طوني كروس يتوهّج مجدّداً
النجم طوني كروس يعيش موسماً رائعاً سواء مع ريال مدريد أو منتخب ألمانيا. هي فترة من الأفضل له في الملاعب بعد موسمه الماضي الصعب الذي تلقّى فيه انتقادات قاسية.
أمس كان طوني كروس يؤكّد مجدّداً أنه يعيش أفضل مواسمه في الملاعب. في المباراة أمام بيلاروسيا صنع النجم البالغ 30 عاماً هدفاً وسجّل هدفين أولهما من تسديدة مميزة "على طريقته" والثاني بعد مراوغة رائعة للدفاع وتسديدة في المرمى وهذا ما لم يفعله بالمساهمة في هدفين أو أكثر في مباراة واحدة منذ السباعية التاريخية أمام البرازيل في نصف نهائي مونديال 2014.
ليس خافياً أن كروس عاش وقتاً صعباً بعد مونديال روسيا 2018. في تلك البطولة لم يقدّم كروس سوى لقطة واحدة مميزة لا تزال عالقة في الأذهان من خلال هدفه في الثانية الأخيرة من ركلة حرة رائعة أمام السويد، لكن غير ذلك فإن كروس كان أقلّ من عادي تماماً كما كل زملائه ليعيش "المانشافت" خيبة مريرة ويخرج من البطولة من دورها الأول بخسارة صادمة أمام كوريا الجنوبية 0-2.
المونديال كان له الأثر السلبي على كروس في موسمه الماضي مع ريال مدريد. عموماً كان "الميرينغي" كلّه سيئاً بعد انتهاء حقبة النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو ومغادرة المدرب الفرنسي زين الدين زيدان والتخبّط الذي مرّ به الفريق ليخرج في النهاية خالي الوفاض من موسمه بعد 3 ألقاب متتالية في دوري الأبطال وسيطرة تامة على الكرة الأوروبية. لكن كان كروس أكثر لاعب تلقّى الانتقادات. كانت الانتقادات قاسية لهذا النجم رغم كل ما قدّمه لريال مدريد منذ التحاقه به. في نادٍ مثل "الميرينغي" فإن التاريخ لا يشفع وخصوصاً مع لاعب مثل كروس كان يشكّل نقطة القوة في وسط الملعب واللاعب "الأنيق" الذي لا يخطىء التمرير والذي يصنع اللعب ويشكّل صلة الوصل بين الدفاع والهجوم والثنائي الأفضل في ملاعب أوروبا مع زميله الكرواتي لوكا مودريتش.
قسوة الانتقادات وصلت إلى المطالبة ببيع النجم الألماني، لكن عودة زين الدين زيدان لقيادة ريال مدريد كانت كافية لاستمرار كروس مع الفريق وتمديد عقده. حظي كروس بثقة مدرّبه الفرنسي رغم كل ما مرّ به، إذ إن كروس لطالما كان عنصراً هاماً في تشكيلة الفريق في الحقبة الأولى لزيدان والتي تكلّلت بانتصارات ونجاحات منقطعة النظير كان للنجم الألماني دور بارز فيها كما العديد من نجوم ريال مدريد.
إذاً وجد كروس نفسه أمام التحدّي في الموسم الجديد وأمام امتحان صعب أولاً لاستعادة مستواه كنجم كبير في الكرة العالمية ومن الأفضل في مركزه، وثانياً ليردّ التحية لزيدان الذي منحه الثقة مجدّداً واعتمد عليه في تشكيلته التي شهدت العديد من التغييرات.
هكذا، ومنذ مباراته الأولى في افتتاح الموسم أمام سيلتا فيغو، قدّم كروس أداء أكّد فيه أن الموسم الماضي أصبح وراءه. سدّد تسديدة مذهلة سكنت الشباك وأعادت التذكير سريعاً بكروس في أفضل أوقاته في الملاعب. منذ تلك التسديدة وكروس يقدّم أداء رائعاً والأهم مستوى ثابتاً لا بل يمكن القول أنه يقدّم أفضل مستوى له مع ريال مدريد. الأرقام تؤكّد ذلك. إذ فضلاً عن استعادته حضوره في الميدان وثقله في وسط ملعب ريال مدريد، فإن كروس هو أفضل صانع للفرص في "الليغا" كما في دوري الأبطال وهو أفضل لاعب يمرّر كرات ناجحة، والأهم من ذلك كان تطوُّر كروس في الشقّ الهجومي إذ إنه يسدّد كثيراً في المباريات وقد وصل إلى أعلى نسبة تسديد له منذ قدومه إلى "الميرينغي" بـ 2,3 تسديدة في المباراة الواحدة، فضلاً عن ارتفاع معدّل أهدافه هذا الموسم وهو الأفضل له مع ريال مدريد بـ 3 أهداف اثنين منهما في "الليغا" وهدف في دوري الأبطال منح به فريقه فوزاً في غاية الأهمية في عقر دار غالاتا سراي التركي في مباراته رقم 100 في مسيرته في البطولة. كل هذا وكروس، للتذكير، غاب فترة عن الملاعب بسبب الإصابة.
غير أن تألُّق كروس هذا الموسم لا ينحصر فقط في ريال مدريد بل يمتدّ إلى منتخب ألمانيا حيث استعاد دوره البارز في "المانشافت" وهذا ما كان واضحاً أمس. وكما في "الميرينغي" فإن معدّل أهداف كروس ارتفع أيضاً مع المنتخب إذ فضلاً عن هدفَيه أمام بيلاروسيا فإنه سجّل هدفاً أمام هولندا في التصفيات أيضاً ليصبح رصيده بالمجمل هذا الموسم 6 أهداف وهو ما لم يحصل معه سابقاً، إذ للتذكير فإنه غاب عن التسجيل سواء مع ريال مدريد أو منتخب ألمانيا منذ شهر 11 العام الماضي حتى هدفه في مرمى سيلتا فيغو في شهر 8 هذا العام.
كروس يؤكّد هذا الموسم أنه من معدن النجوم الكبار. هؤلاء النجوم الذين يمرّون بفترة صعبة لكنهم، سريعاً، يعرفون كيف يستعيدون ألقهم مهما كبُرَت الصعوبات وقسَت الانتقادات.