"الغارديان": في أجواء عنف سياسي.. هل الولايات المتحدة قريبة من حرب أهلية؟
كلمة الحرب الأهلية استخدمت على تويتر بمعدل 3000% في الولايات المتحدة، والأميركيون على طرفي الانقسام السياسي يزعمون بشكل متزايد أن "العنف مبرر"، ما القصة؟
صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر تحليلاً لعمق الأزمة السياسية في الولايات المتحدة يشارك فيه ثلاثة خبراء.
فيما يلي النص المنقول إلى العربية:
ازداد الحديث عن الحرب الأهلية بين الأميركيين – خاصة بعد أن داهم مكتب التحقيقات الفدرالي منزل دونالد ترامب في مارا لاغو. استخدمت كلمة الحرب الاهلية على تويتر بمعدل 3000% - وبادر العديد من الرموز السياسية في الحزب الجمهوري الى الإشاعة ان الحرب الاهلية ستندلع في حال تمت إدانة ترامب.
لكن الأمر الأخطر هو أن الأميركيين على طرفي الانقسام السياسي يزعمون بشكل متزايد أن "العنف مبرر".
في كانون الثاني/يناير عام 2022 ، قال 34% من الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع إنه من المقبول أحياناً استخدام العنف ضد الحكومة. بعد سبعة أشهر ، قال أكثر من 40% إنهم يعتقدون أن الحرب الأهلية كانت محتملة إلى حد ما على الأقل في السنوات العشر المقبلة.
لكن… هل مخاوف أميركا مبالغ فيها؟
تجادل باربرا أن الحرب الاهلية التي ستندلع في الولايات المتحدة لن تكون كتلك التي اندلعت سابقاً بل ستتخذ شكل "حروب العصابات" تخوضها عدة ميليشيات صغيرة منتشرة في جميع أنحاء البلاد.
الأهداف ستكون: المدنيين – بشكل أساسي جماعات الأقليات وزعماء المعارضة والموظفين الفدرالييين.
سيتم اغتيال القضاة وسيسجن الديمقراطيين والجمهوريين المعتدلين بتهم زائفة. ستفجر الكنائس والمعابد الهيودية التي تعود للسود. سيتم اعتقال المشاة من قبل القناصين في الشوارع. سيتم تهديد العملاء الفدراليين بالقتل إذا طبقوا القانون الفدرالي بدلاً من قانون الولاية.
سيكون الهدف هو تقليص قوة الحكومة الفيدرالية وأولئك الذين يدعمونها، مع ترهيب مجموعات الأقليات والمعارضين السياسيين.
الدليل على هذه الفرضية أو السيناريو هو مجموعة "الصبية الفخرون" Proud Boys – الذين يسمون الحرب الاهلية القادمة ب "المقاومة بلا هوادة".
وهم متأثرون بخطة Turner Diaries (1978)- وهي وصف وهمي لحرب أهلية اميركية مستقبلية.
كتبه ويليام بيرس ، مؤسس التحالف الوطني للنازيين الجدد، وهو يقدم دليلًا لكيفية استخدام مجموعة من النشطاء المهمشين للهجمات الإرهابية الجماعية "لإيقاظ" الأشخاص البيض الآخرين لقضيتهم، مما يؤدي في النهاية إلى تدمير الحكومة الفيدرالية.
يدعو الكتاب إلى مهاجمة مبنى الكابيتول، وإقامة مشنقة لشنق السياسيين والمحامين ومذيعي الأخبار والمعلمين ممن يطلق عليهم "خونة العرق" ، وتفجير مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي.
نسخة من الكتاب وجدت مع تيموثي ماكفي الذي هاجم مبنى اوكلاهوما الفدرالي في العام 1995 وكذلك دعا أحد المشاركين في اتقحام الكابيتول في العام 2021 الى قراءة مذكرات "تيرنر داياريز" .
تذكر باربرا – تقرير تمّ رفع السرية عنه في العام 2012 من قبل ال سي آي إي CIA - يوضح مؤشرات الحرب الأهلية. وفقاً للتقرير ، تشهد دولة ما تمرداً مفتوحاً عندما أصبح العنف المستمر من قبل المتطرفين النشطين بشكل متزايد هو القاعدة.
في هذه المرحلة المبكرة من الحرب الأهلية ، يحاول المتطرفون إجبار السكان على اختيار أحد الجانبين، جزئياً من خلال إظهار المواطنين أن الحكومة لا تستطيع الحفاظ على سلامتهم أو توفير الضروريات الأساسية. الهدف هو التحريض على حرب أهلية أوسع من خلال تشويه سمعة الدولة وزيادة الدعم للتدابير العنيفة.
وتساءل خبراء التمرد عمّا إذا كان السادس من يناير/ كانون الثاني سيكون بداية مثل هذه السلسلة المستمرة من الهجمات. اللافت أن جهود مكتب التحقيقات الفدرالي الذي قام بعدة اعتقالات – العشرات منها – قوض هذه الحركة.
تتابع باربرا القول إن خبراء الحرب الأهلية يحددون عاملين يعرضان اي دولة للحرب الأهلية. الولايات المتحدة لديها احدها وقريبة جداً من العامل الثاني.
الأول، وهو الإنقسام العرقي والثاني هو "الأنوقراطية". والعاملين لم يتضائل خطرهما منذ أحداث السادس من يناير 2021.
