هذا ما قاله ديفيد شينكر في ندوة معهد واشنطن
مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق، ديفيد شينكر، يتحدّث عن الدور الأميركي في لبنان، وعن مشروع الاستثمار الأميركي في قوى "المجتمع المدني".
استضاف معهد واشنطن ندوة عبر تطبيق "زووم"، بتاريخ الـ12 من أيار/مايو الجاري، شاركت فيها حنين غدار، الباحثة اللبنانية في معهد واشنطن، وديفيد شينكر، المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، وبشار حيدر، الأستاذ الجامعي في الجامعة الأميركية في بيروت. وأدار الندوة الباحث في معهد واشنطن روبرت ساتلوف، قائلاً إنّها تأتي قبل أيام من الانتخابات النيابية في لبنان، لكنها ستركز على قضية حزب الله داخل المجتمع الشيعي، بمناسبة إطلاق معهد واشنطن كتاباً جديداً لحنين غدار، بعنوان "أرض حزب الله: تشريح الضاحية والمجتمع الشيعي في لبنان".ميناء
وصرّح شينكر بأنّ إدارة الرئيس باراك أوباما "اهتمت بدرجة أقل بلبنان"، على عكس إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، التي أولت قدراً كبيراً من الاهتمام بالشأن اللبناني، بحيث "كان الانهيار المالي يترسّخ، وحدث انفجار ميناء بيروت، وكان برنامج لبنان للذخائر الموجَّهة بدقة (مع الجيش اللبناني) يحقق تقدماً كبيراً".
وفيما يخص العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية على حزب الله، لفت شينكر إلى أنّ واشنطن "فرضت عقوبات على المؤسسات المالية التابعة لحزب الله، مثل جمال تراست بنك، فكنّا حريصين على القيام بذلك، بحيث كنا ننتظر إصدار مؤسسة موديز تصنيفاتها الائتمانية التي خفّضت تصنيف لبنان. وفي اليوم التالي، جمعنا الوثائق، وقمنا بوصم جمال بنك". وقال ضاحكاً: "لكننا لم نكن مسؤولين عن خفض تصنيف لبنان".
وتابع أنّ بلاده "رفعت التكلفة على حلفاء حزب الله"، قائلاً: "قمنا بتصنيف بعض حلفاء حزب الله الأكثر فساداً، بمن في ذلك صهر الرئيس اللبناني جبران باسيل. والرسالة في هذا الصدد واضحة. فالولايات المتحدة لا تقف فقط ضد الفساد الذي يتورط فيه حزب الله على نحو قريب، والذي يؤدي إلى تدمير الاقتصاد اللبناني، لكن هؤلاء الناس سيدفعون الثمن. لن يربحوا من هذا من دون الإضرار بسمعتهم، أو تلقيهم ضرراً مالياً".
وبشأن استغلال الفرص السياسية من أجل التصويب على حزب الله، قال ديفيد شينكر: "بحثنا عن الفرص السياسية. رأينا فرصة في توجيه هزيمة رمزية لحزب الله في الانتخابات البلدية. نحن نعلم بما حدث في عام 2016، مع حملة "بيروت مدينتي" في الانتخابات البلدية، وأردنا البناء على ذلك، مع معرفتنا المسبّقة بأنها ستكون هزيمة رمزية".
وأكد أن الإدراة الأميركية قامت بـ"زرع رجال أعمال شيعة"، مشيراً إلى أنّه سافر إلى لبنان مرتين، أو ثلاث مرات، خلال فترة عمله مساعداً لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى.
وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق إنّه كان له عشاء عام مع رجال الأعمال الشيعة المعارضين لحزب الله، نظّمه لقمان سليم، الذي وصفه بـ"صديقه العزيز"، موضحاً: "كانت الفكرة هي تعزيز الفرص الاقتصادية في المناطق الشيعية للمساعدة على وقف اعتماد هذا المجتمع على حزب الله، وعملنا بجد على ذلك. وأعتقد أننا أحرزنا بعض التقدم الأولي. لكن، نتيجة عدد من الأسباب، بما في ذلك انفجار الميناء، لم نتمكن من جعل هذا التقدم مستداماً".
وأضاف ديفيد شينكر: "لقد دعمنا المجتمع المدني الشيعي. لذلك التقيت أعضاء مبدعين من المجتمع المدني الشيعي المعارضين لاستبداد حزب الله. التقيت صحافيين شيعة، ممن يكتبون لموقع "جنوبية"، وهو موقع إلكتروني رائع في الجنوب، يقدّم تقارير بشأن فساد حزب الله وقمعه. بإيجاز، أعتقد أننا اتخذنا مقاربة رفضت النظر إلى الطائفة الشيعية اللبنانية على أنها كتلة واحدة، وحاولنا إيجاد فرص من أجل الاستفادة من السخط الشيعي".
وبحسب المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، فإنّه لا يعتقد أنّ الانتخابات ستغيّر الوضع بصورة كبيرة، "على الرغم من كل الاحتجاجات في عام 2019، والاستياء السائد في لبنان"، مضيفاً: "أولاً وقبل كل شيء، وكما نعلم جيداً مما حدث بعد انتخابات عامَي 2005 و2009، فإن حزب الله لا يحترم نتائج الانتخابات، فهو يؤمن بالرصاص وصناديق الاقتراع، على حدّ سواء".
وأكد شينكر أنّ هناك سبباً آخر في عدم وجود أي تأثير للانتخابات، معتقداً أنّ "من المهم أنّ ننظر إلى ما يحدث في المجتمع المسيحي، كما أشار بشار حيدر، الذي قال إنّ من المهم أن ننظر إلى ما يحدث في لبنان، بسبب جبران باسيل والتيار الوطني الحر، نتيجة النظر إليهما بصفتهما فاسدَين، بالتواطؤ مع حزب الله، وهل سيعانيان (أي باسيل وتياره انتخابياً)؟ من يدري إلى أين ستذهب هذه الأصوات؟".
وأضاف أنّ "ما أعرفه هو أنّ المعارضة منقسمة بصورة كبيرة لا تُصَدَّق، فهي مليئة بالقادة النرجسيين أو الفردانيين، والذين يهتمون بأنّ يكونوا رؤساء أحزابهم الخاصة، أكثر من اهتمامهم بالتوحّد معاً وإطاحة النخبة الفاسدة. فهم لديهم نحو 100 حزب تخوض الانتخابات، بدءاً بالأحزاب العادية، ثم كل هذه الأحزاب الصغيرة الأخرى. وأعتقد أنّهم سيأكلون بعضهم البعض، ولن نراهم يكسبون حصة كبيرة في المقاعد النيابية من أجل تغيير التوازن" السياسي في البلد.
وعبّر شينكر عن عدم تفاؤله بـ"هذه الانتخابات. لا أعتقد أنه يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تضع كثيراً من الثِّقل أو الصدقية تجاه ما يحدث فيها. هناك نظام منتهَك في لبنان، والانتخابات، في ظل قوانين انتخابية كهذه الموجودة، لن تُصلحه، للأسف".
وكانت الميادين نشرت خبراً بشأن هذه الندوة، تحفَّظ شنكر، عبر وسائل إعلام أخرى، عن آلية تغطيتها.