زلاتان... مدرسةٌ في الإبداع
لا يزال زلاتان إبراهيموفيتش يقول كلمته رغم أعوامه الـ 39 من خلال تألّقه وأدائه. هو زلاتان الذي يصعُب أن تلد الكرة مثله في كل فترة.
قليلة جداً هي المرّات التي يخرج فيها أسطورة إيطاليا وميلان، فرانكو باريزي، على الإعلام، لكن أمام ما يقدّمه النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش حالياً مع "الروسونيري" كان من غير الممكن ألّا يقول باريزي كلمته وهو يرى فريقه السابق يستعيد عافيته بقيادة هذا النجم ويتصدّر قمّة الدوري الإيطالي بعد غياب طويل.
هكذا اعتبر باريزي أن زلاتان لديه التأثير حالياً كما كان الحال مع أسطورتيّ هولندا رود غوليت وماركو فان باستن عندما كانا مع الفريق اللومباردي في الثمانينيات ومطلع التسعينيات في حقبة ذهبية لميلان محلياً وقارياً، مؤكّداً أن السويدي يذهله بما يقدّمه حالياً بأعوامه الـ 39.
في الحقيقة ليس باريزي وحده من هو مذهول بأداء زلاتان بل الجميع يشاركونه هذا الشعور إزاء نجم يتألّق فوق العادة ولا يتعب أبداً. ما يمكن قوله أن ما يفعله زلاتان حالياً كان ليُعتبر عادياً قبل 10 أعوام أو أكثر أو عندما كان في الفترة الأولى مع ميلان، لكن أن يقوم بكل هذا بأعوامه الـ 39 فهنا المفاجأة، المفاجأة السارّة.
إذ إن كثيرين اعتقدوا أن عودة النجم السويدي مع تقدّمه في السن إلى "الروسونيري" ستكون لإفادة الفريق واللاعبين الشبان بخبرته وتجربته الغنية فحسب، وذلك عندما كان ميلان متعثّراً في النصف الأول من الموسم الماضي قبل تفشّي فيروس كورونا، وحتى أن البعض كانوا متفاجئين من رهان ميلان مجدّداً على نجمه السابق بهذه السن.
لكن زلاتان لم ينتظر كثيراً ليتألّق بدءاً من النصف الثاني من الموسم الماضي بعد استكمال البطولة حيث ساهم في النتائج المميزة لميلان.
لكن ما يحصل مع زلاتان منذ بداية الموسم الحالي حتى الآن قصة مدهشة في ملاعب الطليان. من يشاهد ما يقدّمه النجم السويدي لا يمكن أن يتخيّل للحظة واحدة أنه يبلغ 39 عاماً من خلال أدائه وثبات مستواه ولياقته البدنية العالية وأهدافه وشخصيته القيادية. قلنا أهداف؟ حتى الآن وبعد 8 مراحل من انطلاق البطولة سجّل زلاتان 10 أهداف آخرها هدفين مساء أمس في الفوز في مباراة القمّة على نابولي 3-1 علماً أنه سجّل 4 ثنائيات هذا الموسم بينها ثنائية الفوز على إنتر ميلانو. 10 أهداف وضعت النجم السويدي في صدارة ترتيب الهدّافين في البطولة بفارق هدفين عن النجم الآخر المتألّق البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي يصغره بأربعة أعوام.
رأينا زلاتان في بعض الأهداف يرتقي للكرات برأسه أو يسجّل بطريقة أكروباتية كالتي اشتهر بها وهذا إن دل على شيء فعلى قوّته البدنية التي لا يزال يمتلكها، إذ إنه لا يكتفي فقط بالوقوف في الملعب ومتابعة الكرات في المرمى عندما تُتاح أمامه الفرص بل إنه يبذل المجهود للتسجيل.
هذا الأداء وهذه المحصّلة يصعب أن تكون للاعب شاب أو نجم في مطلع الثلاثينيات، وبالفعل فإن جينارو غاتوزو، زميل زلاتان السابق ومدرب نابولي الحالي، قال بعد مباراة أمس أن النجم السويدي حالياً أفضل مما كان عليه قبل 10 أو 12 عاماً.
كذلك يمكن القول أن السبب الأساسي في صدارة ميلان يعود إلى زلاتان وأهدافه ودوره في الملعب وخارجه في تحفيز زملائه دون الانتقاص مما يقدّمه هؤلاء.
يجدر القول أن زلاتان إبراهيموفيتش مدرسة بحد ذاته. مدرسة لا تزال تقدّم أروع الدروس في فنون الكرة وإبداعاتها للأجيال. يصعب أن تلد الكرة في كل فترة مثل زلاتان حتى من خلال شخصيته الغريبة الأطوار لكن غير المنفّرة رغم انتقاد البعض له، لكن هذا زلاتان، نجمٌ لم تغيّره الأزمان.