"غلوبال تايمز": وزيرة خارجية بريطانيا تحلم بالإمبراطورية مجدداً

دأب بعض السياسيين في الولايات المتحدة والغرب على تشويه الحقائق، وربطوا عمداً الصراع الروسي الأوكراني بقضية تايوان في محاولة للعب "ورقة تايوان" لاحتواء الصين.

  • وزيرة خارجية بريطانيا إليزابيت تراس.
    وزيرة خارجية بريطانيا إليزابيث تراس.

انتقدت افتتاحية صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية كلام وزيرة الخارجية البريطانية إليزابيث تراس بشأن تايوان والصين. وقالت الصحيفة إن تراس ألقت ما وصفته صحيفة "فاينانشيال تايمز" بخطاب "متشدد" في مأدبة في لندن يوم الأربعاء الماضي، استهدفت فيه الصين. 

وقالت تراس إن "حلف شمال الأطلسي (الناتو) يجب أن تكون له نظرة عالمية" ، و"يحتاج إلى استباق التهديدات في المحيطين الهندي والهادئ". ثم أشارت بصراحة إلى أنهم "يجب أن يضمنوا أن ديمقراطيات مثل تايوان قادرة على الدفاع عن نفسها". 

وعلقت الصحيفة بالقول إن من الإنصاف أن نقول إن تصريحات تراس هي أكثر التصريحات الوقحة والطموحة من بين تلك التي أدلى بها السياسيون الأميركيون والغربيون لفترة من الوقت حول "عولمة الناتو".

وجاءت تصريحات تراس بينما كان أعضاء حلف الناتو يناقشون "المفهوم الاستراتيجي" الجديد للكتلة. وهناك نقاش حاد بين دول الناتو حول مقدار التركيز الذي يجب أن ينصب على "التهديد الأمني" الذي تشكّله الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. في نفس اليوم، قال القائد الأميركي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ الأميركي إن الناتو "نموذج جيد جداً" لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، لتلك الدول التي تقدر الحرية. 

ورأت الصحيفة أن مثل هذا النمط من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أصبح مألوفاً لدى الناس. فمنذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، دأب بعض السياسيين في الولايات المتحدة والغرب على تشويه الحقائق، وربطوا عمداً الصراع الروسي الأوكراني بقضية تايوان في محاولة للعب "ورقة تايوان" لاحتواء الصين. استغلت إليزابيث تراس أزمة أوكرانيا للتحدث عن "التهديد الصيني" في وقت مبكر قبل اندلاع الصراع. وحذرت من أن الصين يمكن أن تستغل الصراع الروسي الأوكراني كفرصة لشن عدوان خاص بها في المحيطين الهندي والهادئ. حتى رئيس الوزراء الأسترالي السابق بول كيتنغ انتقدها بشدة ووصفها بأنها "مجنونة" وتعاني من "أوهام العظمة".

ورأت الصحيفة أنه يوجد بالفعل حالياً جنون في السياسة الخارجية البريطانية بسبب الأزمة الأوكرانية. فالمملكة المتحدة، التي غادرت الاتحاد الأوروبي بالفعل ولديها "علاقة خاصة" مع الولايات المتحدة، تعتقد أن لديها موقفاً أكثر مرونة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهي تقوم بأشياء غير مريحة لواشنطن وفي بعض الأحيان تكون أكثر عدوانية. يرى بعض السياسيين في لندن الآن أن هذا مصدر للتميّز والتفوق. وكلما فعلوا ذلك، كلما شعروا بالدفء المستمر للمكانة السابقة للمملكة المتحدة باعتبارها "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس أبداً".

وقالت الافتتاحية إنه على الرغم من أن المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تعتبر "بريطانيا العالمية" هدفها الاستراتيجي، على أمل أن تصبح دولة رائدة في جميع أنحاء العالم. لكن على مر السنين، يبدو أن "بريطانيا العالمية" المزعومة تتشبث بشدة بالولايات المتحدة. فقد زعمت تراس أنها ستصبح "تاتشر الحديثة"، لكنها تبدو فقط كرئيسة لمكتب وزارة الخارجية الأميركية في لندن. فمنذ توليها منصب وزيرة خارجية بريطانيا، وجّهت تروس أصابعها إلى الصين بشأن جميع القضايا الرئيسية المتعلقة بالصين تقريباً، بما في ذلك قضية تايوان وقضيتي هونغ كونغ وشينجيانغ. لقد اتبعت خطى واشنطن وانحدرت البراغماتية الدبلوماسية التي اعتاد البريطانيون الحديث عنها بشكل متزايد إلى الانتهازية والراديكالية. في إعادة انتشار واشنطن للنظام العالمي، ترغب المملكة المتحدة بشكل متزايد في أن تكون "حصاة".

في تموز / يوليو الماضي، أرسلت المملكة المتحدة حاملة طائراتها من طراز "كوين إليزابيث" Queen Elizabeth إلى بحر الصين الجنوبي، لكنها كانت بحاجة إلى طائرات مقاتلة وسفن حربية من إيطاليا لصنع أسطول. في أواخر آذار / مارس الماضي، أثناء زيارة تراس لنيودلهي، حاولت إقناع الهند بعدم شراء النفط الروسي، لكن وزير الشؤون الخارجية الهندي إس جايشانكار دافع عن شراء الهند للنفط الروسي المخفض سعره. وقال جايشانكار "إذا نظرتِ إلى المشترين الرئيسيين للنفط والغاز من روسيا، أعتقد أنك ستجدين معظمهم في أوروبا"، رافضاً الطلب غير المعقول من المملكة المتحدة.

حتى مع استمرار انخفاض قوتهم، بدأ بعض السياسيين البريطانيين والأميركيين في تخيّل "السيطرة على العقل" - أي إعادة تأسيس "التفوق" العالمي للحضارة الأنغلو سكسونية. لا تخفي تراس نفسها ذلك، حيث دعت بريطانيا في خطاب ألقته العام الماضي إلى وقف الشعور بالذنب بشأن التاريخ الاستعماري وأن تفتخر بهويتها ومكانتها بدلاً من ذلك. هذا هو السبب في أنه ليس من المستغرب أنه على الرغم من تناوب السياسيين في المملكة المتحدة أخيراً على محاولة الفوز بالهند، والتأكيد على العلاقة الخاصة بين المملكة المتحدة والهند والإشادة بالهند بكل أنواع الكلمات اللطيفة، فإن الاستجابة المحلية في الهند كانت متواضعة. يقول الهنود إن المملكة المتحدة لا تزال تتبنى عقلية استعمارية تجاه الهند.

وقالت "غلبوبال تايمز" إن الهند ليست الدولة الوحيدة التي شهدت ذلك. فقد أدرك المزيد من البلدان طبيعة سلسلة من أنشطة الدائرة الصغيرة التي تقوم بها المملكة المتحدة والولايات المتحدة باسم ما يسمى بالقيم المشتركة والثقافة التي تعطي الأولوية للأنغلو ساكسون.

وختمت الافتتاحية بالقول إن تراس وأمثالها حاولوا جلب حلف الناتو إلى آسيا ومحاولة زعزعة استقرار المحيط الهادئ، لكن ذلك محكوم عليهم بالفشل. إن معاملة الصين على أنها "منافس منهجي" هي بالتأكيد خطأ كبير في تقدير استراتيجية "بريطانيا العالمية".

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم