إسبانيا القوية... من دون برشلونة وريال مدريد!

كان لافتاً ما قدّمه منتخب إسبانيا أمام ألمانيا أمس، لكن البارز هو أن كلمة برشلونة وريال مدريد لم تعد وحدها في "لا روخا".

  • إسبانيا الحالية تختلف عن إسبانيا الجيل الذهبي
    إسبانيا الحالية تختلف عن إسبانيا الجيل الذهبي

لا يمكن وصف ما قدّمته إسبانيا في مباراتها أمام ألمانيا أمس. النتيجة بسداسية تحكي الكثير، لكن أيضاً فإن أداء اللاعبين يحكي أكثر بكثير. صحيح أن "لا روخا" فاز بستة أهداف إلا أن النتيجة لولا مانويل نوير، الذي رغم أنه عاش أسوأ مباراة في مسيرته، كانت ستصبح أكثر فداحة لألمانيا لولا تصديه لـ 3 أهداف محقّقة.

هكذا أعادت إسبانيا التذكير أمس بجيلها الذهبيّ الذي قادها للقبين في كأس أوروبا عاميّ 2008 و2012 وإلى لقب في المونديال عام 2010 من خلال مجموعة من المواهب الشابة التي لا تكلّ ولا تهدأ والتي قدّمت أمس كل فنون الكرة من اللعب الجماعي إلى المهارة الفردية والسرعة في الأداء وإرباك المنافس بالضغط العالي، وكل هذا تُرجِم بسيطرة تامة طيلة المباراة واستحواذ فعّال وأهداف رائعة.

صحيح أن ألمانيا بدت ضعيفة، ضعيفة إلى حدّ لا يُصدَّق وغير قادرة على مجاراة نسق لعب الإسبان السريع فضلاً عن الضعف الدفاعي الفاضح والفشل الهجومي مكتفية بفرصة واحدة من مهارة سيرج غنابري بتسديدته الرائعة التي أصابت العارضة، لكن هذا لا يمنع من أن إسبانيا في المقابل كانت قوية، قوية جداً.

وبالحديث عن الجيل الذهبي والجيل الحالي، فإن ما يلفت أمس في تشكيلة إسبانيا الأساسية على أرض الملعب غياب لاعبي برشلونة وريال مدريد بدرجة كبيرة عنها بعد أن كان الفريقان سابقاً أساس المنتخب، إذ تواجد أمس فقط القائد سيرجيو راموس من ريال مدريد قبل خروجه مصاباً وسيرجي روبرتو من برشلونة، أما غير ذلك فإن كل اللاعبين من أندية إسبانية عدة ومن خارج إسبانيا.

هذا الأمر يأتي انعكاساً للمنافسة في "الليغا" حيث أصبح لبعض الأندية كلمتها مثل ريال سوسييداد المتصدّر وفياريال الوصيف اللذين باتا يقفان في وجه برشلونة وريال مدريد ويتفوّقان عليهما ويقدّمان بالإضافة إلى أندية أخرى مثل فالنسيا وأتلتيك بلباو أكثر المواهب للمنتخب.

هكذا رأينا أمس في أرض الملعب عند انطلاق المباراة وفي التبديلات في الشوط الثاني لاعبين ومواهب من هذه الأندية على غرار باو توريس وخوسيه غايا وميكيل أويارزابال وجيرارد مورينو والحارس أوناي سيمون.

لكن اللافت أيضاً هو تأثير جوسيب غوارديولا على المنتخب من خلال وجود ثلاثة لاعبين يقودهم في مانشستر سيتي في تشكيلة لويس إنريكي حيث بدا أمس واضحاً مدى أهمية وتأثير كل من فيران توريس الذي تألّق وسجّل ثلاثية "هاتريك" ورودري الذي سجّل هدفاً وإيريك غارسيا الذي شارك مكان راموس بعد إصابته، وجميع هؤلاء لا يزالون شباناً وسيكون لهم دور كبير مع "لا روخا".

كما لفت الأداء الذي قدّمه فابيان رويز لاعب نابولي الإيطالي بعد مشاركته منذ الدقيقة 12 مكان سيرجيو كاناليس لتعرّضه للإصابة وكان واحداً من المؤثّرين في الفوز وتألّق بصناعته 3 أهداف، فضلاً عن أن عودة ألفارو موراتا مهاجم يوفنتوس الإيطالي كانت جيدة بعد غياب لعام عن "لا روخا" وهذا مكسب إضافي للمنتخب.

هذا لا يمنع من أنه سيبقى لبرشلونة وريال مدريد وجود في هذا الجيل الجديد خصوصاً لـ "البرسا" مع الموهوبَين أنسو فاتي وبيدري، لكن يبدو واضحاً أن تأثير الفريقَين العملاقين لن يكون كما قبل وتحديداً كما كان الحال في الجيل الذهبي بوجود نجوم عمالقة أمثال كارليس بويول وجيرار بيكيه وتشافي هرنانديز وأندريس إينييستا ودافيد فيا وبيدرو رودريغيز وتشابي ألونسو وألفارو أربيلوا وراموس (لا يزال موجوداً) والحارس الأسطوري إيكر كاسياس وغيرهم. 

ولعل هذا التغيُّر يشكّل مصدر قوّة وليس ضعفاً ويُظهر تطوُّر الكرة الإسبانية وأن تقديمها للمواهب الجديدة لم يعد حصراً ببرشلونة وريال مدريد. 

في يومنا هذا يبدو أنه لم يعد ينطبق القول: إن كان برشلونة وريال مدريد بخير، فهذا يعني أن منتخب إسبانيا بخير. يمكن القول الآن أن إسبانيا بخير لأن مواهب الكرة الإسبانية بخير.