صحافة تركية: عن الدعوة لتأسيس "حلف القدس"
الدعوة لتأسيس "حلف القدس" ستزعج بالتأكيد القوى الإمبريالية، ولا سيما أميركا وبريطانيا و"إسرائيل".
صحيفة "أكِت" التركية تنشر مقالاً للكاتب عبد الله ييلضز، يتحدث فيه عن دعوة تركيا لإنشاء حلف القدس، مشيراً إلى أهمية إنشاء مثل هذا الحلف للدول الإسلامية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
اقترح زعيم حزب الحركة القومية في تركيا دولت باهتشلي الأسبوع الماضي تأسيس "حلف القدس" بمشاركة تركيا والدول الإسلامية، مشيراً إلى أنّ مثل هذا الحلف مهم جداً بالنسبة إلى الأمن القومي التركي، ومن الممكن أن يسهم في ترسيخ الاستقرار في المنطقة.
وقد أشار باهتشلي إلى أنّ تركيا قد تؤدي دوراً محورياً وقيادياً في تأسيس هذا الحلف، وقال: "إنّنا نؤمن بأن السعي لتأسيس مثل هذا الحلف سيجد أصداء في الدول المعنية، وأنه سيكون خطوة تاريخية لتغيير القدر المشؤوم الذي تعيشه غزة والقدس والمنطقة بشكل عام".
ولكن مع الأسف، لم تجد الدعوة إلى تأسيس حلف القدس استجابة كافية في تركيا والدول الإسلامية، بل على العكس دارت نقاشات حول ضعف إمكانيات العالم الإسلامي، ولكن في الحقيقة حان الوقت لنبذ الخلافات وتأسيس "الاتحاد الإسلامي" وذراع عسكرية تابعة له باسم "قوات السلام الإسلامية"، فإن لم يتم تأسيس ذلك الآن، فماذا ننتظر؟ هل ننتظر دمار فلسطين والقدس وغزة؟
وبشأن المجازر التي ترتكبها "إسرائيل" بحق الفلسطينيين، قال باهتشلي: "إذا استمر الوضع على ما هو عليه، ولم تتوقف الوحشية، فذلك يعني أننا على وشك أن نشهد اندلاع حرب عالمية أو إقليمية. لذا، ما ينبغي فعله هو تنفيذ وقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن للحيلولة دون استمرار المجازر الجماعية، ثم اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان السلام والاستقرار الدائمين في الشرق الأوسط. ولتحقيق ذلك، يجب تأسيس حلف القدس من قبل دول المنطقة، ولا سيما تركيا وسوريا والعراق ومصر".
وفي هذا الصدد، أشار باهتشلي إلى أنّ هناك ضرورة ملحّة لوجود حلف إقليمي يفرض نفسه في عمليات الحوار والتعاون المتعلقة بفلسطين أو القدس، مشدّداً على أنّ المجتمعات الإسلامية يجب أن تكون على قلب رجل واحد.
وأردف قائلاً: "قضية القدس ليست قضية الفلسطينيين دون غيرهم، بل هي قضية جميع المسلمين وكل من يهمه تحقيق العدل وإحقاق الحق، فالقدس مفتاح السلام والاستقرار العالميَّين. وإذا لم يُستخدم هذا المفتاح بشكل صحيح، فإنّ الفوضى لن تخيِّم على الشرق الأوسط فحسب، بل على العالم بأسره أيضاً. وترى تركيا منذ البداية أنّ الخيار الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار الدائمَين في الشرق الأوسط هو تأسيس دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية وفق حدود 1967، فتركيا تناصر القصية الفلسطينية بإخلاص، وهي مستمرة في هذا النضال حكومةً ومعارضةً وشعباً".
وأعتقد أنّ مقترح باهتشلي يجب أن يُقيَّم على أنّه مشروع تبنّته الدولة التركية، وليس مجرد اقتراح صادر عن حزب الحركة القومية فحسب، فحلف القدس الذي يشتمل على أبعاد سياسية واقتصادية وثقافية هو أبرز وأهم حل للحفاظ على أمن تركيا والدول الإسلامية في وقت يتم الحديث عن احتمال نشوب حرب عالمية جديدة.
وينبغي ألا ننسى أنّ تركيا في وقت سابق أدت دوراً ريادياً في حلفي بغداد وسعد آباد، بالتعاون مع إيران وباكستان وأفغانستان، وكذلك في منظمة التعاون والتنمية الإقليمية بالتعاون مع إيران وباكستان، كما أسهمت في تأسيس مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية بالتعاون مع إيران وباكستان ومصر وإندونيسيا وماليزيا ونيجيريا. وقد عاشت التجارب المشتركة مع الدول الإسلامية من خلال منظمة التعاون الإسلامي، وكانت دولة ريادية في كل ذلك، فأي دولة ستؤدي دوراً ريادياً في حلف القدس أيضاً؟
ومن المؤكد أنّ مثل هذه المحاولة ستزعج القوى الإمبريالية، ولا سيما أميركا وبريطانيا و"إسرائيل"؛ ففي عام 1960، أطاحت الطغمة العسكرية الموالية لأميركا حكومة الحزب الديمقراطي، لأنّها ترأست حلف بغداد، وتم إعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس، ووزير الخارجية فطين رشدي زورلو، ووزير المالية حسن بولاتقان، الذين وقَّعوا على حلف بغداد، كما تم اغتيال الملك فيصل الثاني الذي كان في طريقه إلى أنقرة لحضور اجتماع حلف بغداد. وكذلك اغتيل رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد، في حين نُفي الزعيم الباكستاني إسكندر ميرزا خارج بلاده في إثر انقلاب أطاح حكمه.