قصّة لندن المريرة... ماذا فعل بنا الألمان؟
عاماً بعد عام وبطولة بعد بطولة يُكرِّس الألمان عقدتهم للإنكليز وتحديداً اللندنيين في العاصمة الإنكليزية. باتت الفِرَق الألمانية والمُنتخَب الألماني رُعب الإنكليز في لندن.
لم تعد قصّة لندن مع الفِرَق الألمانية والمُنتخَب الألماني عادية. بات الألمان رُعب الإنكليز على أرضهم واللندنيين على وجه الخصوص. هذا الأمر تأكَّد هذا الموسم في دوري أبطال أوروبا بشكلٍ قاطعٍ وساطعٍ وواضح. المسألة حتى لم تعد ترتبط فقط بالانتصارات التي يُحقِّقها الألمان في الملاعب اللندنية أمام فِرَق العاصمة الإنكليزية بل من خلال نوعيّة اللعب والنتائج الكبيرة.
إذ ها هو زعيم الكرة الألمانية بايرن ميونيخ أمس يُلقِّن تشلسي درساً قاسياً في عقر داره ملعب "ستامفورد بريدج" بفوزه عليه بنتيجة 3-0. كل شيء كان بايرن في هذا الملعب أمس. سيطرة تامة على اللعب حيث وصلت نسبة استحواذ البافاريين على الكرة إلى 63 % وفُرَص أكثر وفوز بثلاثة أهداف كان يمكن أن يكون أكثر لولا تدخّلات حارس تشلسي الأرجنتيني ويلي كاباييرو في الشوط الأول تحديداً وتسديدة توماس مولر الرائعة القريبة من المرمى وكرته الرأسية في العارضة، فضلاً عن المزيد من الفُرَص في الشوط الثاني تحديداً عبر سيرج غنابري الذي سجَّل هدفين.
هذا الانتصار الألماني في لندن جاء بعد أسبوع تماماً من انتصارٍ ألماني آخر في عاصمة الإنكليز حقَّقه الفريق المُكافِح لايبزيغ على توتنهام. كُثر كانوا لا يُرشِّحون فريق المُدرِّب الشاب جوليان ناجلسمان للتفوّق على فريق المُدرِّب البرتغالي الشهير جوزيه مورينيو في ملعب "توتنهام هوتسبر ستاديوم" لكن هذا ما حصل بالفعل وليس فقط بالفوز 1-0 بهدف تيمو فيرنر من ركلة جزاء إذ أن الفريق الألماني كان الطرف الأفضل في اللقاء.
قلنا توتنهام؟ هذا الفريق تلقَّى بدوره هذا الموسم في دور المجموعات هزيمة تاريخية في لندن أمام بايرن ميونيخ أيضاً بنتيجة 7-2 سجَّل منها سيرج غنابري رُباعية في أمسيةٍ لا تُنسى. إذاً فإن هذا الشاب بمُفرده تمكَّن من تسجيل 6 أهداف في مباراتين في لندن هذا الموسم وهذا ما لا يمكن أن يفعله فريق من 11 لاعباً.
وبالحديث عن بايرن ولندن يكفي التذكير بنتيجة منذ سنوات قليلة كي لا نعود إلى الماضي وذلك قبل 3 أعوام في إياب دور الـ 16 لدوري أبطال أوروبا عندما ألحق الهزيمة بأرسنال بقيادة مُدرِّبه التاريخي السابق الفرنسي أرسين فينغر بنتيجة 5-1 بعد أن كان قد فاز عليه ذهاباً في ميونيخ 5-1 أيضاً لتكون المُحصِّلة في مباراتين 10-2.
هكذا وفي 3 مباريات أخيرة لبايرن في عاصمة الإنكليز فإن الفريق الألماني سجَّل 15 هدفاً أمام 3 فرق كبرى لندنية. هذا كثير، ولا يُصدَّق.
ولكي يكتمل المشهد فإن الحسرة الكُبرى عاشها الإنكليز واللندنيون تحديداً أمام الألمان في عام 2013، عندما لعب فريقان ألمانيان في نهائي دوري أبطال أوروبا هما بايرن وبوروسيا دورتموند على ملعب "ويمبلي" الشهير بحلَّته الجديدة وفاز البافاريون 2-1. حينها كان اللندنيون مُجبَرين على مُشاهدة فريقين ألمانيين في ملعبهم الأشهر وما أدراك ما هو الصِراع الأزليّ الكروي بين الإنكليز والألمان في القارّة الأوروبية.
القصّة حتى تعود إلى سنوات طويلة في ملعب "ويمبلي" القديم في لندن في كأس أوروبا 1996 عندما ألحق المُنتخَب الألماني الهزيمة بنظيره الإنكليزي بركلات الترجيح في نصف النهائي، حينها عندما احتفل نجم "المانشافت" السابق أندرياس مولر أمام الجماهير الإنكليزية على طريقة نجمهم السابق بول غاسكوين، ثم لاحقاً توِّج الألمان باللقب بالفوز على تشيكيا في النهائي بهدفَي أوليفر بيرهوف.
يمكن القول إن الهدف المُثير للجدل الذي سجَّله الإنكليزي جيف هيرست في مرمى مُنتخَب ألمانيا في نهائي مونديال 1966 في ملعب "ويمبلي" عندما لم تتجاوز كرته خط المرمى وقاد مُنتخَب إنكلترا للتتويج باللقب وهذا ما اعتبره الألمان ظلماً كبيراً لحق بهم، فإن هذا الهدف يبدو أنه تحوَّل إلى لعنةٍ على الإنكليز أمام الألمان في لندن وكثُرَت منذ ذلك الحين هزائمهم أمام الفِرَق الألمانية والمُنتخَب الألماني في ملاعب لندن فضلاً عن تحقيق الألمان لقبين كبيرَين لبايرن و"المانشافت" في "ويمبلي".
مَن يعلم؟ ربما فصول هذه القصّة لن تنتهي في هذا الموسم إذ قد يصل مُنتخَب ألمانيا إلى نهائي بطولة كأس أوروبا الصيف المقبل والذي سيُقام... في ملعب "ويمبلي"!