إيهود باراك: "إسرائيل" أمام أخطر أزمة

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك يشير إلى أنّ نتنياهو سيستغل السذاجة السياسية لطالبي الحوار من أجل تبديد الاحتجاج، ويعتبر أنّ "إسرائيل" أمام أخطر أزمة منذ إقامتها.

  • خلال مظاهرات ضد حكومة نتنياهو
    خلال تظاهرات ضد حكومة نتنياهو

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إنّ "إسرائيل" تعُاني أخطر أزمة منذ إقامتها، مشيراً إلى أنّها أزمة داخلية أخطر على مستقبلها من التهديدات الخارجية.

فيما يلي نص مقال باراك منقولاً إلى العربية:

نتنياهو سيستغل السذاجة السياسية لطالبي الحوار من أجل تبديد الاحتجاج، الذي سيجد صعوبة في الاستمرار فيما قادته ورؤساء المعارضة يتناقشون. هكذا بالضبط غرق احتجاج 2011 خلال مناقشات لجنة تراختنبرغ. وما الذي سيبحثونه بالضبط؟ طول حبل المشنقة؟ إنه نضالٌ على الوطن – والديمقراطية يجب أن تعرف الدفاع عن نفسها من هؤلاء الذين يستخدمون الأدوات التي توفّرها والانتخابات من أجل تدميرها من الداخل. 

"إسرائيل" أمام أخطر أزمة منذ إقامتها. أزمة داخلية، لكنها أخطر على مستقبلها من التهديدات الخارجية. نتنياهو ضعيف، مُبتّز وخائف من رعب القانون، يقود حملة ضد الديمقراطية والجهاز القضائي وقيم وثيقة الاستقلال. نحن بالتأكيد في الطريق إلى تغيير النظام في "إسرائيل". الحريات الأساسية، حقوق الأقليات، حماية الفرد من عضلات السلطة، كل هذا لن يكون كما عرفناه. سيتضرر الاقتصاد والأمن، جودة التعليم والتضامن الداخلي، وحدة الهدف، شعور الشراكة والمِنعة الوطنية. لن تكون "إسرائيل" التي حلمت بها الأجيال الأولى، وقاتلت ودفنت قتلاها من أجلها الأجيال الأخيرة، ونحن من بينها. كل ما هو عزيزٌ علينا في خطر. وفقط بأيدينا يمكننا وقف حملة التدمير. علينا أن نستفيق ونناضل. 

إنّه نضال من أجل الوطن. لن نسمح بتحويلنا إلى بودابست أو وارسو. إذا لم نوقف حملة التدمير فوراً، في هذه الأيام فعلاً، ظلام قد يخيم على "إسرائيل"، النضال سيستمر وسيتعمّق. سننتصر فيه. لكن من الصعب تقدير المدة وحجم الضرر الناتج طوال الطريق. لذلك، سأحاول عرض عدة توصيات للعمل: 

1.   اليوم الحاسم هو يوم الاثنين القادم، ظهراً. مطلوب تظاهرة ضخمة حول الكنيست. وإضراب واسع قدر ما أمكن، مع تظاهرات في أنحاء "إسرائيل" كافة في الوقت نفسها. لكن هذا لن يكفي وحده. ما المطلوب بعد؟ 

2.   خروج كل المعارضة في صبيحة يوم الاثنين القادم من الكنيست، إلى مؤتمرٍ صحفي لقادتها، يسمّون فيه "الانقلاب الشُرطي" باسمه، ويوضحون أنّه ليس في نيتهم المشاركة في هذا الإجراء، الذي يعني إرساء ديكتاتورية فعلية (ومن خلال ذلك منح "الانقلاب" مظهر تشريعٍ طبيعي). من الممكن حتى مبادرة أعضاء الكنيست من المعارضة إلى إضرابٍ عن الطعام لغاية وقف تشريعات "الانقلاب الشُرطي". 

3.   في موازاة ذلك يجب في يوم الأحد تقديم طلب الإعلان عن نتنياهو أنّه غير مؤهل لشغل منصبه، لأنّه يقوم بحملة لتدمير الجهاز القضائي وقيم وثيقة الاستقلال، بخلاف قَسَمه قبل خمسة أسابيع فقط، مُتّهم بفساد، وأيضاً ضمن تضارب مصالح يصرخ إلى عنان السماء. هو أيضاً الوحيد الذي يمكنه وقف حملة التدمير في لحظة، ولذلك هو مسؤول عنها، ولا أحد سواه. 

