ألكسندر دوغين يكتب: أوكرانيا في لعبة الغرب الكبرى

كانت بيلاروسيا وأوكرانيا وروسيا تاريخياً متشابكة في مجموعة من الروابط الثقافية والسياسية والاقتصادية القوية، وكان التقسيم مجرد تقسيم إداري تحت سلطة الاتحاد السوفياتي. لكن كل شيء تغير بعد انهيار الاتحاد.

  • عندما بدأ بوتين في استعادة سيادة روسيا وقوتها كقوة عظمى، ظهرت القضية الأوكرانية في المقدمة.
    عندما بدأ بوتين في استعادة سيادة روسيا وقوتها كقوة عظمى، ظهرت القضية الأوكرانية في الصدارة.

كتب المفكر الروسي الكسندر دوغين مقالة مطولة في  موقع الميادين باللغة الإنجليزية تناول فيها الجذور التاريخية للأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا وخطورة تحوّلها إلى مواجهة بين روسيا والولايات المتحدة وانزلاقها إلى حرب عالمية ثالثة.

وقال دوغين إنه في ظل إدارة المحافظين الجدد والعولمة المتطرفة بقيادة الرئيس الأميركي جو بايدن، أضحت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة متوترة للغاية لدرجة أن البشرية ليست على شفا حرب باردة (كانت مستمرة منذ فترة طويلة)، بل على وشك حرب نووية، الحرب العالمية الثالثة. 

وأوضح دوغين أن المشكلة الرئيسية هي أوكرانيا. وقال إنه بالنسبة للمراقبين الأجانب، فإن الصراع بين الشعبين الأرثوذكسيين السلافيين الشرقيين، اللذين لهما أصل مشترك من "روس الكييفية"، هو شيء غريب وغير مفهوم. إنها توحي بأن قوة ثالثة لها يد في هذا الصراع - أي الأميركيون أنفسهم، الذين حاولوا وضع الشعبين الشقيقين ضد بعضهما البعض، ومن خلال دعم أحد الطرفين - أوكرانيا - لتوجيه ضربة لروسيا، التي تعيد إحياء تاريخها بفضل الإصلاحات الوطنية للرئيس فلاديمير بوتين.

أوكرانيا لم تكن موجودة قط

وأضاف الكاتب أن هناك عدة عوامل في العلاقة بين روسيا وأوكرانيا ليست واضحة تمامًا للمراقب الخارجي. فالمفهوم الخاطئ الأول هو تقديم الصراع على أنه مواجهة بين دولتين. تقدم الصحافة والسياسيون الغربيون القضية كما لو أن أوكرانيا دولة منفصلة لها تاريخها الطويل، ضمّها البلاشفة قسراً إلى الاتحاد السوفياتي في عشرينيات القرن الماضي، وأنه عندما انهار النظام الشيوعي، استعادت أوكرانيا استقلالها على الفور. لكن هذه السردية لا علاقة لها بالواقع على الإطلاق.

"روس الكييفية": أصول الفروع الثلاثة للسلاف الشرقيين

ظهرت الدولة الروسية في القرن التاسع في شمال روسيا - في نوفغورود، ولكن في وقت قصير، نُقلت عاصمتها إلى كييف. ومن هنا جاء اسم "روس الكييفية". يتألف سكانها بشكل رئيسي من السلاف الشرقيين مع نسبة كبيرة من السكان الفنلنديين الأوغريين في الشمال والشمال الشرقي والترك في الجنوب والجنوب الشرقي. وسرعان ما تم تقسيم تلك الدولة الموحدة إلى مناطق شبه مستقلة - إمارات.

في الغرب كانت الإمارتان غاليسيا وفولين. في الشرق، بدأت إمارة فلاديمير (فيما بعد موسكو) في الوصول إلى السلطة.

في الشمال الغربي، أصبحت إمارة بولوتسك تحت النفوذ الليتواني وأصبحت أساس دوقية ليتوانيا الكبرى.

