفاظ على نفوذ باريس في الخارج وتوسيع نطاقه.

بعد مرور أكثر من أسبوع على الاضطرابات، قام ماكرون برحلة إلى الأرخبيل على أمل استعادة الثقة، في وقت تتوق الصين وقوى أخرى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، وخصوصاً في الجزر الغنية بالموارد مثل هذه الجزر. وبدلاً من ذلك، تطورت الاضطرابات -التي تعود جذورها إلى ضغوط اقتصادية طويلة الأمد، والتي أثارتها القواعد الجديدة المثيرة للجدل لتوسيع نطاق التصويت- إلى مشكلة دائمة للإليزيه.

ورغم رفع حالة الطوارئ يوم الثلاثاء الماضي، لا تزال بعض المناطق في ضواحي العاصمة نوميا معزولة بحواجز مؤقتة، ولا تزال المدارس المحترقة مغلقة، فيما لا تزال الطرق المسدودة وشح الوقود وحظر التجول يجعل التنقل صعباً. وتعرضت مئات الشركات للنهب، ما تسبب بأضرار تصل قيمتها إلى مليار يورو.

كانت مناجم النيكل في كاليدونيا الجديدة، التي تعتبر حيوية للعمالة في هذا الإقليم الذي يبلغ عدد سكانه 270 ألف نسمة، تعاني بالفعل انخفاض الأسعار، وهي الآن بالكاد تعمل. وقد تم إجلاء الزوار الذين يتدفقون عادةً إلى الشواطئ على طول الساحل الفيروزي بواسطة الطائرات العسكرية، فيما لا يزال المطار الرئيسي مغلقاً.

وحتى في المناطق الأكثر تميزاً في جنوب نوميا، تتناثر المؤن في المتاجر. وقد شكّل السكان مجموعات حراسة ليلية لحماية المنازل والشركات من الحرائق المتعمدة المستمرة. كما تملأ وسائل التواصل الاجتماعي الأخبار ذات الصبغة العنصرية والمعلومات المضللة.

لطالما كانت العلاقات بين القطب المتوسطي وهذا الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ، الذي ينقسم سكانه تقريباً بين الكاناك الأصليين والسكان المحلّيين من أصول أوروبية وآسيوية وغيرها، مشحونة منذ فترة طويلة، ولكن منذ انتفاضة الكاناك في ثمانينيات القرن الماضي لم تشهد العلاقات بين المجتمعات المحلية توتراً مماثلاً.

كان الهدف من زيارة ماكرون إلى كاليدونيا الجديدة، قبل انعقاد قمة رئيسية مع نظيره الألماني في برلين، هو إظهار التضامن وتشجيع الحوار بين القادة السياسيين المتنافسين، لكن رحلته التي استمرت أقل من 24 ساعة اعتبرها كثيرون بعيدة عن الأزمة العميقة التي أثارتها الإصلاحات الانتخابية التي عارضها المعسكر المؤيد للاستقلال.

قال روش واميتان، رئيس كونغرس كاليدونيا الجديدة وزعيم حزب الاتحاد الكاليدوني، أقدم الأحزاب المؤيدة للاستقلال، إنّ "الهدف من الزيارة هو الطمأنة بأنّ النظام سيعود، ولكن كان ذلك من أجلهم، وليس من أجلنا في الحقيقة. بالنسبة إلينا، أرسلوا الجيش والشرطة، وليس أكثر من ذلك بكثير".

لا ترى فرنسا نفسها قوة كبرى في المحيطين الهادئ والهندي فحسب، بل قوة مقيمة أيضاً، فأراضيها في المنطقة، وهي من بقايا إمبراطورية استعمارية شاسعة، تضم 1.6 مليون من مواطنيها، وتمثل ما يقارب 60% من وجودها العسكري الدائم في الخارج. وقد تعرضت محاولات باريس لتعزيز مشاركتها وحماية مصالحها لضربة عام 2021 عندما تم استبعادها من اتفاقية دفاعية موسعة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا.

كما أنّ الجهود المبذولة للحفاظ على نفوذ باريس من التضاؤل تتعثر في أماكن أخرى أيضاً، مع توتر العلاقات في شمال أفريقيا والساحل، وهي مناطق كانت باريس تعتبرها في السابق فناءها الخلفي.