"فاينانشال تايمز": إغلاق شنغهاي يثير القلق بشأن سلاسل التوريد العالمية
أوقف مصنعو الأجهزة الإلكترونية الإنتاج بعد قيود بسبب تفشي الوباء امتدت إلى مناطق أخرى بجوار أكبر مدينة في الصين.
رأت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن الإغلاق العام في مدينة شنغهاي، وهي أكبر مدن الصين، سيكون له تأثير على الاقتصاد العالمي.
وقالت الصحيفة إن هذا الإغلاق يعد أكبر الاغلاقا العامة منذ بداية وباء كورونا، وسيكون له تأثير على اقتصاد المدينة ذاتها، والصين ككل، وحتى العالم بأجمعه.
ويتزامن هذا الإغلاق مع التغاضي عن أعداد الإصابات المستمرة بفيروس كوفيد في كل من أوروبا، الولايات المتحدة وبقية بلدان العالم.
وأضافت "فاينانشال تايمز" أن لهذا الإغلاق العام ثلاث تداعيات اقتصادية هي: تداعيات على سلاسل التوريد، وتداعيات على النمو الاقتصادي للصين، وتداعيات على النقاش الداخلي في البلاد حول الإصلاح.
وأوضحت الصحيفة أن ميناء شنغهاي هو أكبر مرفأ في العالم، والإغلاق العام في المدينة سيوقف عمل الشحن فيه بنسبة كبيرة. فعلى الرغم من أن المرفأ لا يزال يعمل محلياً وبشكل جزئي، الا أن هناك مشاكل تتعلق باللوجستيات. فقد بدأت السفن تنتظر في الطوابير لتحميل أو تفريغ شحناتها. وهذا من الممكن أن يعيق عمل المصانع التي تنتظر الشحنات القادمة من شنغهاي لتباشر عملها.
وخلصت الصحيفة إلى أن هذا الأمر ستكون له تداعيات اقتصادية قد تمتد الى أسابيع أو حتى أشهر.
وقالت الصحيفة في تقرير آخر إن توقف أحد أكبر مراكز تصنيع الإلكترونيات في العالم بالقرب من شنغهاي، أدى إلى تفاقم المخاوف الاقتصادية للصين وتفاقم تعطل سلاسل التوريد العالمية.
فقد أوقف العشرات من منتجي المكونات الإلكترونية الحيوية الأربعاء الإنتاج في مصانعهم في مدينة كونشان القريبة من شنغهاي. وقالت الشركات والمحللون إن الإغلاق كان لا مفر منه بعد أن تم تمديد قواعد الإغلاق المطبقة في شنغهاي لتشمل كونشان.
وقال باتريك تشين، رئيس قسم الأبحاث في CLSA، وهي شركة سمسرة في تايبه: "تغير الوضع في كونشان بين عشية وضحاها. في حين أن المصانع هناك كان يمكن أن تعمل في السابق تحت ما يسمى بـ"الإدارة الثابتة"، فإنها تتحول الآن إلى نظام مثل شنغهاي، حيث يتم تصنيف المناطق الفردية على أنها مغلقة أو مقيّدة أو محمية اعتماداً على وقت آخر تسجيل للإصابات بفيروس كورونا".
وقد أدت اضطرابات الإنتاج إلى زيادة المخاطر على تباطؤ الاقتصاد الصيني. وحذر رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ الاثنين، للمرة الثالثة خلال أسبوع من المخاطر التي تشكلها تدابير السيطرة على الوباء على الاقتصاد.
وأظهرت بيانات رسمية أن الحالات الجديدة وصلت إلى مستوى قياسي في شنغهاي يوم الثلاثاء بعد انخفاضها في اليوم السابق. كانت هناك 26330 حالة إيجابية في المدينة، التي تخضع لإغلاق واسع في محاولة لوقف أسوأ تفشي للفيروس في الصين منذ عامين.
