في الفناء الخلفي للصين.. قوة أميركا أصبحت متواضعة
الولايات المتحدة تتكيَّف في الوقت الحالي مع عالم متعدد الأقطاب، وتتعلم التعاون مع الاعتراف بالحاجة إلى المزيد من التواضع.
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر مقالاً للكاتب داميان كايف، يتحدث فيه عن تصاعد قوة الصين في آسيا والمحيط الهادئ في مقابل تواضع قوة الولايات المتحدة في المنطقة نفسها بشكل متزايد، ما يدفعها إلى التعاون ويجعلها تتكيف مع عالم متعدد الأقطاب.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
بعيداً عن أوكرانيا وغزة، وبينما تجتمع مجموعة الديمقراطيات السبع الغنية في إيطاليا لمناقشة مجموعة من التحديات القديمة الراسخة، فإنّ طبيعة القوة الأميركية تتغير في المنطقة التي تعتبرها واشنطن حاسمة للقرن القادم: آسيا والمحيط الهادئ.
هنا، لم تعد أميركا تقدم نفسها باعتبارها الضامن الواثق للأمن أو قوة عظمى واثقة بنفسها، فالمساحة شاسعة جداً، وصعود الصين يشكل تهديداً كبيراً جداً. لذلك، تعرض الولايات المتحدة أن تكون شيئاً آخر: زميلاً متحمساً للتحديث العسكري والتطوير التكنولوجي.
في هذه الحقبة الجديدة، تقوم العديد من الدول بالمزيد بمفردها وبمساعدة الولايات المتحدة. وفي الكواليس، يختبر المسؤولون الأميركيون أيضاً أنظمة اتصالات آمنة جديدة مع شركائهم، ويوقعون صفقات لإنتاج مدفعية مشتركة مع الحلفاء وتأمين إمدادات الدم من المستشفيات في جميع أنحاء المنطقة في حال نشوب صراع، كما أنهم يتدربون مع المزيد من الدول بطرق أكثر توسعية.
يسلط هذا التعاون الضوء على نظرة المنطقة إلى الصين، ولكن هل تراهن هذه الدول على أميركا على المدى الطويل على حساب الصين أو أنهم يدركون قوتهم الصاعدة، ويتصرفون كبراغماتيين، ويحصلون على ما يستطيعون من قوة عظمى متقلبة، إذ يرغب عدد متزايد من الناخبين في أن تبقى البلاد بعيدة عن الشؤون العالمية؟
في مقابلات أجريت مع أكثر من 100 مسؤول حالي وسابق من الولايات المتحدة وبلدان المحيطين الهندي والهادئ خلال العام الماضي، قال الكثيرون إنّ القرن القادم سيكون على الأرجح أقل هيمنة من القرن الماضي.
وبحسب قولهم، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات القادمة أو الانتخابات التي تليها، فإنّ الدولة المسؤولة عن النظام العالمي اليوم أضعفتها حربا العراق وأفغانستان والآثار المزعزعة للاستقرار المترتبة على صعود الصين في التصنيع المحلي والانقسامات الداخلية في أميركا.
كما أنّ العالم يتغير أيضاً مع تزايد عدد الدول القوية القادرة على تشكيل الأحداث. ومع مشاركة الولايات المتحدة التكنولوجيا الحساسة وإعطائها الأولوية للعمل الجماعي، يعتقد الكثيرون أنّهم يشهدون إعادة تشكيل عالمي وتطوراً في القوة الأميركية.
ويرى هؤلاء أنّ الولايات المتحدة تتكيف في الوقت الحالي مع عالم متعدد الأقطاب. إنّها تتعلم التعاون بطرق لا يناقشها العديد من السياسيين في واشنطن الذين يركّزون على التفوق الأميركي، مع الاعتراف بالحاجة الكبيرة إلى المزيد من التواضع.