لماذا فشل الذكاء الاصطناعي في مواجهة كورونا؟
الذكاء الإصطناعي يفشل في إيجاد حلول لمواجهة كورونا، والاعتماد على التكنولوجيا لهزيمة الأوبئة، ما يزال دون طموح العلماء.
بنى العديد من المعنيين في مجال الرعاية الصحية في العالم، آمالاً واسعة على الذكاء الاصطناعي عند ظهور وباء "كوفيد 19"، باعتباره نافذة علمية لإيجاد عقار للفيروس.
للوهلة الأولى، تبدو الفكرة نظرياً سهلة التطبيق: نوفّر للآلة بيانات عن الفيروس فتقدّم لنا حلولاً، غير أنّ الواقع كان أشد تعقيداً من النظرية.
يستند الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف إلى الخوارزميات، وهي معادلات رياضية يخترعها البشر. وبالتالي، هذه الخوارزميات عرضة للتحيّز.
من الأمثلة الواضحة على هذه المعضلة، هي أننا نستخدم الذكاء الاصطناعي لبناء استنتاجات، بما يرتبط بانتشار الوباء وسرعة التشخيص. هذه الاستنتاجات تعتمد على البيانات الديموغرافية والجغرافية، التي نزوّد بها التطبيقات والبرامج والأنظمة. هناك عنصر بشري رئيسي في عملية المعالجة الحاسوبية.
هذه البيانات التي يتدخّل في جمعها وتوفيرها العنصر البشري، غالباً ما تتأثّر بالنقص، فتكون غير مكتملة بسبب عدم شموليّتها أو اقتصارها على عيّنات محدّدة، تخضع في الكثير من الأحيان لمقاييس وأحكام اجتماعية وعرقية وإثنية وطائفية وسياسية وأمنية وما شابه.
في بعض الأحيان، يكون سبب النقص في المعلومات، تمنّع عدد كبير من البشر عن الإبلاغ عن إصابتهم بالفيروس نفسه، كما تقول تقديرات الجهات الرسمية في معظم أنحاء العالم.
عامل آخر يؤدي دوراً مهماً في عرقلة جهود مكافحة الوباء، يكمن في عدم اعتماد معايير موحدة، وتباين ظروف العلاج، كما جمع البيانات المرتبطة بالإصابات بين دولة وأخرى.
دفعت هذه المعايير، على سبيل المثال، القارة الأوروبية إلى الإصرار على اعتماد لقاح "أسترازينيكا" على المستوى الرسمي، في حين تتعالى الأصوات الطبية في القارة العجوز، بضرورة إيجاد مخرج رسمي لاعتماد اللقاح الروسي، الذي أثبت فعالية مهمة مقارنة مع بقية اللقاحات.
أمر آخر ينجم عن عدم اعتماد معايير موحّدة عالمياً، هو اختلاف نتائج الدراسات والأبحاث، خصوصاً تلك التي تتناول فروقاً جندرية مثلاً لا حصراً.
من المصاديق البارزة على تحيّز الذكاء الاصطناعي نتيجة العوامل أعلاه، ما كشفته دراسة في العام 2019، حين تبيَّن أن خوارزمية "أوبتم (Optum)"، المستخدمة في مجال إصدار أحكام بشأن حاجات الرعاية الصحية (كتغطية كلفة الأوكسيجين)، كانت متحيّزة بشكل واضح ضد الأميركيين الأفارقة، لأنَّها لم تأخذ بعين الاعتبار انخفاض فرصهم في الحصول على رعاية صحية مماثلة للأميركيين، من ذوي البشرة البيضاء.
على الرغم من أنَّ تطبيق الذكاء الاصطناعي، يساهم في المقابل في مجالات مهمَّة في مجال السيطرة على انتشار الوباء، كتقصّي الأعراض جغرافياً، والتشخيص بواسطة تقنية التعرف إلى الوجوه، وسرعة الإبلاغ عن الحالات المحتملة، فإنَّ الاعتماد على التكنولوجيا لهزيمة الأوبئة ما يزال دون طموح العلماء.