مجلة أميركية: لفهم العنف في الخرطوم.. يجب فهم سياسة أوروبا الخارجية
العنف المتسارع في السودان لا تمكن قراءته من دون الرجوع إلى مسبباتٍ جوهريةٍ في تكوينه، تُعَدّ مطالب السياسة الخارجية الأوروبية من أبرزها. هذا ما أوضحته مجلّة "ذا نيشن" الأميركية. كيف ذلك؟
ذكرت مجلّة "ذا نيشن" الأسبوعية الأميركية، في مقالٍ نشرته، اليوم الثلاثاء، بعنوان "ما يجب أن يعرفه العالم عن السودان"، أنّه لفهم العنف الدائر في السودان اليوم، يجب فهم السياسة الخارجية الأوروبية.
ودعت المجلّة، في مقالها، إلى التركيز على وجهة النظر الأوروبية بشأن السودان، واستحضارٍ جدّي للمطالب الرسمية الأوروبية، والتي يحاول القادة الأوروبيون تحقيقها في السودان، بطريقةٍ أو بأخرى.
وطالبت بالالتفات إلى أنّ السودان يحتل مكانةً مركزيةً في التاريخ المعاصر، على الرغم من ميله إلى الخروج من دائرة الضوء الإعلامية الدولية.
وأشارت المجلّة إلى أنّه ربما يكون الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، أنشأ قوات الدعم السريع، لكنّها أوضحت أنّ الجماعة تَدين ببقائها جزئياً للدعم الضمني من الحكومات الأوروبية، ورغبة هذه الحكومات في وقف تدفق اللاجئين والمهاجرين من إريتريا والصومال، وحتى من السودان نفسه.
وذكّرت "ذا نيشن" أنّه، في عام 2015، كان الإريتريون أكبر مجموعة، تنتمي إلى جنسية واحدة، حاولت عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، وأنّه، في العام نفسه، نشر البشير قوات الدعم السريع كحرس حدودٍ سوداني، ولا سيما عند معبر "كسلا" الحدودي مع إريتريا.
ووافق الاتحاد الأوروبي، في عام 2018، على منح البشير ما يقدَّر بنحو 200 مليون دولار من الدعم المتعلق بالهجرة، حتى في أثناء استمرار الاحتجاجات ضده. ويُفترض أنّ كثيراً من هذه الأموال تمّ تخصيصها لقوات الدعم السريع، باعتبارها شرطة الحدود الرسمية في البلاد آنذاك، الأمر الذي يزيد أيضاً في دعم النظام العسكري.
ويجب التوقف عند ارتباط سياسة الحدود الأوروبية ارتباطاً وثيقاً بسياسات السودان، كما أكّدت المجلّة الأميركية، مُطالبةً بالتذكير بالعواقب العابرة للحدود لسلوك أوروبا غير الأخلاقي تجاه اللاجئين والمهاجرين.
اقرأ أيضاً: "لهيب السودان".. ما الأسباب التي تبقي البلد الأفريقي على صفيح ساخن؟
وتترسخ أهمية السودان، في سياسات الدول الأوروبية، في كونه يقع عند مفترقِ طرقٍ بين العالمين الأفريقي والعربي، كما يقدم مثالاً آخر على كيفية مقاربة حياة الناس في هذه المناطق على أنّها ثانوية، بالنسبة إلى الدور الذي تؤديه دولهم في الاقتصادات الأوروبية.
وتحدّثت المجلّة بشأن ميل الإعلام الغربي إلى التركيز على الروابط بين حرب السودان والحرب في أوكرانيا، لافتةً إلى أنّ التركيز على هذا فقط "هو تبسيطٌ مفرطٌ للأمور"، داعيةً إلى التركيز على واقع، مفاده أنّ الأزمة في السودان تمثّل "أبشع عواقب الصفقة النيوليبرالية، بحيث يتجاهل القادة الاستبداديون (للدول الكبرى) التركيز العالمي على الأحداث في السودان من خلال تقديم وهم الاستقرار والاستمرارية في بلدانهم".
وأضاءت المجلّة على حقيقة تجاهل وسائل الإعلام العالمية لـ"الجشع والتوسع العدوانيين لرأس المال الأجنبي، كتفسيرٍ لأسباب تفكك السياسة الداخلية، وأخذ بلدٍ إلى الانهيار"، موضحةً أنّه لا يمكن فهم ما يحدث في السودان بعيداً عن هذه الحقيقة.