الشرق الروسي والغرب الروسي

وتابع دوغين عرضه التاريخي للعلاقة بين روسيا وأوكرنيا قائلاً إنه بين شرق روسيا وغربها في العصور الوسطى، كانت هناك معارضة متوترة لعرش الدوقية الكبرى، والذي تمكن أمراء إمارة فلاديمير لاحقاً من الاستيلاء عليه. في عهد أندريه بوجوليوبسكي (الثاني عشر)، تم نقل عاصمة كل "روس" إلى "فلاديمير"، وبعد ذلك أصبحت عاصمة الأمراء العظماء في موسكو، الواقعة في شرق روسيا. وتم التخلي عن كييف التي بقيت فقط في الأسطورة.

وأشار الكاتب إلى أنه في عصر التفتت في القرن الثاني عشر، انقسم شعب "روس الكييفية" الموحد - السلاف الشرقيون - إلى ثلاثة فروع - الجنوب الغربي والشمال الغربي والشرقي. في وقت لاحق تم تسميتهم، على التتالي  "مالوروسي" Malorossy أو الروس الصغار أو الأوكرانيين، وبيلوروسي Byelorussy أو الروس البيض وفيليكوروسي Velikorossy أي الروس العظام، وكان شرق روسيا يسمى "فيليكوروسيا" Velikorossia، أي روسيا العظمى.

كانت مصائر هذه الفروع الثلاثة من الشعب الروسي مختلفة. فخلال الغزو المغولي، دخل الشعبان الفيليكوروسي والمالوروسي تحت سلطة الخانات المغول، لكن فيليكوروسي بقي تحت إشراف الأمراء العظماء المعترف بهم من قبل دولة المغول، التي كانت تعرف بـ"خانية القبيلة الذهبية"، فحافظوا على المسيحية الأرثوذكسية على نطاق واسع (مع وجود إسقف متروبوليتان على رأس الكنيسة) ودرجة معينة من السيادة. من ناحية أخرى، وجد الروس الصغار (المالوروسيون) أنفسهم منقسمين بين ليتوانيا وبولندا والمملكة النمساوية-المجرية، وتأثرت هويتهم الدينية بشدة بالكاثوليكية الغربية. أما الروس البيض (البيلاروس) فأصبحوا جزءاً من دوقية ليتوانيا الكبرى، والتي كانت مستقلة نسبياً عن دولة "القبيلة الذهبية".

صعود فيليكوروسيا (روسيا العظمى)

مع مرور القرون وبعد سقوط دولة "القبيلة الذهبية"، بدأت موسكو تتحول إلى قوة إقليمية قوية. اتحدت ليتوانيا مع بولندا وخضعت لسلطة الكاثوليك. ووجد الروس الصغار (المعروفون بالأوكرانيين) أنفسهم في موقع الطبقات التابعة، جزء منهم تحت حكم البولنديين، وجزء آخر تحت حكم الإمبراطورية النمساوية-المجرية. أصبحت المناطق الجنوبية من "روسيا الكيفية" السابقة تحت حكم تتار القرم، ثم ضمتها الإمبراطورية العثمانية (التركية) مع شبه جزيرة القرم. ومن هنا جاء اسم أوكرانيا، من أوكراينا Okraina، بالروسية والذي يعني "الأرض الحدودية". في الوقت نفسه، حافظت نواة الروس الصغار (الأوكرانيين) على الأرثوذكسية والتقاليد السلافية الشرقية القديمة.

ومع نمو قوة موسكو، بدأ الفيليكوروسيون (الروس العظام) في إبعاد البولنديين والأتراك، والاستيلاء على ممتلكاتهم في منطقة "روس الكييفية" السابقة وإضافتها إلى أراضيهم المتنامية.

وكانت أراضي نوفوروسيا (روسيا الجديدة) من خاركوف إلى أوديسا وأخيراً شبه جزيرة القرم قد تم احتلالها من قبل الإمبراطورية العثمانية. كانت هذه الأراضي مأهولة بالسكان الأصليين لروسيا العظمى أو من قبل القوزاق أصدقاء موسكو، وكلاهما من "روسيا الصغيرة" (أوكرانيا) وتلك التي امتدت إلى جنوب الإمبراطورية الروسية نفسها. أصبحت نوفوروسيا (روسيا الجديدة) جزءًا لا يتجزأ من الإمبراطورية الروسية. وفي وقت لاحق، تمت استعادة مناطق أخرى من أوكرانيا، هذه المرة مأهولة بشكل أساسي من قبل الأوكرانيين أنفسهم والقوزاق المالوروسيين، من البولنديين. حدث الشيء نفسه في الشمال الغربي مع بيلاروسيا. أصبحت هذه الأراضي أيضاً جزءاً من الإمبراطورية القيصرية الروسية.

