كريستيانو رونالدو.. 36 عاماً من كرة القدم
كريستيانو رونالدو، أحد أساطير كرة القدم بلا منازع، يحتفل بعيد ميلاده الـ36، وهو الفتى الذي كانت مسيرته، وما تزال، حافلة بالإنجازات والأرقام القياسية.
كثيرة هي الأسماء التي لمعت في عالم كرة القدم، وحفرت اسمها في ذاكرة الجماهير على مدى سنوات. قائمة طويلة كانت حاضرة، وما زالت، في أذهان محبي كرة القدم، ضمّت لاعبين كثراً، منهم من رحل، ومنهم من أصبح شيخاً عجوزاً يشاهد غيره من اللاعبين اللامعين. بعضهم كان أكثر من مجرد لاعب كرة القدم، وتحول إلى مثلٍ يحتذى، وأصبح أستاذاً ومثلاً أعلى للشّباب الطامحين إلى الاحتراف في المستقبل. ومن بين هذه الأسماء، كريستيانو رونالدو الذي يحتفل اليوم الجمعة بعيد ميلاده الـ36.
عاصر رونالدو جيلين مختلفين من اللاعبين، وما يزال قادراً على العطاء. على سبيل المثال، واجه كارليس بويول، ولعب إلى جانب بول سكولز وراين غيغز وغيرهما. في المقابل، واجه كيليان مبابي الذي يعتبر "الدون" مثله الأعلى.
رونالدو ليس اسماً عابراً. هو لاعب قدَّم كل ما يملك لكرة القدم، وأعطاها كل ما لديه لسنوات، وعمل جاهداً على تطوير نفسه وتحسين بنيته التي سمحت له بالاستمرار حتى هذا العمر وبهذه الطاقة والقوة والثبات.
اختلفت الدوريات والأندية، لكن رونالدو بقي نفسه ولم يتغيّر. حطّم الأرقام، وحضر في المباريات الكبيرة والصغيرة، وقدم أفضل ما لديه. وفي حال تراجع، كان يتلقى الكثير من الانتقادات، ولكنه لم يكن عائقاً في أي فريق، بل دائماً ما كانت الأندية بحاجة إليه.
ميلاد رونالدو "محطّم الأرقام"
ولد رونالدو في مثل هذا اليوم، 5 شباط/فبراير 1985، في جزيرة ماديرا البرتغالية. لم يعش طفولة مثالية من الناحية المادية، لكنه عشق كرة القدم منذ الصغر، ليصبح في ما بعد مرادفاً للأهداف والالتزام والقيادة والأرقام القياسية، وقبل كلّ شيء النّجاح.
انطلقت مسيرة رونالدو مع فريق ناسيونال تحت 15 عاماً، وانضم في العام 1995 إلى فريق سبورتينغ لشبونة، وترفّع في الفئات العمرية للنادي البرتغالي، حتى خطف أنظار السير أليكس فيرغسون، لينتقل في العام 2003 إلى مانشستر يونايتد، حيث تألق وأثبت نفسه وتطور، ليحقق حلم كل طفل باللعب في ريال مدريد، ويخوض معه مسيرة حافلة بالإنجازات من العام 2009 حتى العام 2018. بعدها، ودع العاصمة الإسبانية بحثاً عن تجربة جديدة، وكانت المحطة في تورينو عندما انضمّ إلى يوفنتوس.
رونالدو "محطّم الأرقام" حلَّق عالياً وفرض نفسه وحطَّم كل الأرقام التي يمكن تحطيمها. مع الأندية، أصبح "صاروخ ماديرا"، كما يلقّب الأكثر تسجيلاً في المسابقات الأوروبية وفي دوري أبطال أوروبا، والأكثر تسجيلاً للأهداف في موسم واحد في "التشامبيونز ليغ" بـ17 هدفاً في موسم (2013-2014)، والأكثر تسجيلاً للأهداف في نهائي دوري الأبطال (5 أهداف)، والهداف التاريخي لنادي ريال مدريد بـ450 هدفاً، والأكثر تسجيلاً للأهداف في المباريات الرسمية، وأفضل هداف في تاريخ كرة القدم، لكن البعض يرفض الاعتراف بذلك، لأسباب مختلفة.
