شولتز وماكرون ودراغي في كييف: الإمبريالية الأوروبية تصعّد الحرب ضد روسيا

"القادة" الأربعة يعدون بتزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة الثقيلة وزيادة فرص الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة وحلفاؤها يأملون أن تؤدي الأسلحة الإضافية إلى تحويل مسار الحرب لصالح أوكرانيا.

  • شولز وماكرون ودراجي في كييف: الإمبريالية الأوروبية تصعد الحرب ضد روسيا
    شولتز وماكرون ودراجي في كييف: الإمبريالية الأوروبية تصعد الحرب ضد روسيا

نشر موقع "world socialist" مقالاً للكاتب بيتر شوارتز، يتحدث فيها عن الرسالة التي نقلتها زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إلى كييف.

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

كل من كان يعتقد أنّ القوى الأوروبية الرئيسية تتبنى مساراً سلمياً تجاه روسيا أكثر من الولايات المتحدة، ثبت أنه خاطىء أخيراً، بعد سفر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، معاً على متن قطار خاص إلى كييف للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وانضم إليهم الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس.
 
الرسالة التي نقلها  "القادة" الأربعة واضحة لا لبس فيها. في حين أنّ الحرب مع روسيا تتحول بشكل متزايد إلى حرب استنزاف دون نهاية متوقعة، وتودي بحياة مئات الأشخاص كل يوم، فإنّهم يبذلون قصارى جهدهم لتصعيدها وإطالة أمدها. ووعدوا بتزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة الثقيلة وزيادة فرص الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وبذلك، فإنّهم يقبلون بوعي نحو المخاطرة بنشوب حرب عالمية ثالثة.
 
شدد المستشار الالماني على الأهمية الرمزية للزيارة المشتركة. وقال: "من المهم لرؤساء حكومات الدول الثلاث الكبرى الآن ومن كييف أن يظهروا دعمهم لأوكرانيا في هذا الوضع الخاص للغاية للحرب". وقال إنّ الهدف لم يكن فقط إظهار التضامن، ولكن أيضاً الاستمرار في تقديم المساعدة المالية والإنسانية والعسكرية "طالما كان ذلك ضرورياً لنضال أوكرانيا من أجل الاستقلال".
 
في مؤتمر صحفي مشترك مع زيلينسكي وماكرون ودراجي ويوهانيس، أكد شولتز بعد ذلك على إرسال الأسلحة الثقيلة والمتطورة إلى أوكرانيا، من الدبابات الحديثة ومدافع "هاوتزر 2000"، والنظام الحديث المضاد للطائرات "ايريس تي"، و"رادار كوبرا"، ووعد شولتز بإرسال قاذفات صواريخ متعددة بالتشاور مع بريطانيا والولايات المتحدة.

كما وعد ماكرون بتزويد مدافع "هاوتزر" إضافية. وقال: "إضافة إلى مدافع هاوتزر الـ 12 ذاتية الدفع التي تم تسليمها بالفعل، ستُضاف 6 مدافع أخرى في الأسابيع المقبلة".
 
كان زيلينسكي متحمساً. وقال إنّه سيتم تسليم أسلحة، بما في ذلك تلك التي تريدها أوكرانيا. وأضاف: "ألمانيا تساعدنا كثيراً في هذا الأمر". ووصف ترشيح أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بأنّه "خيار تاريخي لأوروبا".
 
في اليوم السابق للزيارة الثلاثية المشتركة، قرر وزراء دفاع ما يسمى بمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية، التي تضم 30 عضواً في حلف الناتو، إضافة إلى السويد وفنلندا وجورجيا ومولدوفا وأستراليا وعشرات البلدان الأخرى، في اجتماع عقد في بروكسل لأجل زيادة هائلة في إمدادات الأسلحة.

تأمل الولايات المتحدة وحلفاؤها أن تؤدي الأسلحة الإضافية إلى تحويل مسار الحرب لصالح أوكرانيا، حيث تسيطر روسيا حالياً على خُمس الأراضي الأوكرانية.

وسيكون نصيب الأسد من هذا الدعم من حصة  الولايات المتحدة، التي زادت إمداداتها من الأسلحة بمقدار مليار دولار أخرى.

لكن القوى الأوروبية لا تتبع الولايات المتحدة ببساطة، كما يزعم بعض النقاد. إنّهم في الحقيقة يسعون وراء مصالحهم الإمبريالية. كل ذلك يغير من طابع الاتحاد الأوروبي، ويتحول من اتحاد اقتصادي  إلى تحالف عسكري إمبريالي موجه ضد روسيا والصين وفي النهاية ضد الطبقة العاملة الأوروبية والأميركية. وفي حين أن القلة الأوكرانية والنخب اليمينية الفاسدة في البلاد يحلمون بمكان على مائدة الولائم في بروكسل، فإنّ عضوية الاتحاد الأوروبي ستكون كابوساً للعمال الأوكرانيين. حتى خلال أثناء عملية استيعابها التي عادة ما تستمر لسنوات أو عقود، يتوجب على الحكومة الاوكرانية تقليص جميع النفقات الاجتماعية "الزائدة عن الحاجة".
 
ماريو دراغي، الذي يدافع الآن عن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي كرئيس للحكومة الإيطالية، كان رئيساً للبنك المركزي الأوروبي منذ عام 2011، عندما فرض برنامج تقشف على الطبقة العاملة اليونانية كجزء مما يسمى الترويكا، والتي أغرقت الملايين في فقر مدقع وموت الآلاف. وفي دول أوروبا الشرقية التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي منذ أكثر من 15 عاماً، يواصل العمال الكفاح من أجل رفع أجورهم أمام سياسات التجويع للشركات الدولية، في حين تم تدمير البنية التحتية الاجتماعية ترزح الشعوب تحت نظام سلطوي فاسد.
 
حاولت ألمانيا مرتين في القرن العشرين إخضاع أوكرانيا لنفوذها. الأولى كانت في العام 1918 أثناء "السلام" الذي فرضته  وأجبرت الحكومة الثورية في موسكو على التخلي عن أوكرانيا، وأنشأت نظاماً دمية في كييف، بقيادة الضابط القيصري الوحشي والديكتاتور بافلو سكوروبادسكي، ثم ، في العام 1941، وخلال (حرب الإبادة ضد الاتحاد السوفيتي)، قتلت ألمانيا الملايين فوق أراضي أوكرانيا لخلق "مساحة معيشية" للألمان.
 
زيارة شولتز إلى ضاحية إيربين في مدينة كييف للأعرب عن أسفه "لقسوة روسيا التي لا يمكن تصورها"، ذروة في النفاق. كان بإمكانه النزول في الطريق من وسط المدينة حيث قتل الفيرماخت الألماني 34000 يهودي من كييف في غضون 36 ساعة في العام 1941. لكن هذا لا يناسب نظام أوكرانيا، الذي يبجل المتعاونين مع النازيين مثل ستيبان بانديرا وأعضاء منظمته المتطرفة على أنهم "أبطال".
 
عندما دمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها  بغداد والموصل والفلوجة وطرابلس وبلغراد وغزة، لم نر أي من رحلات الحج كتلك إلى كييف، فالأخلاق عند شولتز وماكرون ودراغي تمليها حصرياً المصالح الإمبريالية في السياسات الداخلية والخارجية.
 
الدافع الحاسم لإعادة تسليح ألمانيا، والتي ستضاعف ميزانيتها الدفاعية ثلاث مرات هذا العام، وأوروبا بأسرها، يتأتى من اشتداد الصراع الطبقي. والطبقات الحاكمة في أوروبا والولايات المتحدة تتخوف من ثورة الشعوب ضد العواقب المميتة لوباء كورونا وآثارها على التضخم، ولطالما استخدمت الحرب والنزعة العسكرية كوسيلة لقمع الصراع الطبقي بالقوة.