مسارات | ليبيا.. ماذا بعد استبعاد حفتر من السباق الانتخابي؟
على وقع إقصاء حفتر من السباق الانتخابي، يبدو مستقبل الانتخابات الرئاسية الليبية غامضاً، لكن 3 مسارات قد تحكم الواقع الليبي في المرحلة المقبلة.
في الوقت الذي اتّجهت فيه أنظار الليبيين إلى مدينة سبها، حيث كانت محكمة المدينة تشهد حصاراً يهدف إلى منع محامي سيف الإسلام القذافي من الطعن في إقصائه من السباق الرئاسي، خطفت مدينة الزاوية في الغرب الليبي المشهد، مع قرار محكمتها الابتدائية استبعاد خليفة حفتر من قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسيّة.
ويتعارض قرار محكمة الزاوية مع قرار المفوضية العليا للانتخابات، وكذلك قرار المحكمة الابتدائية في بنغازي، التي كانت قد رفضت الطعن في ترشيح حفتر.
سبق هذا المنعطف في المشهد الليبي إعلان المفوضية العليا في وقت سابق قائمة أولية ضمّت 73 مرشحاً للانتخابات الرئاسية، من بينهم حفتر، إضافةً إلى قائمة بـ25 مستبعداً من الانتخابات، كان من بينهم سيف الإسلام القذافي.
وعلى وقع التطوّرات الجديدة، يبدو مستقبل الانتخابات الرئاسية الليبية غامضاً، غير أنَّ 3 مسارات قد تحكم الواقع الليبي بعد استبعاد خليفة حفتر من العملية الانتخابية.
إقصاء حفتر
مع اقتراب موعد الانتخابات، اشتعلت المنافسة بشكل كبير في الشرق الليبي. وبعد ترشح سيف الإسلام القذافي، ومن ثم رئيس البرلمان عقيلة صالح، تعرَّضت حظوظ حفتر بالفوز للتشكيك.
مع وضع ذلك في الحسبان، قد يكون حفتر في غنى عن خوض معركة قد تتطور إلى ما هو أبعد من السباق الانتخابي، وخصوصاً مع حرصه على مجاراة الموقف الدولي المصمم على إجراء الانتخابات بأيِّ ثمن، إضافة إلى الموقف الروسي الذي رأى في إقصاء سيف الإسلام القذافي "تمييزاً يدعو إلى القلق"، وهو ما اعتُبر مؤشراً على ابتعاد موسكو فعلياً عن حفتر الذي يعتبر منافساً لسيف الإسلام.
في المقابل، تسيطر قوات حفتر على شرق ليبيا وجنوبها. وبموجب ذلك، وإن قبل حفتر بأن لا يكون طرفاً في العملية الانتخابية، فإنَّ استبعاده من المشهد السياسي الليبي أمر في غاية الصعوبة.
إعلان حكومة في غرب ليبيا
يفتح استبعاد حفتر من السباق الانتخابي الباب واسعاً أمام جدل قانوني، يبدو في ظلِّ فقر العملية الانتخابية القانوني غير قابل للحسم بشكل يسير، إذ يستند حفتر إلى قرار المجلس الأعلى للقضاء بأنَّ الطعن ضد المرشحين يكون أمام لجنة الطعون في مكان تقديم المرشّح لترشيحه.
وتنفيذاً لهذا القرار، لا بد من أن يُقدّم الطعن ضد ترشح حفتر في مدينة بنغازي، فيما تستند محكمة الزاوية في قرارها إلى ما تسميه القانون في الاختصاص، معتبرة أنه أسمى من قرار المجلس الأعلى. من جانب آخر، يبرر مؤيدو قرار المحكمة ذلك بأن الطعن ضد حفتر في بنغازي غير ممكن، لكون المدينة واقعة تحت سيطرة قواته.
على هذا الأساس، تبدو الأمور كأنّها تدور في حلقة مفرغة، يتمسّك فيها كلّ طرف بحججه القانونية وموقفه السياسي ووقائع الأرض أيضاً. وفي حال إجراء الانتخابات في ظلِّ هذا الجدل، قد يلجأ حفتر إلى إعلان تشكيل حكومة موازية في الشرق الليبي.
تأجيل الانتخابات
يعارض الكثيرون في ليبيا إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، في ظلِّ رفضهم القوانين الانتخابية، باعتبار أنها لم تُعتمد بصورة قانونية وتوافقية. يُضاف إلى ذلك حالة الانفلات الأمني التي حذّر وزير الداخلية، خالد مازن، من أنها تهدّد سير العملية الانتخابية.
ثمة عامل آخر قد يؤيّد هذا المسار، يتعلَّق بعدم قدرة حفتر على الطعن في قرار استبعاده، إذ يعد قرار محكمة الزاوية نافذاً وملزماً للمفوضية العليا للانتخابات ما لم يطعن به حفتر أو وكيله القانوني. ويتطلَّب ذلك حضوره إلى مدينة الزاوية، الواقعة غرب ليبيا خارج مناطق سيطرته، وهو أمر لا يبدو ممكناً بناءً على وجود أحكام قضائية بحقّه، إضافة إلى سنوات من النزاع والحرب بين الجانبين.
وبناءً على العامل السابق، فإنّ سيطرة حفتر الفعلية على شرق البلاد وجنوبها تجعل إجراء الانتخابات بعيداً عن رضاه أمراً مستبعداً، لأنّ ذلك سيستثني أكثر من نصف البلاد من العملية الانتخابية. لذا، قد يكون قرار تأجيل الانتخابات هو الخيار الأكثر ترجيحاً ما لم يتم التوصّل إلى تسوية ما.