هل يُعقل ما فعله حارس تشلسي؟!

ما حصل أمس في مباراة تشلسي ومانشستر سيتي في نهائي كأس الرابطة الإنكليزية المحترفة ربما لم يحصل سابقاً أو نادر الحدوث جداً في الملاعب. كيبا أريزابالاغا حارس تشلسي يرفض الامتثال لقرار مدرّبه ماوريتسيو ساري بالتبديل والأخير يستشيط غضباً. هل يُعقل هذا؟!

رفض كيبا الامتثال لقرار مدرّبه ساري بالتبديل

إنها اللحظات الأخيرة من مباراة تشلسي ومانشستر سيتي في نهائي كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة لكرة القدم. حارس الأول الإسباني كيبا أريزابالاغا يسقط أرضاً متألماً. يتلقى العلاج ثم ينهض. كانت المرة الثانية التي يعاني فيها من الإصابة خلال دقائق معدودة في المباراة. ركلات الترجيح تقترب. مدرب تشلسي الإيطالي ماوريتسيو ساري يستدعي الحارس البديل الأرجنتيني ويلي كابييرو لإشراكه. الحكم الرابع يرفع اللوحة الإلكترونية للتبديل. فجأة يرفض كيبا الامتثال لقرار مدرّبه. يرفع يده مراراً بأن "لن أخرج". الكاميرا تتنقّل بين الحارس الإسباني ومدرّبه الإيطالي. الأول يصرّ على عدم خروجه والأخير يستشيط غضباً ويروح ويجيء يمنة ويسرة وهو يتمتم بكلمات الغضب، حتى أنه كاد أن يغادر أرض الملعب. البرازيلي ديفيد لويز يحاول إقناع زميله بالخروج. الجميع يتابع الواقعة وكابييرو المغلوب على أمره ينتظر من دون جدوى. في النهاية لم يخرج كيبا. وصلت المباراة إلى ركلات الترجيح وفاز مانشستر سيتي. أنقذ كيبا واحدة لكنه أفلت كرة واستقبلت شباكه أربعاً. خسارة تشلسي كانت مزدوجة: الكأس ورد فعل حارسه المعيب تجاه مدرّبه.

في الواقع كل مَن تابع المباراة تعاطف مع ساري، لكن في مكان آخر بدا هذا المدرب مفتقداً للشخصية القوية والحاسمة التي يجدر أن يفرضها على لاعبيه. قرّر أن يستبدل كيبا إذاً لا بدّ من أن يستبدله، لكنه بدلاً من ذلك راح يعبّر عن غضبه أمام مرأى الجميع. هذا الأمر حصل أمام عدسات المصوّرين والملايين حول العالم، تُرى كيف يتصرّف كيبا وزملاؤه مع مدرّبهم خلف الأبواب الموصدة؟ هذا سؤال يطرح نفسه بعد الذي حصل أمس!

هذه الواقعة ربما لم تحصل سابقاً في الملاعب أو على الأقل في مباراة نهائية في البطولات الكبرى... لكن كيبا فعلها. يحصل أن يُبدي لاعب امتعاضه من قرار مدرّبه وهو يخرج من الملعب، رغم عدم صوابيته إذ إن القرار الأول والأخير في الملعب هو للمدرب حتى لو كان مخطئاً، وهذا ما حصل للمفارقة قبل دقائق في مباراة القمّة بين مانشستر يونايتد وليفربول في الدوري عندما استبدل مدرّب "الريدز" الألماني يورغن كلوب لاعبه وقائد الفريق جوردان هندرسون، لكن أن يرفض اللاعب الاستبدال ويصرّ على موقفه وسط غضب مدرّبه فهذا ربما لم يحصل سابقاً أو نادر الحدوث جداً في الملاعب.

بعيداً عن طبيعة العلاقة بين ساري ولاعبيه، فإنه يجدر التوقّف عند مسألة مهمة أصبحت سائدة في الآونة الأخيرة في الكرة وهي نتاج لتغيّر عالم اللعبة وصناعة النجوم وطغيان العنصر المادي، من دون التعميم طبعاً. يجدر القول هنا أن كيبا عرف الأضواء والشهرة الصيف الماضي بعد أن تعاقد معه تشلسي من أتلتيك بلباو مقابل 80 مليون يورو ليصبح الحارس الأغلى في التاريخ وقد جاء إلى لندن ليحلّ بدلاً من إسم كبير هو البلجيكي ثيبو كورتوا الذي انضمّ إلى ريال مدريد الإسباني. هكذا بات كيبا الشاب البالغ 24 عاماً يعتبر أنه وصل إلى مرتبة تخوّله أن يمتنع الامتثال لقرار مدرّبه وأن يفرض قراره. هذه الحال بدت مشابهة بأوجه أخرى من خلال تمرّد لاعبين على أنديتهم التي صنعت نجوميتهم وتمنّعهم عن حضور الحصص التدريبية كما حصل مع الفرنسي عثمان ديمبيلي في بوروسيا دورتموند الألماني وإصراره على الانتقال إلى برشلونة الإسباني، وكذلك مع البرازيلي فيليبي كوتينيو في ليفربول وإصراره على الانتقال إلى "البرسا" أيضاً.

بالعودة إلى مباراة أمس فإن ساري حاول التخفيف مما حصل وصعوبة الموقف الذي وُضع فيه أمام مرأى الملايين بالقول أنه حصل سوء تفاهم مع كيبا ولم يعلم أن الأخير بإمكانه إكمال المباراة. كذلك فإن الحارس الإسباني دلى بدلوه بقوله أنه يحترم دوماً قرارات مدربه ولا يخالفها لكن ما حصل هو سوء تفاهم وسط الصخب الكبير في الملعب. لكن كل هذا الكلام لا يُجدي نفعاً وما هو إلا محاولة لحجب الأنظار عن الخطأ الكبير الذي حصل، وهذا لم يمنع نجوماً سابقين في الكرة الإنكليزية وفي تشلسي من انتقاد كيبا بشدّة والدعوة إلى معاقبته وحتى وصل الأمر بالبعض إلى المطالبة بطرده أو تقديم ساري استقالته.

المهم الآن أن صخب المباراة قد هدأ. المهم الآن ما سيفعله ساري، هل ينتصر لهيبة المدرب وحضوره وشخصيته ويعاقب كيبا؟

ساري يستشيط غضباً