مولر يتألّق... كباش بين البافاريين ولوف
بعد كلّ الذي قدّمه للمنتخب الألماني سابقاً، هل يعود توماس مولر إلى صفوفه في ظل تألّقه مع بايرن ميونيخ حالياً؟
ليس خافياً أن توماس مولر من أبرز اللاعبين الذين قدّمتهم الكرة الألمانية في السنوات العشر الأخيرة في جيل طوني كروس ومسعود أوزيل وماتس هاملس وجيروم بواتنغ ومانويل نوير الذين أحرزوا كأس أوروبا للشباب مع منتخب ألمانيا عام 2009 ثم كان حضورهم قوياً في مونديال جنوب أفريقيا 2010 وتحديداً مولر بأهدافه الخمسة التي توّجته هدّافاً للبطولة فضلاً عن إحرازه جائزة أفضل لاعب شاب، ثم دوره المؤثّر في الإنجاز التاريخي بالتتويج بلقب مونديال البرازيل 2014 وتسجيله مجدّداً 5 أهداف.
في موازاة هذه الإنجازات كان مولر طيلة هذه السنوات أحد أهم دعائم بايرن ميونيخ الهجومية مقدّماً أداء ثابتاً ومساهماً بالألقاب وأهمها لقب دوري أبطال أوروبا عام 2013.
لكن مولر عرف انخفاضاً كبيراً في المستوى بعد خيبة مونديال روسيا 2018 وخروج منتخب ألمانيا من دور المجموعات. بعدها خرج أيضاً مولر العام الماضي من تشكيلة المدرب يواكيم لوف إلى جانب هاملس وبواتنغ رغم كل ما قدّموه لـ "المانشافت". وجد لوف أن لا بد من إجراء تغيير شامل في تشكيلته ومنح الفرصة للمواهب الشابة ليعلن أنه لن يعتمد منذ تلك اللحظة على الثلاثي البافاري وهذا ما أحدث حالة من الغضب لدى الإدارة البافارية.
كان لذلك القرار أثره السلبي على مولر وازداد الأمر أكثر مع كثرة بقائه على مقعد البدلاء في بايرن ميونيخ من خلال عدم اعتماد المدرب السابق الكرواتي نيكو كوفاتش عليه. قيل أن مولر انتهى وحُكي عن خروجه أيضاً من القلعة البافارية لكن هذه المرة مجبراً بعد أن رفض سابقاً عروضاً عديدة تحديداً مبلغ 100 مليون يورو من مانشستر يونايتد الإنكليزي عندما كان في ذروة تألّقه.
غير أن الأمور تبدّلت كلياً عند إقالة كوفاتش واستلام مساعده هانز - ديتر فليك قيادة الفريق الذي عاد ومنح الفرصة باللعب لمولر خصوصاً أنه يعرف قدراته ليس فقط من خلال عمله معه في البافاري بل في المنتخب الألماني حيث كان أيضاً مساعداً للوف. بالفعل تغيّر كل شيء بالنسبة لمولر في فترة قصيرة. بدأت الجماهير تستعيد صورة نجمها السابق. دقائق اللعب بدأت تزداد. مولر يسجّل. مولر يصنع الأهداف. مولر لا يتعب من الركض في الملعب. يهاجم. يساند في الدفاع... مولر عاد.
هكذا وفي 9 مباريات تحت قيادة فليك عاد مولر للتألّق وقدّم مستوى مميزاً وثابتاً من خلال الأداء والأرقام إذ سجّل 5 أهداف في "البوندسليغا" آخرها أمس أمام ماينز وقبلها أمام شالكه وهدفاً في دوري أبطال أوروبا أمام توتنهام الإنكليزي فضلاً عن صناعته 7 أهداف ليكون اللاعب الأكثر مساهمة بالأهداف بين التسجيل والصناعة في بايرن تحت قيادة فليك.
هذا المستوى الذي يقدّمه مولر تلقّفته الإدارة البافارية. بطبيعة الحال فإن تألّق مولر مع بايرن أمر مفرح للبافاريين لكن هؤلاء أيضاً لم ينسوا قرار لوف قبل عام والذي اعتبروه استهدافاً لناديهم باستبعاد 3 نجوم من بايرن معاً عن تشكيلة المنتخب (قبل عودة هاملس إلى بوروسيا دورتموند) وما يمثّله هذا الأمر بالنسبة لبايرن تحديداً النادي الأكثر إمداداً للمنتخب بالنجوم في تاريخه والذي يُعَدّ واجهة "المانشافت".
هكذا لم يتوان الرئيس التنفيذي لبايرن، كارل - هاينز رومينيغيه، عن مطالبة لوف باستدعاء مولر مجدّداً لصفوف المنتخب ليكون حاضراً معه في كأس أوروبا 2020 الصيف المقبل. هو إذاً نوع من الكباش بدأ بين الإدارة البافارية ولوف.
بطبيعة الحال فإن عودة مولر للتألّق وتقديم المستوى الثابت يبدو أمراً محيّراً للوف في هذا التوقيت وقبل 5 أشهر من كأس أوروبا إذ إنه تمكّن من إعادة بناء "المانشافت" بسرعة قياسية (وهذا ما تباهى به قبل فترة وقارنه بما حصل مع منتخبات كبرى أخرى في فترات سابقة مثل فرنسا وهولندا وإنكلترا) من خلال تشكيلة تعتمد على اللاعبين المواهب الذي أثبتوا كفاءتهم وقدّموا تصفيات رائعة للبطولة الأوروبية أنهاها المنتخب الألماني في صدارة مجموعته القوية التي ضمّت هولندا وإيرلندا الشمالية ما أعاده إلى الواجهة العالمية وهو حالياً بين المرشّحين الأوائل لتحقيق اللقب الأوروبي.
القرار الأخير للوف طبعاً. المدرب ألمح إلى أن مولر من الممكن أن يشارك مع منتخب ألمانيا الأولمبي في أولمبياد طوكيو 2020. هل هذا يكفي البافاريين ومولر خصوصاً إذ استمرّ تألّقه وثبات مستواه؟ بالتأكيد لا. لكن ليس مستبعداً أيضاً أن يكون مولر حاضراً في كأس أوروبا على الأقل في دور البديل الذي يمتلك الخبرة والتجربة خصوصاً في البطولات الكبرى... فهل يفعلها لوف؟