تفكك الإمبراطورية الروسية

أدى تفكك الإمبراطورية الروسية بين عامي 1917-1921 إلى إعلان دول مختلفة استقلالها عن موسكو. لكن البلاشفة أعادوا تدريجياً معظم الأراضي - باستثناء بولندا وفنلندا وجمهوريات البلطيق الثلاث - إلى سلطة موسكو (أعاد ستالين دمج دول البلطيق لاحقاً بعد الحرب العالمية الثانية). أصبحت أوكرانيا وبيلاروسيا جزءاً لا يتجزأ من الاتحاد السوفياتي ضمن حدود إدارية بحتة لكل جمهورية داخل الاتحاد. إذ تم إنشاء اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية من فوق كدولة موحدة ذات أيديولوجية شيوعية. فقبل الاتحاد السوفياتي، لم تكن أوكرانيا ولا بيلاروسيا موجودتين كدولتين منفصلتين، إلا في إطار إمارتي غاليسيا-فولينيا وبولوتسك في العصور الوسطى.

انهيار الاتحاد السوفياتي

عندما انهار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، أعلنت جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، استقلالها عن موسكو تحت تأثير النخب الفاسدة وبصورة مباشرة بفضل دعم الغرب الرأسمالي لها. ونظراً لأن نفس النوع من الإصلاحيين الموالين للغرب كانوا مسؤولين في موسكو بدءاً من الرئيس بوريس يلتسين وفي تسعينيات القرن العشرين، فقد اعترفت روسيا بسهولة بالكيانات الجديدة داخل الحدود المصطنعة كلياً التي كانت لديها في الاتحاد السوفياتي، إذ لم يكن في الاتحاد السوفياتي للحدود نفسها معنى وتم رسمها فقط من أجل تسهيل الإدارة الإدارية (كمقاطعات في نفس الدولة).

لذا فبدلاً من دولة الاتحاد السوفياتي الوحيدة، التي ظهرت بدلاً من دولة واحدة أخرى هي الإمبراطورية الروسية، والتي جمعت كل هذه الأراضي والشعوب معاً، كان هناك 17 دولة جديدة – معظمها تقريباً لم يكن موجوداً - على الأقل في مثل هذه الحدود، ومعظمها لم يكن موجوداً على الإطلاق – هذه "الدول"، ظل بعضها موالياً لموسكو. ووقع البعض الآخر تحت تأثير الغرب، واتخذ موقفاً مناهضاً لروسيا بشدة. للأسف، أوكرانيا تنتمي إلى هذه الفئة الثانية.

أوكرانيا غير متجانسة

تتكون أراضي الكيان السياسي الجديد "أوكرانيا"، الذي نشأ عام 1991، من أقاليم وشعوب غير متجانسة كلياً.

يقطن شرق أوكرانيا (من أوديسا إلى خاركوف عبر نهر دونباس) أو "نوفوروسيا" نفس سكان جنوب شرق روسيا الحديثة. هذه الأراضي أُخذت من الأتراك من قبل الإمبراطورية الروسية (الكثير منها تحت حكم الإمبراطورة كاترين العظيمة) وأعاد الروس سكانها (الروس العظام، فيليكوروسي). الأمر نفسه ينطبق على شبه جزيرة القرم.

