دعم بايدن لأوكرانيا يثير الحرب وليس السلام

إن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المفاجئة إلى أوكرانيا ورحلته إلى بولندا لا تصب في مصلحة شعوب هذه البلدان، والدعم الحربي الأميركي لن يساهم إلا في زيادة حدة الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة، وهذا ليس في مصلحتها.

  • الرئيس الأميركي جو بايدن يسير بجوار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أثناء وصوله في زيارة لكييف
    الرئيس الأميركي جو بايدن يسير بجوار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أثناء وصوله في زيارة لكييف

تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بمواصلة "دعم" أوكرانيا في خطابه في بولندا يوم الثلاثاء الماضي، وقبل ذلك بيوم واحد، قام بايدن بزيارة "مفاجئة" للعاصمة الأوكرانية كييف،  ووعد بتقديم دعم جديد بقيمة 500 مليون دولار من العتاد والأسلحة الأميركية.

ووفق ما نشرته صحيفة "cgtn" الصينية، فإن بايدن يتفاخر بثبات دعم المنظومة الغربية بقيادة بلاده، للحرب في أوكرانيا، في ذكراها السنوية الأولى، ولا يؤدي تدخل واشنطن إلا إلى إطالة أمد الأزمة وتفاقمها وجعل الحل السلمي أكثر صعوبة، ويفرض سؤال على إدارة بايدن هل تحتاج أوكرانيا حقاً إلى المزيد من الدعم العسكري؟

أجندة التربح من الصراعات

بينما يحاول بايدن تعزيز دفاع حلف "الناتو"، وإظهار دعم واشنطن لأوكرانيا وأوروبا الشرقية، أثارت أفعاله مخاوف شديدة بشأن أجندة الهيمنة الخفية، اذا ما أخذ بعين الاعتبار أن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل من التربح من الصراعات الدولية ومبيعات الأسلحة، وأفعالها في كل المناطق  كانت ولا تزال تهدف إلى توسيع نفوذها وتعزيز حلف "الناتو" أكثر من تعزيز السلام.

منذ أن أصبحت أقوى دولة في العالم بعد الحربين العالميتين والحرب الباردة، تصرفت الولايات المتحدة بوقاحة في تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، وممارسة الهيمنة بصلافة وتكريسها عبر شن كل أنواع الحروب وتعزيز التخريب، مما يلحق الضرر بالمجتمع الدولي عموما، ولا ينحصر بالمنطقة المستهدفة لوحدها.

استغلال الولايات المتحدة للصراعات المختلفة، موثق منذ فترة طويلة من خلال مسيرتها للسيطرة على البلدان الأخرى. والحروب في فيتنام والعراق ليست سوى مثالين على كيفية استخدام الولايات المتحدة للقوة العسكرية، لتأكيد تسلطها على الآخرين. وفي كلتا الحالتين، ادعت الولايات المتحدة أنها تعمل لصالح الحرية والديمقراطية، لكن الدافع الحقيقي كان السيطرة على هذه البلدان ومواردها.

كذلك، كانت مبيعات الأسلحة مصدراً رئيسياً للربح للمجمع الصناعي العسكري الأميركي، وهو أكبر مصدر للأسلحة في العالم،  وقد زود العديد من البلدان التي تعاني النزاعات في جميع أنحاء العالم. وغالبا ما تبرر الحكومة الأميركية هذه المبيعات بالادعاء بأنها ضرورية لدعم حلفاء الولايات المتحدة وتعزيز الاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، في كثير من الحالات، ينتهي الأمر باستخدام الأسلحة لإدامة العنف والقمع.

اقرأ أيضاً: بايدن: كييف ستحصل على كل ما تحتاجه

توسع حلف "الناتو" شرقاً

كما استخدمت الولايات المتحدة الصراعات لتعزيز السيطرة على حلفائها الأوروبيين، وتستمر بعملية توسيع حلف "الناتو" شرقا لغاية احكام تطويق روسيا، وتعزيز مصالحها الخاصة، والسيطرة على اقتصاد القارة الأوروبية بمجملها.

وكانت واشنطن قد لعبت دوراً محورياً في تفكيك جمهورية يوغوسلافيا في تسعينات القرن المنصرم، وسعّرت من الخلافات الرئيسية مع روسيا التي ترى في توسع حلف "الناتو" تهديداً لأمنها القومي. وهذا أيضا أحد الأسباب الرئيسية المسؤولة عن الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا.

كذلك، لعبت الولايات المتحدة دوراً حاسماً في انقلاب عام 2014، الذي أطاح بالحكومة الأوكرانية المنتخبة. وهي تقدم اليوم السلاح فقط لتضمن استمرار القتال وسقوط الآلاف الضحايا.

خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، دعمت واشنطن "حركة التضامن" البولندية التي ناهضت النظام الشيوعي آنذاك، والتي لعبت دوراً في سقوط الكتلة السوفيتية. ومنذ ذلك الحين، مارست واشنطن نفوذاً في بولندا، مستخدمة البلاد كقاعدة لعملياتها العسكرية في أوروبا. 

بدلاً من ممارسة المزيد من السيطرة على أوكرانيا وبولندا، يجب على الولايات المتحدة التركيز على تعزيز السلام والاستقرار في أوروبا والعالم. وهذا يعني إنهاء دعمها للصراع المستمر في أوكرانيا، وأن تؤيد الجهود الدبلوماسية لحل الصراع. وهذا يعني العمل على الحد من التوترات مع روسيا، بدلاً من اتخاذ إجراءات من شأنها أن تثير رداً.

علاوة على ذلك، يتعين على الولايات المتحدة أن تركز على معالجة الأسباب الجذرية للصراع وعدم الاستقرار في أوروبا الشرقية، بدلاً من إدامة المشكلة من خلال أفعالها.

ويتوجب عليها أن تعمل على تعزيز التنمية الاقتصادية ومعالجة قضايا الفساد، التي تسهم في عدم الاستقرار وتغذي الصراعات. كذلك، على الولايات المتحدة التوقف عن استخدام حقوق الإنسان والديمقراطية كذريعة للتدخل العسكري.

إن  زيارة الرئيس بايدن المفاجئة إلى أوكرانيا ورحلته إلى بولندا لا تصب في مصلحة شعوب هذه البلدان. والدعم الحربي الأميركي لن يساهم إلا في زيادة حدة الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة، وهذا ليس في مصلحتها.

اقرأ أيضاً: بايدن يؤكد من وارسو استمرار الدعم الأميركي لأوكرانيا