ووضعت السلطات مخططاً لتخفيف بعض الإجراءات من خلال السماح للمجمعات السكنية التي لم توجد فيها حالات كوفيد خلال الأسبوعين الماضيين بإعادة فتحها. لكن قيود الإغلاق لا تزال سارية في أجزاء كبيرة من أكبر مدينة في الصين، حيث اشتكى السكان من صعوبات في طلب الطعام عبر الإنترنت. وقد أمرت وزارة الخارجية الأميركية هذا الأسبوع الموظفين القنصليين غير الأساسيين بمغادرة شنغهاي.
كما أثّر الإغلاق على شركات النقل بالشاحنات، مما أثار تحذيرات من تأثير أعمق على التجارة العالمية. ومع ذلك، ظل ميناء شنغهاي يعمل من خلال ما يسمى بنظام الحلقة المغلقة، حيث يظل العمال في الموقع.
وقدر الاقتصاديون في نومورا أن 45 مدينة و373 مليون شخص في الصين كانوا تحت الإغلاق الكامل أو الجزئي، مقارنة بـ23 مدينة و193 مليون شخص قبل أسبوع.
وفي إشارة إلى تزايد الضغوط على التجارة، تراجعت الواردات إلى الصين بالدولار في آذار / مارس على أساس سنوي للمرة الأولى منذ آب / أغسطس 2020. وارتفعت الصادرات بنسبة 15 في المائة.
وأشارت الصحيفة إلى أن تأخيرات الإنتاج في صناعة الإلكترونيات تجعلها أحدث قطاع يتأثر بالقيود. وقالت شركة صناعة السيارات الكهربائية "نيو" Nio خلال عطلة نهاية الأسبوع إن الموردين في شنغهاي وأماكن أخرى أوقفوا الإنتاج وإنها ستعلق عمليات التسليم.
وأعلن أكثر من 30 مصنع إلكترونيات تايواني، الأربعاء، إغلاق مصانع بالقرب من شنغهاي.
وقالت WUS، وهي شركة رائدة في صناعة الدوائر المطبوعة، إن اثنتين من الشركات التابعة لها ومقرهما كونشان، قد علقتا الإنتاج. وأعلنت شركة كوريترونيك Coretronic المصنعة للإضاءة الخلفية لشاشات الكريستال السائل عن توقف الإنتاج لمدة أسبوع في مصنعها في كونشان، بينما قالت شركة "وايز بايونير" Wise Pioneer، وهي مورد لآلات تصنيع المنتجات الإلكترونية مثل الشاشات المسطحة والعدسات، إنها تمدد وقف الإنتاج لمدة أسبوع آخر.
وأوقفت شركة بيتاغرون Pegatron المُصنِّعة للإلكترونيات، التي تجمع بعض طرازات هواتف "آيفون" iPhone لشركة آبل Apple، الإنتاج في مصنعين في شنغهاي وكونشان يوم الثلاثاء.
وقال محللون إن الإغلاقات تنذر بتفاقم نقص المكونات.
وحتى لو سُمح لبعض الشركات بمواصلة الإنتاج، فقد انخفضت معدلات استخدامها إلى ما بين 40 و60 في المائة. وقال تشين إن المواد الخام لا يمكن نقلها ولا يمكن نقل المنتجات النهائية.
وتوقع المحللون أن تتأثر إمدادات لوحات الدوائر المطبوعة (البورد)، وهي مكون يستخدم في كل أداة إلكترونية تقريباً، بالإضافة إلى أغلفة الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، أكثر من غيرها بإغلاق المصانع.
وكان من المتوقع أن يكون التأثير على شركة آبل محدوداً لأن الطلب على طرازات "آيفون" التي تجمعها "بيغاترون" Pegatron، 13 mini وSE3، كان بطيئاً وكان إنتاج جهاز "آيفون 14" يرتفع فقط في أواخر الربع الثالث.
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت