"ذا ناشيونال انترست": هل تستطيع الصين اختراق الكابلات البحرية الأميركية؟

تعتبر خطوط القطع لكل من الاتصالات والإمداد مفاهيم قديمة وسيوفر قطع الكابلات البحرية مزايا واضحة في ساحة حرب.

  • "ذا ناشيونال انترست":  من السهل إتلاف الكابلات

نشرت صحيفة "ذا ناشيونال انترست" مقالاً تحت عنوان هل تستطيع الصين اختراق الكابلات البحرية الأميركية؟، وتقول إنه يوجد حالياً أكثر من 430 كابلاً تحت الماء تعبر ما يقرب من 750.000 ميل من قاع المحيط، وبعضها يمتد لمسافة تصل إلى 24000 ميل.

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

عند نهايات الحرب العالمية الثانية، قال الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين عن خسارة ألمانيا النازية الحرب إن "جنرالات أدولف هتلر كانوا مغرمين للغاية بالمنظرين العسكريين مثل كارل فون كلاوزفيتز وهيلموث فون مولتك لكن الحرب تُربح في المصانع".

وفي الواقع، كانت القدرة الصناعية الأميركية أساسية لتحقيق النصر خلال تلك الحرب. وكذلك هي حروب اليوم والغد لا تقل اعتمادًا على الصناعة والبنية التحتية. لكن، بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، فإن البنية التحتية الدفاعية الحيوية معرضة للخطر بشكل مقلق.

ففي كثير من القطاعات الاقتصادية، تدعم كابلات الاتصالات البحرية الاقتصادات الحديثة بمجملها. كما يلاحظ جاكوب هيلبيرج المستشارفي مركز الجغرافيا السياسية والمعلومات ب"جامعة ستانفورد"، في أن التكنولوجيا والتضافر العالمي من أجل الطاقة، يعتمد بشكل رئيسي على الكابلات البحرية، التي تشكل  العمود الفقري للإنترنت وللاقتصاد وللامن القومي الأميركي.

وفي الواقع، تحمل الكابلات ما يصل إلى 98 في المائة من بيانات العالم، والتي يصفها  بعض المحللين على انها "نفط القرن21". وهي تشمل يفعلون كل شيء من رسائل البريد الإلكتروني الى  المعاملات المصرفية والتجارية وصولا إلى دعم أنظمة الدفاع العسكرية والامنية.

يمكن للكابلات أن تكون رفيعة مثل خرطوم السقاية في الحديقة، أو سميكة مثل ساعد الشخص. ولحمايتها من الزلازل ومن عضات الأسماك الكبيرة، يتم لف الألياف الزجاجية بطبقات من البلاستيك وأحياناً من أسلاك الفولاذي، ومن ثم تغطى بشبكة معدنية وخراطيم مطاطية سميكة وتوضع في خنادق مصنوعة بواسطة سفن خاصة لمهمة مد الكابلات.

مع ذلك، من السهل إتلاف الكابلات. وهذه حقيقة تثير قلقاً متزايداً من قبل بعض المحللين وصناع القرار على حد سواء، ولن يكون من الصعب على دولة مثل روسيا التي لديها قوة ضخمة في سلاح الغواصات، قادرة على قطع تلك الكابلات. فالمحيط مكان واسع جداً، وإصلاح الكابلات سيستغرق وقتاً طويلاً، إضافة إلى تسببه با ضرار كبيرة  للولايات المتحدة وحلفائها، وبعضهم لا يمكنهم تحمل ذلك، وقيمة النظام المالي العالمي أكبر بكثير بالنسبة لهم ، مما هو عليه بالنسبة للروس. وبمجرد إصلاح الكابلات، يمكن ببساطة إعادة قطعها أو العبث بها.

في الواقع ، يوجد حالياً أكثر من 430 كابلًا تحت الماء تعبر ما يقرب من 750.000 ميل من قاع المحيط. وبعضها يمتد لمسافة تصل إلى 24000 ميل، توفر الكثير من فرص الهجوم من وجهة نظر "العدو". كما أشار كريستيان بويجر، خبير الأمن البحري في "جامعة كوبنهاغن"، إلى أنه من  السهل جداً إخفاء التخريب الذي يحدث لاي كابل تحت الماء. كذلك، يمكن أن تتسبب قوارب أو سفن الصيد في إتلاف الكابلات، او أن تضربهما الغواصات عن طريق الخطأ، أو يمكن للغواصين العبث بها.

تعتبر خطوط القطع لكل من الاتصالات والإمداد مفاهيم قديمة قدم الحرب نفسها. سيوفر قطع الكابلات أيضاً مزايا واضحة في ساحة حرب المعلومات سريعة التقدم. في الواقع، هناك سابقة عمرها قرن من الزمان.

في 5 آب/أغسطس 1914، وبعد ساعات قليلة من إعلان الحرب ضد الإمبراطورية الألمانية، قطع البريطانيون اتصالات الكابلات الألمانية، وأرسلوا سفينة تسمى "Teconia"، إلى بحر الشمال لقطع خطوط الاتصالات الألمانية الخمسة تحت الماء، بما فيها التي توصل برلين بنيويورك.

ومنذ ذلك اليوم لم يتم إرسال أي أخبار أوروبية إلى الولايات المتحدة إلا ما ترسله لندن وباريس من سرديتهما لحكاية الحرب أمام الولايات المتحدة التي كانت محايدة آنذاك، والتي سعى كلا طرفي الحرب لشدها نحوه  بسبب قوتها التصنيعة و المالية.

لا يحتاج الخصوم بالضرورة إلى قطع امداداتهذه البنية التحتية الحيوية أو العبث بها. فالصين في طريقها للسيطرة على العديد من خطوط هذه الكابلات. فشركة "هواوي مارين" الصينية ومنذ العام 2008، قامت بما يقرب من تسعين مشروعاً لبناء أو تحديث الكابلات البحرية، بعضها متصل بحلفاء رئيسيين للولايات المتحدة. وفي عام 2020، وربما لتفادي الشكوك المثارة في الدول الغربية، باعت  شركة "هواوي" فرعها البحري، ببساطة إلى مجموعة "هينغتونغ"  الصينية، والتي لها علاقات مع الجيش الصيني.

 أدى الافتقار إلى سياسة صناعية أميركية ، وتدهور البنية التحتية، والتأخر في التعرف على نقاط الضعف الأميركية، إلى تفاقم المشكلة. في حين تم إيلاء اهتمام كبير للصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، لحاملات الطيران البحرية  والدرون، مع أن التهديد الذي يواجه الولايات المتحدة اليوم  قد يأتي من أعماق البحار. ولمواجهة ذلك، سوف تحتاج الولايات المتحدة إلى الجمع بين كل من الإستراتيجية والصناعة، إلى جانب الإرادة السياسية.

 

نقله إلى العربية: حسين قطايا