"هآرتس": إيران تحافظ على معادلة الردع بهجومها على سفينة إسرائيلية في الخليج
صحيفة "هآرتس" تتناول في مقال الهجوم الإيراني على سفينة إسرائيلية في الخليج وأبعاد هذا الهجوم، وتؤكّد أنّه يأتي في سياق تثبيت إيران لمعادلة الردع التي أسستها إيران منذ سنوات.
نشرت صحيفة "هآرتس" مقالاً لمحلل الشؤون العسكرية عاموس هرئل، تحدّث خلاله عن حفاظ إيران على معادلة الردع التي أسستها منذ سنوات بهجومها على سفينة إسرائيلية في الخليج، وعن الموقف الأميركي من الهجمات المتبادلة بين "إسرائيل" وإيران.
وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
مهاجمة السفينة بملكية إسرائيلية جزئية في الخليج الفارسي، التي أُفيد عنها يوم الجمعة الماضي بتأخر أسبوع، هي جزء من الحرب التي لم تعد بالفعل سرية بين إيران و"إسرائيل". في آخر الشهر الماضي أُفيد بانفجار في مدينة أصفهان الإيرانية، نُسب إلى طائرات مسيرة إسرائيلية على موقع لصنع أسلحة. الإيرانيون بقوا أوفياء لمعادلة الردع التي أسسوها قبل عدة سنوات، وهم يحرصون على الرد على هجماتٍ ضدهم في أراضيهم. على ما يبدو، هذا هو المبرر لهجوم الطائرات المسيرة على السفينة، التي وقعت فيها أضرار، لكن من دون إصابات.
قبل نحو 3 سنوات، دارت معركة بحرية حقيقية بين "إسرائيل" وإيران. صحيحٌ أنّ صلة هذه الأهداف بـ"إسرائيل" غير مباشرة، لكن يبدو أنّ الرسالة التُقطت، والتقارير عن هجماتٍ بحرية ضد سفنٍ إيرانية غابت تقريباً. في الأشهر الأخيرة يبدو أنّ الإيرانيين يعودون إلى الساحة البحرية، هذه المرة بمبادرتهم، لأنّهم يجدون فيها إمكانية ردّ مريحة على الهجمات التي تلقّوها في أراضيهم.
ورغم تبدّل الحكومات في "إسرائيل"، ليس هناك فارق حقيقي في السياسة ضد إيران. التغيير الحقيقي حدث في عهد نفتالي بينيت كرئيسٍ للحكومة، واشتُقّ من إعلانه أنّ هناك مبرر لضرب أهدافٍ أكثر في إيران. من حينها أُفيد بانفجاراتٍ غامضة واغتيالات وهجمات طائرات مسيّرة، لم تنحصر بعد بمواقع مرتبطة بالبرنامج النووي، بل وُجّهت أيضاً إلى أهدافٍ تعمل في إطار برنامج التسليح للنظام، وأجهزة تفعيل الإرهاب في الخارج، فيما يبدو أنّ حكومة بنيامين نتنياهو مستمرة في هذا الخط الهجومي.
"حد الصبر"
أحد الأسباب في أنّه يمكن لـ"إسرائيل" أن تسمح لنفسها بزيادة الاحتكاك مع إيران في مناطق واسعة من الشرق الأوسط، يتصل بالتغيير في موقف الإدارة الأميركية من طهران. يبدو أنّ الإيرانيين، في الأشهر الأخيرة، قاموا بكل ما في وسعهم لإغضاب الولايات المتحدة وبقية دول الغرب.
لكن طهران نجحت في المس بكل النقاط الحساسة للإدارة الأميركية في واشنطن – إحباط جهد إعادة كبح البرنامج النووي، بتر الدعوات إلى حرية الدين والتعبير، والانضمام إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعتبرونه في الغرب التهديد الأخطر على النظام العالمي.
في هذه الظروف، الولايات المتحدة لن تتشاجر على ما يبدو مع "إسرائيل" حول خطواتها الهجومية، طالما أنّها لا تشعل حرباً إقليمية. في المقابل، يجب الانتباه إلى تأثير الحلف مع طهران على موسكو نفسها. هل ستدفع روسيا للإيرانيين بعملة سورية وستحاول عرقلة غارات "إسرائيل" الجوية في سوريا؟
التوتر بين واشنطن و"إسرائيل" يكمن في الخلافات في قضايا أخرى. المسؤولون الأميركيون، الذين يواصلون المجيء إلى "إسرائيل" بوتيرة عالية، لا يُخفون تحفظاتهم الشديدة على خطة الانقلاب الشُرطي لحكومة نتنياهو. في الوقت نفسه، الولايات المتحدة قلقة من إمكانية انفجارٍ إضافي بين "إسرائيل" والفلسطينيين، ومن نية الحكومة توسيع الاستيطان وشرعنة بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية.
لا يزال من غير الواضح في هذه المرحلة ما إذا كان مجلس الأمن الدولي سينعقد لبحث قرارات الكابينت الإسرائيلي يوم الأحد الماضي، حول "شرعنة" تسع نقاطٍ استيطانية وإقرار بناء أكثر من 7000 وحدة سكنية استيطانية. تقليدياً، الأميركيون يميلون لفرض فيتو على مقترحات القرارات التي تدين "إسرائيل"، على خلفية مشابهة. لكنّ اجتماع جهود تقويض الديمقراطية والأنشطة التي يمكن أن تشعل ناراً في المناطق الفلسطينية المحتلة، يمكن أن يدفع في نهاية المطاف الرئيس جو بايدن أيضاً إلى فقدان صبره تجاه "إسرائيل".