ماذا عن الدور التركي والإسرائيلي على الحدود الإيرانية؟
مطامع تركية وإسرائيلية عند الحدود الإيرانية-الأذرية، وتصعيد أذربيجاني ضد إيران قبل تراجع الرئيس علييف عن موقف بلاده. فما علاقة المناورات الإيرانية بهذه التطورات؟
قال الباحث في الشؤون الدولية والاستراتيجية، مسعود أسد اللهي، إنّ "أذربيجان حاولت بدعم إسرائيلي وتركي تحريض الأذريّين في إيران للانقلاب على الحكومة المركزية لمصلحة أذربيجان"، مؤكداً أنّ "هذا المشروع فشل".
وشدّد أسد اللهي، في حديث إلى الميادين، على أنّ "بلاده أرادت بالمناورات العسكرية إرسال رسالة واضحة لأذربيجان بأن حساباتها خاطئة"، مشيراً إلى أن الرسالة الإيرانية "دفعت الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إلى التراجع عن تصعيده ضد طهران".
أما عن تسمية المناورات "فاتحو خيبر"، فأكد أسد اللهي أنّها "إشارة إيرانية مباشرة إلى الدور الإسرائيلي، في التطور الجديد بين أذربيجان وإيران، من دون أن ننسى الوجود الإسرائيلي في كردستان العراق".
وأضاف: "هذا الوجود ليس أمنياً واستخبارياً فقط؛ ففي إقليم كردستان هناك وجود علنيّ، حيث يشارك ضباط إسرائيليون في احتفالات رسمية في إقليم كردستان وفي أذربيجان"، مذكّراً بأنّه "في الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا، استخدمت أذربيجان بشكلٍ علني طائرات مسيّرة إسرائيلية".
كما شدّد أسد اللهي على أنّ "موقف الرئيس إلهام علييف احتاج إلى ردّ إيرانيّ قويّ لتصحيح المسار من أذربيجان"، موضحاً أنّه "بعد هذا الانتصار الجزئي النسبي للجيش الأذري على أرمينيا، هم يعتقدون أنهم أنجزوا إنجازاً تاريخياً، وأنهم يستطيعون أن يهدّدوا إيران بشعارات فارغة جداً".
وتابع: "أرادت إيران أن ترسل رسالة للرئيس الأذري أنّه أخطأ، وهو ما حصل فعلاً... فالرئيس علييف صحّح خطأه خلال مقابلة مع تلفزيون إسباني.
وأشار إلى ضرورة التنسيق بين إيران وأذربيجان وتركيا وروسيا"، مؤكداً أنّ ذلك يؤشر "على ضرورة هذه المناورة".
أسد اللهي: المناورات الإيرانية رسالة قوية لتركيا وأذرييجان
وأشار الباحث الإيراني إلى أنّ "المشكلة الفعلية بين روسيا والحكومة الأرمينية الفعلية، هي أنّ رئيس الوزراء الأرميني الحالي، نيكول باشينيان، حاول الاقتراب من الغرب، بدلاً من أن يكون مع روسيا"، موضحاً أنّه "حاول قبل الحرب الأخيرة مع أذربيجان إعادة العلاقات السياسية مع "إسرائيل"، ولذلك فإن روسيا كانت تريد أن تعاقبه، ما دفعها إلى عدم دعم أرمينيا في الحرب الأخيرة بشكلٍ مؤثر، وهذا أحد أسباب انهزام الجيش الأرميني بوجه أذربيجان".
وفي الأزمة الأخيرة، أكد أسد اللهي أنّ "هناك خطة خطرة جداً، وهي على الشكل التالي: الجيش الأذربيجاني الموجود في جمهورية نخشوان غربي أرمينيا، وبدعم تركي، يدخل ويتخطّى الحدود مع أرمينيا، ويدخل باتجاه الشرق، ويتخطّى الحدود مع أرمينيا ويتجه إلى الغرب، وبذلك يتم احتلال كل الشريط الحدودي مع إيران، أي من داخل أرمينيا".
وأضاف أنّ "هذا ما أشار إليه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان داخل الأمم المتحدة، حيث قال إنّه يجب إعادة الحدود التاريخية"، وهذا ما يعدُّ "أمراً خطراً جداً"، بحسب أسد اللهي.
وأكّد أنّه بسبب ذلك "أرسلت إيران، عبر المناورات الأخيرة، رسالة قوية لتركيا وأذرييجان، بأنها لن تسمح بأن يحدث مثل هذا التغيير في المنطقة، ولذلك هم تراجعوا، والرئيس الأذربيجاني كان متفاجئاً جداً، ولم يكن يتوقع هذا الرد الإيراني القوي".
