"نيويورك تايمز": أميركا رفضت تسليم "إسرائيل" طائرات تزويد للوقود بالجو قبل نهاية 2024
أبلغت الولايات المتحدة "إسرائيل" أنه من غير المرجح تسليم طائرات-ناقلات للتزويد بالوقود في الجو قبل عام 2024، وسط توترات بين الطرفين بشأن كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيران
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إن "إسرائيل" طلبت من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي تسريع تسليم طائرات التزويد بالوقود في الجو، والتي يمكن أن تكون حاسمة في قصف المنشآت النووية الإيرانية، لكن قيل لها إن الطائرات قد أُعيد طلبها وإنه من غير المرجح أن تكون أولى الطائرات المطلوبة جاهزة حتى أواخر عام 2024.
وقدم وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس الطلب الأسبوع الماضي عندما التقى بوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ومسؤولين كبار آخرين في واشنطن. وذكرت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية التفاصيل في وقت سابق.
وبينما قال المسؤولون الأميركيون لغانتس إنهم سيعملون على التخفيف من تراكم الإنتاج، فإن توقيت التسليم يمثل قضية حاسمة: يشعر مسؤولو إدارة بايدن بالقلق من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يحاول إحياء التهديد بضربة عسكرية ضد إيران، بعدما جادل بأن الدبلوماسية قد فشلت وأن إيران أقرب من أي وقت مضى إلى عتبة القدرة على بناء سلاح نووي.
وقالت الصحيفة إن الطلب جاء وسط توترات جديدة بين واشنطن و"إسرائيل" بشأن كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني. منذ منتصف عام 2018، عندما انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من اتفاق يهدف إلى الحد من الأنشطة النووية الإيرانية، حققت طهران مكاسب كبيرة في إنتاج الوقود النووي، على الرغم من العمليات المتكررة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لتخريب مواقع تخصيب اليورانيوم ومصنعاً أنتج أجهزة الطرد المركزي النووية.
يقول مسؤولون إسرائيليون إن بينيت وضع ميزانية كبيرة للتدريبات للتمرن على هجوم جوي وزعم أن أي جهد لإحياء الاتفاق النووي سيؤدي إلى اتفاق معيب من شأنه أن يسمح لإيران بالتقدم نحو صنع قنبلة نووية.
في آذار / مارس الماضي، أمرت "إسرائيل" بالطائرات - الناقلات الجديدة من طراز KC-46، والتي ستستخدم لإعادة تزويد قاذفاتها بالوقود في الجو، مما يسمح لها بالوصول إلى أهدافها في إيران والعودة. ومن المتوقع أن تقدم شركة بوينغ ثماني طائرات في مقابل 2.4 مليار دولار، على أن يكون التسليم الأول المقرر في أواخر عام 2024. لكن القوات الجوية للولايات المتحدة حريصة كذلك على هذه الطائرات، والتي تعد ضرورية لجهودها لتركيز القوات على المحيطين الهندي والهادئ، وخلق وجود عسكري أكبر لمواجهة الصين في المنطقة.
يبلغ عمر الأسطول الإسرائيلي الحالي من الناقلات-الطائرات أكثر من 50 عاماً ويعتمد على طائرة بوينغ 707. وبينما لا يزال الأسطول القديم يعمل، فإن الأسطول الجديد من الناقلات KC-46 يمنح "إسرائيل نطاقاً وقدرة أكبر بكثير، لأنه يمكنه تزويد الطائرات المقاتلة والقاذفات بالوقود وأيضاً تلقي الوقود هو نفسه أثناء الرحلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن القدرة على التزود بالوقود أمر بالغ الأهمية، وإلا فإن الطائرات الإسرائيلية ستضطر إلى الاعتماد على الناقلات القديمة أو الهبوط في الإمارات العربية المتحدة أو المملكة العربية السعودية. وكلا البلدين متنافسان مع إيران، لكن أياً منهما لا يريد التورط في المساعدة في الهجوم ضدها.
وقالت "نيويورك تايمز" إن تمويل محطات الوقود الجوية هذه، أي طائرات التزويد سيأتي في النهاية من دافعي الضرائب الأميركيين، وسيتم دفع ثمن ناقلات بوينغ من حزمة المساعدات العسكرية السنوية لـ"إسرائيل".
وأشارت إلى أن الجدل حول نوع القدرة التي يجب منحها لـ"إسرائيل" - ومدى السرعة - هو النقاش القديم في واشنطن. ففي عام 2008، رفض الرئيس الأميركي أنذاك، جورج دبليو بوش طلبات من رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه، إيهود أولمرت، للحصول على قنابل متخصصة لخرق المخابئ وقاذفة "بي2" B-2، واستئجار حوالى 10 طائرات - ناقلات للتزود بالوقود، والتي قال أولمرت إنها ستكون ضرورية في أي هجوم إسرائيلي المجمع النووي الرئيسي الإيراني في نطنز. جزء من العملية كان سيشمل استعارة قدرات التزود بالوقود الأميركية.
وقال حينها نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، إن على الولايات المتحدة أن تعطي "إسرائيل" ما تسعى إليه بالضبط، لكنه خسر الجدل، كما قال مسؤولون في إدارة بوش في وقت لاحق. بوش وتشيني يلمحان إلى القضية في مذكراتهما، لكنهما لم يذكرا أنهما أخبرا الإسرائيليين بأنهم سمحوا بعمل سري هدف إلى تخريب جهود إيران بجيل جديد من الأسلحة السيبرانية. فقد أصبح هذا البرنامج، الذي يحمل الاسم الرمزي "الألعاب الأولمبية"، جهدًا إسرائيلياً أميركياً مشتركاً أنتج دودة "ستاكسنت" Stuxnet ودمر في النهاية أكثر من ألف جهاز طرد مركزي إيراني.
وطورت "إسرائيل" فيما بعد قدرات أخرى وتدربت عليها. وفي مناسبات عدة خلال إدارة أوباما، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وشك أن يأمر بضربة، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين ومقابلة "نيويورك تايمز" مع نتنياهو في عام 2019. لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة، في جزء كبير منه بسبب الخوف من خرق لا يمكن إصلاحه مع واشنطن.
لكن في عام 2017، عندما قرر سلاح الجو الإسرائيلي أنه بحاجة إلى استبدال طائرات التزود بالوقود، لم تصدر حكومة نتنياهو أمراً على الفور. بدا برنامج إيران النووي تحت السيطرة - إلى حد كبير لأنها شحنت 97 في المائة من وقودها النووي خارج البلاد بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 الذي عارضه نتنياهو بشدة. حينها تباطأ التدريب على الضربات ضد إيران.
اليوم تم إحياء الأمر. يعتقد المخططون الإسرائيليون، بحسب العديد من المسؤولين الحاليين والسابقين، أنهم إذا نفذوا هجوماً، فسوف يتطلب الأمر العديد من التفجيرات المتكررة لبعض المنشآت - وخاصة فوردو، وهو مركز لتخصيب الوقود مدفون في عمق جبل بقاعدة عسكرية إيرانية. لكنهم يقولون إن الوقت سيكون قصيراً، ولذا سيتعين عليهم إعادة التزود بالوقود بسرعة.
يقول المسؤولون الأميركيون إنهم لا يعتقدون أن ثمة هجوماً إسرائيلياً وشيكاً ويعتقدون أن بينيت، في إطار الاستعداد العلني لعمل عسكري، ربما يسعى للحصول على شروط أكثر صرامة في أي اتفاق نووي نهائي بين إيران والغرب.
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم