نفاق وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية

وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، أنشأت نظاماً للمراسلة مع عملائها السريين، يعتمد على مئات المواقع المزيفة على شبكات الانترنت، كانت الوكالة قد اشترتها بالجملة.

  • نفاق وكالة المخابرات المركزية
    نفاق وكالة المخابرات المركزية

الكاتب "وليام نيوهايزل" يتحدث في مقال له بشأن آخر ما نشرته وكالات الأنباء عن أسوأ إخفاقات الاستخبارات المركزية الأميركية، منذ عقود.

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

نشرت وكالات الأنباء مؤخراً تقريراً عن أسوأ إخفاقات الاستخبارات المركزية الأميركية، منذ عقود.

وبين الأعوام 2010 و 2013 تقريباً، تم القبض على العشرات من مخبريها وعملائها في دول الصين، وإيران، وأماكن أخرى، وقد تم إعدامهم أو سجنهم أو تحويلهم إلى عملاء مزدوجين.

وفي طهران، وبكين، تم الكشف عن مجمل شبكتي التجسس الأميركي، في دولتين ذات أولوية قصوى بالنسبة إلى الأمن الاستراتيجي الأميركي.

أوساط في الحكومة الأميركية، تلقي اللوم على خيانة ضابط وكالة الاستخبارات، جيري لي، الذي حوكم وأقر بالذنب واعترف بأنه كان يتجسس لحساب الصين. لكن التجسس المزعوم لا يبرر انكشاف شبكات العملاء والمخبرين، بكثرة.

الحقيقة الأقرب إلى التصديق، هي أنّ هناك تراخٍ مذهلٍ في حماية المصادر "العملاء"، من قبل وكالة الاستخبارات المركزية نفسها. كما تظهر بوضوح الثغرات في إدارة هؤلاء المجندين على المستوى التقني البسيط، والأكثر كارثيةً كان نظام الاتصالات السري الذي استخدمته وكالة المخابرات المركزية مع هذه المصادر، والذي كان معروفاً بالكامل من قبل أجهزة مكافحة التجسس المتطورة للحكومتين الصينية والإيرانية.

وكانت الوكالة أنشأت نظاماً للمراسلة مع عملائها السريين، يعتمد على مئات المواقع المزيفة على شبكة الإنترنت اشترتها بالجملة، ما يسهّل على مكافحي التجسس عملهم، وبمجرد اكتشاف شيفرة عدد قليل منهم سوف تكر السبحة، وستنكشف معها كل الشبكات المتسلسلة، ببساطة مذهلة.

وهناك مرارات إضافية من النفاق لم تتم مناقشتها كثيراً في أساليب وكالات الاستخبارات المركزية، والأخطر أنّ هذه الأحداث تزامنت مع تصعيد وزارة العدل الأميركية، من حربها على المبلغين عن المخالفات من موظفي الوكالة.

واستخدمت الحكومة الملاحقات القضائية غير المسبوقة بموجب قانون حفظ السرية، تحت مزاعم إعطاء أكبر قدر من الحماية إلى عملاء الوكالة الأجانب.  ومع ذلك، تم التعامل مع هؤلاء بلا مسؤولية، وأداة يمكن التخلص منها بسرعة. فالوكالة على الأقل لم تكلف نفسها عناء إنشاء نظام اتصالات آمن أو مخفي باحتراف مع "مصادرها".

لم يتعرض أي مسؤول أميركي للمساءلة حتى الآن، ما عدا شخصاً واحداً، هو جون ريدي، موظف الوكالة، الذي دق ناقوس الخطر عبر القنوات الداخلية عن هذه العيوب الخطرة واعتبرها بمثابة قنبلة موقوتة.

وتم طرد ريدي انتقاماً، ولم يتم التحقيق في شكواه من قبل الإدعاء العام إلا بعد فترة طويلة من سجن أو قتل عشرات المخبرين. وعندما حاول ريدي مواجهة قرار طرده، منعته الحكومة، وحرمته من إخبار محاميه بأي شيء عن طبيعة إفصاحاته.

في الوقت الذي كان فيه إهمال وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية يؤدي إلى حرق أصولها (أو مصادرها)، صارت موضة أن يدين منتقدو المبلغين عن المخالفات المخالفين لعدم التزامهم "بالقنوات الداخلية". هذه القنوات لم تقم بالكثير لجون ريدي، أو لعشرات المصادر الاستخباراتية الذين حاول إنقاذهم.

وجون كيرياكو، الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، حُكم عليه بالسجن مدة 30 شهراً، في إثر تسريبه معلومات عن برنامج التعذيب التابع للوكالة خلال مقابلة إعلامية، في وقت كانت فيه (وكالة الاستخبارات المركزية) تنفي ذلك بشدة. 

ومن الجدير أن يذكر بوضوح، أنه لم تكن أحداث سقوط شبكات المخبرين هي من تسبب في سقوط مصداقية مجتمع الاستخبارات الأميركي، بقدر ما فعل سوء الإدارة المزمن، والنفاق المستمر.

 

نقله إلى العربية: حسين قطايا