قمة بايدن للأميركيتين ستصاب بخيبة أمل كبيرة
أظهرت التهديدات بالمقاطعة من قبل القادة الوطنيين في المنطقة لقمة الأميركيتين الشقاق المتزايد بين الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية، على غير ما اعتقدت إدارة بايدن.
نشر موقع "CGTN" مقالاً للكاتب توماس دبليو باوكين يتحدث فيه حول تهديدات قادة دول أميركا اللاتينية لمقاطعة القمة التاسعة للأميركيتين المرتقبة الشهر المقبل.
وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
يبدو أنّ بنداً على جدول وزارة الخارجية للولايات المتحدة يتجه نحو كارثة. إذ لا تزال القمة التاسعة للأميركتين، المقرر عقدها في لوس أنجلوس، كاليفورنيا، في الفترة من 6 إلى 10 حزيران/ يونيو المقبل، غارقة في الارتباك مع تزايد التهديدات بالمقاطعة. كان الهدف من القمة هو تسليط الضوء على رؤية الرئيس الأميركي جو بايدن، لاستعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية لبلاده مع أميركا اللاتينية .
كافحت إدارة بايدن لإقناع جميع رؤساء الدول في نصف الكرة الغربي بالموافقة على حضور القمة، بينما رفضت واشنطن إرسال دعوات رسمية لقادة كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا. وفي رد على هذا الازدراء، هدد الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور ورئيس هندوراس زيومارا كاسترو والرئيس البوليفي لويس أكري بعدم حضور القمة، مما يضاعف من المأزق الدبلوماسي لواشنطن، التي تعترف رسمياً بالمعارض الفنزويلي خوان غوايدو كزعيم للبلاد. وإذا اختارت الولايات المتحدة توجيه دعوة إلى فنزويلا، فستكون إما لغوايدو أو الرئيس نيكولاس مادورو - وليس لكليهما، في وقت تعترف فيه معظم دول أميركا اللاتينية بمادورو كرئيس للدولة في كاراكاس، ويصرون على أن يتلقى دعوة لحضور القمة.
لا يفصلنا عن القمة سوى أقل من 10 أيام، لكن المنظمين لم يكملوا قائمة دعواتهم ولم يحدد البيت الأبيض بوضوح كيف يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دوراً أكثر أهمية وتقديم حلول أفضل للأميركتين. وعندما أعلنت إدارة بايدن عن تحديثات جديدة للقمة، أعادت التأكيد على التزامات غامضة بشأن تفضيل الاستدامة ومعالجة تغير المناخ وتعزيز الديمقراطية.
الأمر الأكثر أهمية هو أن بايدن تخلى عن تعهده بتوجيه "إطار اقتصادي" جديد تقوده الولايات المتحدة لمنطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. وفي وقت قدمت فيه حزمة مساعدات بقيمة 40 مليار دولار لأوكرانيا، فلا يتوقع أن تُظهر الولايات المتحدة إيماءات مماثلة من الكرم للدول المجاورة لها، في حين أن العديد من دول الأمريكتين تعاني من ركود اقتصادي.
يضاف إلى فوضى الدعوات الى القمة والارتباك الدبلوماسي، العلاقات المتوترة لإدارة بايدن مع حكومتي البرازيل وغواتيمالا. والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو لم يلتقِ بايدن شخصياً. وفي وقتٍ سابق أعرب البيت الأبيض عن مخاوفه من أن بولسونارو سيرفض قبول النتائج إذا هُزم في الانتخابات التي ستجري في البرازيل في شهر تشرين أول/ أكتوبر المقبل. وكان بولسونارو أيضاً قد أظهر ميلاً واضحاً لصالح علاقات أقوى مع الصين وروسيا، وشجع الدول الأخرى في المنطقة على تعزيز علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع بكين وموسكو.
وبالفعل الصين وروسيا، منخرطتان منذ سنوات في تعاون اقتصادي عميق مع دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. ومن الواضح أن واشنطن ومجتمع الأعمال الأميركي فقدا تأثيرهما على المنطقة. ولم يعد التعجرف الأميركي، والتعالي في معاملة دول أميركا اللاتينية نافعاً.
أظهرت التهديدات بالمقاطعة من قبل القادة الوطنيين في المنطقة الشقاق المتزايد بين الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية، على غير ما اعتقدت إدارة بايدن، أنه من خلال استضافة القمة التاسعة للأميركتين في لوس أنجلوس، فإنّ جميع القادة الوطنيين المدعوين سيكونون متحمسين للغاية للحضور، لكن الواقع مختلف تماماً، فحكومات أمريكا اللاتينية تريد لواشنطن أن تعرف أنها لم تعد تجلس على رأس الطاولة، وأنّ هذه قمة بين أنداد، بدلاً من أن يقرر العم سام من جانب واحد من هو على قائمة المدعوين. ويبدو أن حصاد واشنطن لسياسات الهيمنة التي مارستها قد بدأ. ما يفرض على واشنطن، أن تفكر أكثر في إجراءاتها السابقة مع دول أميركا اللاتينية والكاريبي. فلم تعد أيام قيام الولايات المتحدة بالتنمر على الدول الصغيرة تحمل نتائج مثمرة.
يحب الرئيس بايدن الحديث كثيراً عن "الشفاء" و "الوحدة"، لكن قمة الأميركيتين تواجه عدداً من من التهديدات الجادة من المقاطعة إلى الفوضى. وهذه إشارة أخرى إلى أنّ نفوذ الولايات المتحدة على الأميركتين آخذ في التضاؤل، إثر فشلها في فهم أهمية الاتجاهات الجيوسياسية الحالية، في عالم يواجه اليوم معدلات تضخم عالية، واضطرابات شديدة في سلسلة التوريد، وعقوبات اقتصادية صارمة مفروضة على روسيا، تسبب مخاوف أكبر بشأن احتمالية نقص الغذاء والطاقة. يجب أن يعالج بايدن هذه الموضوعات في القمة المقبلة، لكن إدارته تفضل التحدث عن سياسة تغير المناخ الأميركية.
لقد تجاهلت الولايات المتحدة إلى حد كبير جماعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في السنوات القليلة الماضية، وقد يكون الوقت قد فات لتغيير المدّ وتوقع ما هو أفضل لنفوذ واشنطن على نصف الكرة الغربي. وقد يحضر القمة جميع القادة المدعوين، لكن ذلك لن يخفف من العداء الذي يختمر بين الولايات المتحدة وجماعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.