هل ينهي اتفاق السودان أزمة ما بعد الانقلاب؟
السودان يوقّع اتفاق سياسي إطاري يمهّد الطريق لنقل السلطة إلى المدنيين، وناشطون ومحللون يشككون في الاتفاق ويعتبرونه "خيانة".
وقع الجيش السوداني والقادة المدنيون اتفاقاً الإثنين يمهّد الطريق لتشكيل حكومة مدنية وإنهاء أزمة سياسية مصحوبة بأخري اقتصادية تعصفان بالبلاد منذ انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على السلطات الانتقالية التي شكلت عقب إطاحة البشير عام 2019.
ولكن ناشطين متشككين في نوايا العسكريين تظاهروا على الفور احتجاجاً على الاتفاق الذي وقعه البرهان وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو والعديد من القادة المدنيين وخصوصاً من قوى الحرية والتغيير وهي الفصيل المدني الرئيسي الذي استُبعد منذ استئثار الجيش بالسلطة إثر انقلاب الـ25 من تشرين الأول/أكتوبر 2021.
ورحّبت الأمم المتحدة ودول عدة بالاتفاق وقال ممثل الأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرذيس، إن توقيع الاتفاق هو "نتاج جهود متواصلة قامت بها الأطراف السودانية على مدى العام المنقضي لايجاد حل للأزمة السياسية والعودة إلى النظام الدستوري".
وأكد دقلو مجدداً الإثنين التزام الجيش بالانسحاب من الحياة السياسية معتبراً أن هذا "ضروري لبناء نظام ديمقراطي".
ورحّبت الولايات المتحدة والنروج والمملكة المتحدة والإمارات والسعودية بتوقيع الاتفاق واعتبرت في بيان مشترك أصدرته وزارة الخارجية الأميركية "إنها خطوة أولى أساسية نحو تشكيل حكومة بقيادة مدنيين وتحديد ترتيبات دستورية لتوجيه السودان خلال فترة انتقالية تفضي إلى انتخابات".
من جانبها، رحّبت فرنسا بـ"تقدم كبير" ودعت إلى "تشكيل حكومة مدنية في أسرع وقت ممكن".
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "كل الأطراف السودانية الى العمل بدون تأخير على المرحلة المقبلة من العملية الانتقالية للاستجابة للمشاكل المتبقية بهدف التوصل الى اتفاق دائم وجامع سياسيا".
ومنذ الانقلاب، تشهد البلاد تظاهرات واحتجاجات شبه أسبوعية تعرضت بانتظام لقمع قوات الامن ما أسفر عن سقوط 212 قتيلاً على الأقل، فيما تزايدت وتيرة العنف القبلي في مناطق عدة.
وفي موازاة الاضطرابات السياسية والأمنية، تعمقت الأزمة الاقتصادية في السودان، أحد أفقر بلدان العالم، بعد أن علقت الدول الغربية المساعدات المالية التي تدفقت على هذا البلد عقب إطاحة البشير وتشكيل السلطات الانتقالية، واشترطت عودة الحكم المدني لاستئنافها.
يأتي الاتفاق بعد بضعة أشهر من إعلان البرهان أن الجيش سوف يبتعد عن السياسة ويترك المجال للاتفاق على حكومة مدنية.
وقالت قوى الحرية والتغيير، وهي فصيل مدني رئيسي كان انقلاب البرهان أطاح به، إن الاتفاق الاطاري يمهد الطريق لتشكيل سلطة مدنية انتقالية.
ولكن عشرات الناشطين الذين يرفضون "أي تفاوض وأي شراكه مع الجيش"، نزلوا الي الشوارع الإثنين بعد دعوات للاحتجاج انتشرت على الانترنت.
وهتف المتظاهرون "الاتفاق خيانة" و قوي الحرية والتغيير "باعت دماءنا".
وبموجب الاتفاق، سيتفق الموقعون على رئيس وزراء مدني يتولى السلطة في البلاد لمرحلة انتقالية جديدة تستمر عامين.
وأعلن التوصل الى الاتفاق الجمعة بعد اجتماع ضم قوى الحرية والتغيير وفصائل سياسية أخرى مع قادة عسكريين في حضور مسؤولين من الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة ومجموعة ايغاد، اضافة الى دبلوماسيين غربيين.
والاتفاق هو الشق الأول من عملية سياسية على مرحلتين ترتكز على مسودة الدستور التي أعدتها نقابة المحامين السودانيين أخيرا، بحسب بيان قوى الحرية والتغيير.
أما الشق الثاني من الاتفاق ويشمل قضايا عدة من بينها العدالة الانتقالية واصلاح الجيش فينتظر أن يتم الانتهاء منه "في غضون أسابيع"، وفق البيان.
وطالب ممثل الأمم المتحدة القوى السودانية الى البدء "فوراً" في المحادثات حول الشق الثاني من أجل التوصل الى اتفاق شامل.
ودعا الناشطون المنادون بالديمقراطية ويرفضون "أي تفاوض وأي شراكة" مع الجيش الى تظاهرات احتجاجاً على الاتفاق.
واعترض على الاتفاق كذلك بعض قادة حركات التمرد السابقين الذين وقعوا في 2020 اتفاقاً مع الجيش ودعموه عقب انقلاب العام الماضي.
ويعتبر معارضون أن "هذا لاتفاق ثنائي وإقصائي" يستبعد أطرافاً عدة.