كانت المناطق الغربية من أوكرانيا - الضفة اليمنى لأوكرانيا، إذا نظرت إلى الخريطة على طول نهر دنيبر - تحت الحكم الكاثوليكي البولندي والحكم النمساوي-المجري لعدة قرون ولم يكن لديها دولة على الإطلاق. ونظراً لكون الأوكرانيين أرثوذكسيين وفلاحين في الغالب، فقد اعتبرهم النبلاء الكاثوليكيون أقل مرتبة. ومع ذلك، لم يكن جميعهم سعداء باعتبار "الروس العظام" كمحررين. حاول جزء من الروس الصغار (الأوكرانيين) تأكيد هويتهم، بالطبع، بشكل مختلف عن ثقافة روسيا القيصرية والإمبراطورية الروسية العظمى. من هؤلاء المنشقين بدأت تتشكل القومية الأوكرانية، وحتى اللغة الأوكرانية نفسها تشكلت تحت تأثير قوي من البولنديين والغرب بشكل عام - بناء اصطناعي قائم على لهجات مختلفة من اللهجات الجنوبية الشرقية، وتقليد بنية اللغة البولندية. يمكن رؤية العلامات الأولى لمثل هذه القومية المصطنعة التي تمدح "الهوية الأوكرانية" في أوائل القرن العشرين في ظل الإمبراطورية الروسية. خلال الحرب العالمية الثانية، انضم العديد من القوميين الأوكرانيين (بانديرا، شوخيفيتش، إلخ) إلى هتلر وارتكبوا مذابح وحشية ضد الشيوعيين واليهود والبولنديين والروس العظماء. يُعرف هذا الجزء بشكل جماعي باسم "الزبادنتس" zapadentsy المشتقة من كلمةZapad  ومعناها "الغرب" باللغتين الروسية والأوكرانية.

في أقصى غرب أوكرانيا يعيش الروثينيون، وهم فرع آخر من السلاف الشرقيين بهوية مختلفة تمامًا عن الزابادنتس.

المطالبة باستقلال أوكرانيا

كان استقلال أوكرانيا شعاراً للزابادنتس، بينما لم يرَ سكان الشرق شيئاً خطأ في الحفاظ على اتصال وثيق مع روسيا، حيث مثلوا نفس الأشخاص مع الروس بشكل عام. بالمناسبة، اللغة الروسية (فيليكوروسكي) يتحدث بها الغالبية العظمى من الأوكرانيين. لم يكن يعرف اللغة الأوكرانية الاصطناعية سوى عدد قليل من الناس وكان يستخدمها قلة في الحديث اليومي. ومع ذلك، فقد ساد خط الزابادنتس هذا في أوكرانيا في تسعينيات القرن العشرين، وشغلوا مناصب رئيسية في السياسة والاقتصاد والثقافة والمعلومات. لقد دعم الغرب بنشاط هذه النزعة القومية الانفعالية، على الرغم من تاريخها النازي وأيديولوجيتها العنصرية. وقرر الاستراتيجيون في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بشكل عملي استخدام هذه القوات في أوكرانيا لتمزيق الدولة بأكملها بعيداً عن روسيا ووضعها تحت السيطرة الغربية الكاملة في المستقبل.

الشرق الأوكراني في مقابل الغرب الأوكراني

في جميع أنحاء أوكرانيا الجديدة، كان هناك اتجاهان، الغربي والشرقي، يقاتلان بعضهما البعض. يمكن رؤيته في الخرائط الانتخابية - صوت الشرق الموالي لموسكو لبعض المرشحين وصوت الغرب الموالي للغرب والفوبيا من روسيا دائماً لصالح البدائل. تعاقب الرؤساء في أوكرانيا ومثّل مسارهم تأرجحاً بين موسكو وواشنطن. كان كرافتشوك غربياً معتدلاً. اتخذ كوتشما موقفاً متعدد النواقل. مال يوشينكو بشكل لا لبس فيه نحو الغرب. سعى يانوكوفيتش - بشكل غير متسق ومتردد - للحصول على الدعم من موسكو. لكن طوال الوقت، استمرت الاتجاهات الغربية في النمو في السياسة والثقافة، إلى درجة الدعوة إلى الإبادة الجماعية لسكان القرم والشرق الأوكراني بشكل عام، الذين كانوا، وفقاً للقوميين، موالين لموسكو.

إن حركة الاحتجاج الأوكرانية في ميدان كييف، المدعومة بقوة من الولايات المتحدة - بايدن نفسه، ونائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند (الأوكرانية الأصل)، والمحافظين الجدد - جلبت الزابادنتس الأكثر تطرفاً إلى السلطة في الانقلاب الذي أطاح بالرئيس يانوكوفيتش. كان نصف أوكرانيا تحت تهديد حقيقي من الإرهاب الجماعي. أعلن المجلس العسكري الذي وصل إلى السلطة توجهه نحو حلف شمال الأطلسي (الناتو) وطالب بسحب السفن الروسية من ميناء سيفاستوبول.