الانقسام العرقي. يحدث هذا عندما ينظم المواطنون في بلد ما أنفسهم في أحزاب سياسية على أساس إثني أو ديني أو عرقي وليس على أساس أيديولوجي
"الأنوقراطية". يحدث هذا عندما لا تكون الحكومة ديمقراطية بالكامل ولا تكون استبدادية بالكامل، إنه شيء بينهما.
ستيفن ماركي. وهو الروائي والكانتب الكندي مؤلف كتاب "الحرب الاهلية التالية: ارساليات من المستقبل الاميركي".
يقول ستيفن إن أميركا قد تجاوزت النقطة التي يمكن فيها لأي طرف أو حزب إصلاح الخطأ فيها.
الولايات المتحدة هي نموذج ينطبق عليه كتابه حول اندلاع الحروب الأهلية. تشير الاتجاهات بشكل متزايد إلى اتجاه واحد، وبينما لا أحد يعرف المستقبل، لا يتم فعل الكثير - إن وجد - من قبل أي شخص، لمحاولة منع انهيار الجمهورية. فالإيمان بالديمقراطية ينحسر في البلاد. شرعية المؤسسات آخذة في التدهور، وتدخل أميركا بشكل متزايد لتصبح دولة لا يريد مواطنوها الانتماء إلى نفس البلد فيها. هذه ظروف مهيأة للعنف السياسي.
لدى الولايات المتحدة الحالية العديد مما تسميه وكالة المخابرات المركزية "مضاعفات التهديد". تستمر الأزمات البيئية في ضرب البلاد، وعدم المساواة الاقتصادية في أعلى مستوياتها منذ تأسيس الدولة، والتغيير الديموغرافي يعني أن الولايات المتحدة ستكون دولة أقلية بيضاء في غضون ما يزيد قليلاً عن عقدين.
لكن الولايات المتحدة أكثر عرضة للعنف السياسي من الدول الأخرى بسبب تداعي مؤسساتها. كما أن الانقسام بين النظام السياسي الأميركي وأي انعكاس للإرادة الشعبية آخذ في الاتساع، ولا يمكن تجاهله بشكل متزايد.
كريستوفر سيباستيان باركر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا، ومؤلف كتاب "التغيير لا يمكنهم تصديقه: حفل الشاي والسياسة الرجعية في أميركا". يقول: "يشعر الكثير من البيض بالحاجة إلى اتخاذ إجراءات صارمة للحفاظ على التفوق الأبيض".
أميركا تندفع بتهور إلى حرب أهلية أخرى، وهي مسألة وقت. ويعقب رابكر على كلام باربرا والتر بالقول إن العرقية التي تحدثت عنها هي متجذرة في مركزية النظام السياسي الأميركي، وبالتالي هي تسرع من حدوث الأنوقراطي العامل الثاني المسرع في حدوث الحرب الأهلية.
على مر التاريخ ، كانت الهوية السياسية في الولايات المتحدة مدفوعة في النهاية بمواقف كل من الأحزاب بشأن العرق، مع تصنيف الانقسامات في المقام الأول عن طريق الهوية العرقية والمواقف العرقية.
الجمهوريون المعاصرون، على سبيل المثال، يميلون إلى أن يكونوا من البيض وعنصريين نسبياً. ومن المرجح أن يستفيد الديمقراطيون من مجموعة أكثر تنوعاً، وعلى هذا النحو، عادة ما يكونون أقل عنصرية.
إن النتائج المترتبة على مركزية العرق والعنصرية في السياسة الأميركية وخطر الحرب الداخلية وخيمة. كانت العنصرية هي المسؤولة في النهاية عن صعود حزب الشاي Tea Party، كرد فعل على رئاسة أوباما (العنصرية). قام حزب الشاي (الآن حركة ماغا) بدوره بتحريك الحزب الجمهوري إلى اليمين ، وفي النهاية مهد الطريق لترامب.
مع دفع ترامب لـ "الكذبة الكبرى" بأن انتخابات 2020 قد سُرقت، وتصديق العديد من الجمهوريين لها، فإن المسرح مهيأ لحرب أمريكية أخرى ضد الجميع.
لقد رأينا هذا من قبل. بدأت الحرب الأهلية سابقاً، كما يحدث الآن، برفض الديمقراطيين قبول أبراهام لنكولن باعتباره الفائز الشرعي في مسابقة عام 1860 نظراً لآرائه حول العبودية: لقد اعتقد أنها خاطئة من الناحية الأخلاقية.
لكن يقول باركر. إن اقتصاديات العبودية ليست هي الدافع الأساسي للحرب. أو الدافع وراء إصرار الجنوب الجمهوري آنذاك بالحفاظ على ما يعرف باسم "المؤسسة الخاصة". كان من الواضح أن الحفاظ على العبودية كمؤسسة اقتصادية لم يكن له أي قيمة بالنسبة لجميع الجنوبيين البيض تقريباً. لكنهم كانوا يريدون المحافظة على تفوق العرق الأبيض كجزء من الثقافة الجنوبية، لم يكن هؤلاء الناس مستعدين للتنازل عن هيمنتهم الاجتماعية مقارنة بالمجتمع الأسود.
هذه الشروط لا تزال موجودة. نظراً لأن العديد من الأشخاص البيض (الجمهوريين) يواجهون الخوف من أنه بحلول عام 2044 لن يكونوا من الأغلبية العرقية، فإنهم يشعرون بالحاجة إلى اتخاذ تدابير صارمة للحفاظ على تفوق العرق الأبيض.