4.   من الممكن أن ردّ ثلاثي بيبي – روتمان – ليفين سيكون إمرار "قانون تعيين القضاة" وقانون منع العُليا من إبطال قوانين أساس بالقراءتين التمهيدية والأولى. في هذه المرحلة هناك حاجة للتوجه إلى المستشارة القضائية للحكومة وتقديم التماسٍ إضافي إلى العليا والطلب منهما التحديد بأنّ "إسرائيل" واقعة في أزمة تشريعية عميقة، وفي ظلّ غياب معارضة، وفي ظلّ مبادرات تشريع سبق أن وصفتها حيوت وبهراف ميارا بأنّها "محاولات لتغيير الطابع الديمقراطي لإسرائيل"، وتحددان بأنّها عملية غير قانونية ويجب وقفها. 

5.  لا شك أنّه في هذه المرحلة، أو ربما أبكر، سيصرخ الساعون إلى تسوية وحوار، من رئيس الدولة ومن دونه، وسيتساءلون: لماذا لا نتوقف للحظة؟ إذ أنّ الأمر يتعلق بقراءة أولى فقط، وتعالوا نبدأ بحوار ونصل بعون الرب إلى توافق واسع على التعديلات. ونشرّعها – وجاء مخلّص إلى صهيون. 

إنّه خطأ فادح يمكن أن يدفن الاحتجاج والتسبب بنتائج معاكسة. "الطريق إلى جهنم محفوفة بالنوايا الحسنة". ولماذا إلى هذا الحد؟ لأنّ الحوار، بعد قراءتين تمهيدية وأولى، هو من موقع ضعف مع مسدس على الجبين. إنّه باب لتعديلات تجميلية على الأكثر وليس التعاطي مع نفس التشريع وجوهره الخطير. ليس هناك أي قدرة لإجبار الحكومة على التراجع عن القوانين. سبق أن حقق جانب نتنياهو وروتمان وليفين الأغلبية المطلوبة، ويمكن في كل يوم جلسات في الكنيست إمرارها خلال ست ساعات بالقراءتين الثانية والثالثة. وأكثر من هذا، نتنياهو سيستغل السذاجة السياسية لطالبي الحوار من أجل تبديد الاحتجاج، الذي سيجد صعوبة في الاستمرار فيما قادته ورؤساء المعارضة يتناقشون. هكذا بالضبط غرق احتجاج 2011 خلال مداولات لجنة تراختنبرغ. وما الذي سيبحثونه بالضبط؟ طول حبل المشنقة؟ أو نظم ترتيب جرافة الـ D-9 للغرف؟ 

6.  نتنياهو وروتمان وليفين مصممون ولن يتراجعوا عن أسس التشريع. لن يتخلوا عن عقر المحكمة العليا ولا تسييس القضاة وتعيينهم في العليا ويكونون فيها خلال استئناف نتنياهو. بالنسبة لهم، هذا وجودي. هذا هو أب أسباب الجنون الذي نعيشه. الحوار الحقيقي الوحيد هو "مخطط حيوت"، أي الوقف الكامل للتشريع (قبل قراءة تمهيدية) وإقامة لجنة، ومع انتهاء مداولاتها تشريع فقط المواضيع التي عليها توافق واسع وتسري فقط في الكنيست القادمة. فقط هكذا يُجبر الطرفان على التوصل إلى تسوية وتوافقٍ واسع. ومن جهة أخرى، هكذا فقط يتم ضمان انه تعديل حقيقي ومطلوب. 

7.  وأُنهي بدعوة: كلنا في مركبٍ واحد. ومن نحن مختلفون معهم هم أخوتنا، حرفياً. إلى كارثتنا، وكارثتهم أيضاً، الدولة تُقاد نتيجة نتائج الانتخابات من قيادة لديها أيضاً وزن وحقوق ماضية لكن التدهور في السنوات الأخيرة في المنحدر الزلق لقوة مُفسدة، في خدمة مصالحهم الشخصية وضد المصلحة العامة، فيما هم أنفسهم يُقادون من قبل مجموعة من المتعصبين العنصريين، ينزع منهم حق مواصلة تسميتها ديمقراطية. هذه القوة، التي تتحول أمام أعيننا إلى ديكتاتورية، تفرض علينا العمل ضدها بكل طريقة قانونية ممكنة. 

ونحن سنناضل، يداً بيد، معاً، كل مريدي الحرية وكل المخلصين لوثيقة الاستقلال، إلى أن ننتصر. إنّها أيام سيئة، ولذلك سنناضل. ألا ليت أيام أفضل منها تأتي سريعاً.