أسد اللهي: كل جنود مناورة "فاتحو خيبر" أذريون إيرانيون
وقال أسد اللهي إنّ "الأمر اشتبه على السلطات الأذرية، فاعتقدوا أنّهم بدعم تركي وإسرائيلي يستطيعون أن يحرّضوا الأذريين في إيران ضد الحكومة المركزية لمصلحة أذربيجان، وهذا ما احتاج إلى رد".
ولفت الباحث في الشؤون الدولية إلى أنّ "الجنود الذين شاركوا في المناورة الأخيرة، هم من "لواء عاشوراء"، وهو لواء يختص بمحافظات أذرية في إيران"، مؤكداً أنّ "حرس الثورة في إيران لا يرسل إلى الحدود جندياً غير أذري".
وبحسب أسد اللهي "تريد إيران أن تُدافع عن أمنها القومي"، لافتاً إلى أنّه "يجب أن لا ننسى في الحرب الأخيرة في ناغورنو كاراباخ أنّ أذربيجان أتت بالعناصر التكفيريين من سوريا عبر تركيا إلى أذربيجان، وهم من كانوا أساس الحرب ضد أرمينيا".
علييف: نؤيد منصة تعاون إقليمي 3+3 لضمان السلام والتنمية الإقليمية
من جهته، قال الرئيس إلهام علييف، يوم أمس السبت، إنّ بلاده تؤيد مقترح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إقامة منصة تعاون إقليمي "ثلاثة زائد ثلاثة"، لافتاً إلى أنّ "أرمينيا لم ترد بعد، وهذا يعتبر أنها ما زالت تتخذ موقفاً غير بنّاء".
والتعاون الإقليمي 3+3، هو تعاون بين ثلاث دول من جنوب القوقاز، منها أذربيجان وأرمينيا وثلاث دول مجاورة هي تركيا وروسيا وإيران.
وبيّن الرئيس إلهام علييف، في حديث صحافي أدلى به إلى وكالة "إيفي" الإسبانية، أهمية منصة التعاون المطروحة من قبل الرئيس التركي، مضيفاً أن "ذلك لا يخدم مسائل ما بعد الحرب فحسب،بل التنمية الإقليمية في منطقتنا عامة".
وتابع: "تأسيس مثل هذه الصيغة للتعاون بين 6 بلدان للمنطقة، يأتي ضماناً رئيسياً ضد سلوك عدواني جديد، أياً كان"، مشيراً إلى أن ذلك "يتحوّل إلى عامل مهم للتعاون الإقليمي ويعود بنفع كبير".
الكشف عن دور تل أبيب في اغتيال سليماني لم يفاجئ الإيرانيين
واعتبر الباحث الاستراتيجي أنّ "الاعتراف الإسرائيلي بأن إسرائيل قدّمت معلومات إلى واشنطن ساعدت في اغتيال الشهيد سليماني، لم يفاجئ الإيرانيين؛ فمنذ البداية كنا نعرف أن هذا الاغتيال عمل مشترك إسرائيلي أميركي"، مضيفاً: "صحيح أنّ التنفيذ كان أميركياً بحتاً، ولكن كنا نعرف ونستطيع أن نستنتج أن هناك تنسيقاً أمنياً بين الطرفين حول الموضوع".
وتابع: "هذا الاعتراف يأتي ضمن تعظيم دور "إسرائيل" للطرف الأميركي، حتى يقول له نحن ساعدناكم في هذا الاغتيال، خاصة أنّ هناك مشاكل بين بايدن وبينيت".
وعن الاتهام لباكو وأذربيجان، أكد أسد اللهي أنّ "لدى السلطات الإيرانية معلومات مؤكدة عن دور الوجود الإسرائيلي في أذربيجان في عمليات متعددة، منها اغتيال العالم الإيراني فخري زاده، والهجمات بطائرات مسيّرة على أهداف في إيران".
#المسائية | الباحث في الشؤون الدولية والاستراتيجية مسعود أسد اللهي: "تل أبيب" تحاول تعظيم دورها أمام #واشنطن في اعترافها باغتيال الشهيد #سليماني. pic.twitter.com/ywsXSJqXBt
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) October 2, 2021
كذلك أشار الباحث الاستراتيجي إلى أن "هذا النوع من العمل الاستخباري لا يؤثر عل العلاقة بين إيران وأذربيجان"، مضيفاً: "نحن نعرف أن الجمهورية الأذربيجانية ليس لها أي علاقة، فيما حاولت إيران أن تتجنّب خلق أزمة بين البلدين".
ويتمثل الهدف الرئيسي لـ"إسرائيل"، بحسب أسد اللهي، في "استغلال الأراضي الأذرية للقيام بأعمال إرهابية داخل إيران".
ويوضح أنّه "حتى الآن، فإن الرئيس الأذري كان دائماً يحاول تحسين العلاقات الأذرية الإيرانية، ولذلك فإن إيران لم تشر في الإعلام أو العمل الديبلوماسي إلى هذا الموضوع، حتى عندما أخذ علييف موقفاً غير مسبوق وصعّد ضدّها".