مع منتخب البرتغال، أصبح أفضل هداف في نهائيات كأس الأمم الأوروبية (21 هدفاً)، والأكثر مشاركة في نهائيات كأس أوروبا وكأس العالم معاً (38 مباراة متساوياً مع باستيان شفاينشتايغر الألماني)، وسيكون قادراً على تحطيم الرقم إذا سارت الأمور بشكل طبيعي في بطولة أمم أوروبا الصيف المقبل، وهو أفضل هداف في نهائيات أمم أوروبا بـ9 أهداف متساوياً مع ميشيل بلاتيني، والأكثر مشاركة في تاريخ منتخب البرتغال بـ164 مباراة، وثاني اللاعبين من حيث الأهداف الدولية بـ102 هدف، وهو يبتعد بـ7 أهداف عن علي دائي الإيراني.
رونالدو عاشق الألقاب
في العام 2004، كان رونالدو شاباً يافعاً. وصل مع منتخب البرتغال المستضيف إلى نهائي بطولة أمم أوروبا. بعدها، خسر الفريق الذي كان يضم لويس فيغو وروي كوستا وغيرهم. يومها، بكى رونالدو كطفل صغير، لكن هذا الشاب الذي بكى عاقب الجميع في ما بعد، إن صحّ التعبير، ليحقق 33 لقباً.
لقب رونالدو الأول كان في سبورتينغ لشبونة البرتغالي، عندما فاز بكأس السّوبر البرتغالية. ومن بين أبرز الألقاب التي حققها دوري أبطال أوروبا، حيث توّج باللقب الأغلى على صعيد الأندية 5 مرات، واحدة منها مع مانشستر يونايتد و4 مع ريال مدريد، وتوّج بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز (3 مرات)، والدوري الإسباني والإيطالي مرتين.
مع المنتخب البرتغالي، حقّق رونالدو اللقب الّذي بكى من أجله، إذ فاز بلقب أمم أوروبا في العام 2016، في النهائي الذي تفوقت فيه البرتغال على حساب المنتخب المستضيف فرنسا. يومها، أصيب رونالدو في دقائق المباراة الأولى، لكنه كان حاضراً على الخط، يشجّع زملاءه ويدفعهم نحو الفوز ويرفع معنوياتهم. تلك الصور واللحظات ستبقى خالدة، لأن رونالدو أظهر شخصيته القيادية، كما حقّق لقب دوري الأمم الأوروبي في نسخته الأولى في العام 2019.
الإنجازات الفردية
على الصّعيد الفردي، حصد رونالدو الكثير، وسجّل قائمة طويلة من الإنجازات التي تظهر قيمة "دون" الذي خرج من أزقة مدينة فونشال ليصبح أفضل لاعب في العالم وواحداً من الأفضل في تاريخ اللعبة. وفي نظر البعض، هو الأفضل في كل العصور والأزمان. تختلف وجهات النظر والتقييمات، لكن رونالدو لا يتغير، وسيبقى رونالدو.
حصد رونالدو الكرة الذهبية في 5 مناسبات: جائزة "الأفضل" التي يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" مرتين، وجائزة أفضل لاعب في أوروبا 3 مرات، والحذاء الذهبي لأفضل هداف في الدوريات 5 مرات، والكثير من الإنجازات الأخرى.
ما يميّز رونالدو أنه ما يزال في أعلى مستوياته، رغم تقدّمه في السنّ، وهو ما فشل غيره في فعله. رونالدو نموذج للشاب المتفاني في عمله، الذي لم يتأثر بما يحدث خارج الملعب، إنما كان ناجحاً في فصل كل المشاكل والتهم التي أحاطت به عن كرة القدم. هو رونالدو من بين الأفضل، وربما الأفضل.