إمبراطورية "Panini".. الشركة التي تجني مئات الملايين من كرة القدم!
في عالم الرياضة، كثير من الاستثمارات التي حوّلت الشركات الصغيرة إلى شركات ضخمة تُغدق الملايين. شركة "Panini" الإيطالية واحدة من هذه الشركات. فما هي قصّة هذه الشركة؟ وكيف تطورت؟
شهدت كرة القدم، مع مرور السنوات، تطوراً كبيراً في عالم الاستثمار، وكثيراً من عقود الرعاية والمنتجات المرتبطة باللعبة. تحوّل كثير منها من مشاريع صغيرة إلى مشاريع ضخمة تُغدق مئات الملايين من اليوروات والدولارات.
كل 4 أعوام، تتهافت الجماهير حول العالم لشراء "ملصقات" أو "Stickers"، تحمل صور اللاعبين لتجمعها في "ألبوم". ملايين الصناديق من منتجات "Panini" تباع مع كل بطولة كأس عالم في المكتبات والمحالّ حول العالم.
محال، على اختلاف أنواعها، إلى درجة أن في إمكاننا أن نجدها في محطات الوقود. لم تعد شركة بانيني تُصدر "ألبومها" بالتزامن مع كأس العالم فقط، بل وسّعت صفحتها لتشمل عدداً من البطولات، بينها دوري أبطال أوروبا، وكأس أمم أوروبا، ودوري كرة السلة الأميركي للمحترفين، والدوري الإنكليزي الممتاز.
الشركة الإيطالية لا تعطي أيّ معلومات عن أرباحها. لكنْ، إنْ أردنا أن نقوم بحسابات بسيطة يمكن أن نصل إلى نتيجة. كل وحدة تحمل في داخلها 5 ملصقات، وتبلغ تكلفتها 90 سنتاً. وكل "ألبوم" يتّسع تقريباً لـ700 ملصق. فتكلفة كل واحد مليء بالملصقات قد تبلغ 120 يورو تقريباً، وربما تبلغ أكثر من ذلك لأنك قد تحصل على الملصَق نفسه مرتين، وبالتالي ستقوم بإتلافه.
تاريخ "بانيني".. حكاية الأخوين
في عام 1955، افتتح الأَخَوان جوسيبي وأمبرتو بانيني صحيفة في مدينة مودينا الإيطالية. لكنّ الصحف لم تكن تجني كثيراً في ذلك الوقت، لذلك حوَّلا الصحيفة إلى مجلة. وفي عام 1960، قام الأخَوان بشراء صندوق كبير من الملصَقات من شركة أخرى لم تكن قادرة على بيعه، وقسما كلَّ ملصقين منه في "مغلف"، وباعا كل واحد بـ10 ليرات. في العام الأول لهما، باعا 3 ملايين مغلّف، وبعد ذلك قاما بتأسيس شركة "بانيني" لبيع ملصقاتهما الخاصة.
في الفترة الأولى للشركة، كانت كل الملصقات تُصنَّع يدوياً. وفي عام 1970 استعملا طابعة أتوماتيكية كانت تعمل على عدم تكرار أي بطاقة. أغلبية الملصقات كانت تركّز على كرة القدم، ومعظم الزبائن كانوا من الأطفال.
اشتهرت منتجات الشركة المتعلقة بكرة القدم. وفي هذه الأيام، قد تصل أسعار "البطاقات النادرة"، عبر "الأونلاين"، إلى أكثر من ألفي دولار.
مفتاح النجاح "الحقوق الحصرية"
مفاتيح النجاح في مثل هذه الاستثمارات كثيرة. لكنّ هناك أموراً أساسية، بينها "الحقوق الحصرية"، وخصوصاً للصور الفوتوغرافية. فمن أجل طباعة الصور، عليك أن تمتلك هذه الحقوق، لأن عملك كله يعتمد عليها. ومع تطوُّر وسائل التواصل الاجتماعي، مع مرور الزمن، أصبحت الأمور أصعب أكثر على هذه الشركة، لأن الصور متاحة بصورة أكبر للجمهور.
هذه الحقوق لا تقتصر على صور اللاعبين فقط، بل على شعارات الأندية "Logos" والبطولات ورُعاة البطولات. وهذه الحقوق دائماً "حصرية"؛ أي أنه لا يُسمَح لأيّ شركة أخرى ببيعها. و"بانيني" نجحت في الحصول على هذه الحقوق، لعقود من الزمن.
والسؤال، الذي يمكن طرحه هنا، هو: ما هي تكلفة هذه الأمور كلّها بالنسبة إلى شركة "بانيني"؟ لا يوجد جواب واضح عن هذا السؤال، لكنّ التقارير تشير إلى أن الشركة دفعت مليون دولار من أجل حقوق كأسي العالم 2010 و2014. وهذا السعر تضاعف في عام 2018. مثال آخر على تكاليف الشركة في هذا الصدد. في عام 2016، دفعت "بانيني أميركا" لكريستيانو رونالدو 170 ألف دولار لتوقيع 100 ألف "Sticker". كما دفعت في عام 2009 للاعب كرة السلة الراحل كوبي براينت من أجل أن يكون سفيراً للشركة.
يقول أندريس إنييستا "إن لاعب كرة القدم ليس موجوداً، إن لم يكن جزءاً من ألبوم بانيني".
التحوُّل إلى العالَم الرقمي
"بانيني" انطلقت بنشاط بسيط قائم على جمع الملصقات الورقية، لكنّ العالم يتطور اليوم ويتحوّل إلى العالم الرقمي. وهو الأمر الذي لم يَفُت هذه الشركة، التي انطلقت إليه، وبدأت تركّز على ألعاب الفيديو، وتصنع لها ملصقات إلكترونية، مثل لعبة "Fortnite". وفي عام 2018، قامت بإطلاق ملصقات إلكترونية لبطولة كأس العالم، وهو الأمر نفسه الذي طوّرته في كأس أمم أوروبا "يورو 2020"، من خلال إطلاق تطبيقات عبر الإنترنت بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي للعبة "يويفا"، وبحسب الموقع الرسمي للاتحاد، تخطّى عدد اللاعبين مليون شخص. وتخطّى عدد "الملصقات" الـ40 مليوناً. وتحوي نسخة "يورو 2020" الإلكترونية، لعبة كاملة تتيح عدداً من الخيارات للاعبين (الجماهير).
تحوّلت "بانيني"، مع مرور الزمن، إلى "إمبراطورية" نجحت في استغلال الرياضة، لتحوّل مشروعها البسيط إلى مشروع ضخم وعالمي، تخطّى أكثر من 100 دولة حول العالم.