بوتين يلعب دوره

في هذه المرحلة، قررت موسكو - التي لم تعد كما كانت في عهد يلتسين، لكنها كانت دولة ذات سيادة جديدة ومدركة بشكل واضح لمصالحها الجيوسياسية - أن تتدخل. أعلن سكان القرم، الذين صادف أنهم جزء من أوكرانيا عن طريق الصدفة، اتحادهم مع روسيا. اتخذت منطقتا دونباس - دونيتسك ولوغانسك - نفس القرار. كان بإمكان أوديسا وخاركيف وميكولايف أن تفعل الشيء نفسه - وربما بولتافا وسومي - لكن الزابادنتس في كييف مارسوا القمع الجماعي (قتل المدنيين في أوديسا في مجلس النقابات العمالية في 2 أيار / مايو 2014، وما إلى ذلك).

وبعد محاولات عدة لاستعادة دونباس، تخلت كييف عن هذه الاستراتيجية وبدأت في الاستعداد لتحالف أوثق مع الغرب وحلف شمال الأطلسي. في هذه المرحلة، ارتكب بوتين خطأّ: اعترف بالحكومة الأوكرانية الجديدة على أمل إحلال السلام مع كييف.

طريق مسدود في مينسك

وتابع دوغين مقالته قائلاً: هذا هو الوضع حالياً. إن صيغة نورماندي واتفاقيات مينسك (لتسوية الأزمة الأوكرانية)، تهدف في الواقع فقط إلى خفض التصعيد، ولكن على المدى الطويل وحتى على المدى المتوسط ​​لا تحل أي شيء.

وأضاف: لا يمكن أن يكون هناك سوى حل واحد لهذا الوضع: تقسيم أوكرانيا إلى قسمين، مع الاعتراف بالسيادة السياسية لكلا النصفين - الضفة اليمنى الغربية لأوكرانيا، ونوفوروسيا، مع وضع خاص لكييف. عاجلا أم آجلاً سيحدث هذا التقسيم. وعاجلاً أو آجلاً سيتم توحيد البر الرئيسي للصين وتايوان في دولة واحدة.

الولايات المتحدة تصعّد

ورأى دوغين أنه توجد في البيت الأبيض مع وصول بايدن إلى الرئاسة، مجموعة من متطرفي العولمة والأطلسيين والمحافظين الجدد ومؤيدي إنقاذ نظام عالمي أحادي القطب بأي ثمن، وهؤلاء أنفسهم الذين حركوا احتجاجات ميدان في كييف في عامي 2013-2014، لذلك بدأت جولة جديدة من التصعيد. فروسيا متهمة بالتحضير لغزو أوكرانيا، بهذه الذريعة سوف تقوم واشنطن بتسريع اندماج أوكرانيا في حلف الناتو. لم يكن لدى موسكو أدنى نية لحل الموقف بالوسائل العسكرية، لكن الاستفزازات الأميركية لم تترك خياراً لها، كما صرح بوتين ولافروف وغيرهما من كبار المسؤولين الروس مراراً في الآونة الأخيرة. وأعلن بوتين أن اندماج أوكرانيا في الناتو - إلى جانب نصف السكان الذين يعتبرون أنفسهم شعباً واحداً مع الروس - يمثل عبوراً إلى "الخط الأحمر". وإذا فشل الغرب في الاستجابة لهذا التحذير، فلا يمكن استبعاد اندلاع صراع عسكري.

وختم دوغين بالقول إنه من الضروري فقط أن نفهم أن الأمر لا يتعلق بهجوم دولة على أخرى، ولكن يتعلق بعمليات الجغرافيا السياسية الكبرى. عندما كانت موسكو ضعيفة ومحكومة إما من قبل الحمقى أو العملاء المباشرين للنفوذ الغربي، خسرت روسيا أوكرانيا، التي وقعت في أيدي السياسيين القوميين المتطرفين الذين اختارهم الغرب فوراً. وعندما بدأ بوتين في استعادة سيادة روسيا وقوتها كقوة عظمى، ظهرت القضايا الأوكرانية في المقدمة. كان زبيغنيو بريجنسكي مقتنعاً أنه من دون أوكرانيا، لا يمكن لروسيا أن تصبح قطباً سيادياً لعالم متعدد الأقطاب. كان ليكون محقاً في ذلك. لقد حددت روسيا اليوم مساراً ثابتاً لتصبح مثل هذا القطب.

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم