ما علاقة "إسرائيل" بمقتل تاير نيكولز على يد الشرطة الأميركية؟
صحيفة "ذا إنترسبت" الأميركية تنشر تقريراً، على خلفية مقتل الشاب تاير نيكولز على يد الشرطة في ولاية ممفيس الشهر الفائت، يكشف أنّ كبار الضباط في إدارة شرطة ممفيس تدربوا على تقنيات العنف في "إسرائيل".
كشفت صحيفة "ذا إنترسبت" الأميركية، في تقرير نشرته اليوم الجمعة، أنّ كبار الضباط الأميركيين المسؤولين عن حادثة مقتل تاير نيكولز على أيدي الشرطة، الشهر الفائت، تلقوا تدريباتهم في "إسرائيل" على يد أجهزة الأمن المعروفة بانتهاكاتها لحقوق الإنسان في فلسطين.
وأشعل مقتل تاير نيكولز، البالغ من العمر 29 عاماً، على يد ضباط شرطة ممفيس الشهر الماضي، غضباً شعبياً واسعاً بشأن "الطبيعة العنيفة والعسكرية لتطبيق القانون الأميركي على الأميركيين"، وفرضت رقابة إضافية على الميزانيات المتضخمة لإدارات الشرطة الأميركية.
وأوضحت "ذا إنترسبت" أنّه من بين الاعتراضات التي أعيد إحياؤها على عمل الشرطة، "انتقادات لسلسلة مثيرة للجدل من التدريبات وبرامج التبادل للشرطة الأميركية في "إسرائيل"، حضرها العشرات من قادة إنفاذ القانون الأميركيين، حيث تعلموا من قوات الأمن الإسرائيلية المعروفة بانتهاكاتها المنهجية لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين".
وشارك في البرامج كذلك القائدة الحالية سيريلين ديفيس، التي كانت تدير سابقاً قسماً للشرطة في ولاية نورث كارولينا، وأكملت تدريبات على القيادة مع الشرطة الإسرائيلية في عام 2013، بينما كانت ضابطاً في قسم شرطة أتلانتا، كما أنشأت ديفيس أيضاً برنامجاً للتبادل الدولي مع الشرطة الإسرائيلية، ونسقت وفوداً لقادة الأقسام لـ"إسرائيل"، بحسب الصحيفة.
التدريبات في "إسرائيل" تعزز عسكرة الشرطة الأميركية
ونقلت الصحيفة عن مدير الحملات والشراكات لمجموعة "الصوت اليهودي من أجل السلام" عيران إفراتي، قوله إنّ "ما يحدث خلال التبادلات بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" لا يقدم إضافةً للحفاظ على أمن مجتمعاتنا.. لكنّ التبادلات تعزّز العسكرة المتجذرة في الشرطة الأميركية مع التكتيكات الإسرائيلية وتكنولوجيا الاحتلال والفصل العنصري، والتي يتمّ اختبارها على الفلسطينيين بشكل يومي".
وفي عام 2018، أصبحت دورهام في نورث كارولينا أوّل مدينة في الولايات المتحدة تحظر تدريبات الشرطة وعمليات التبادل التي يشارك فيها "الجيش الإسرائيلي"، وكتبت ديفيس في مذكّرة مفادها أنّها "لا تنوي المشاركة أو الشروع في أي تبادل جديد مع "إسرائيل"، مما دفع ضباط شرطة إسرائيليين لمقاضاتها وقسم شرطة دورهام بتهمة التمييز.
ولم تكن ديفيس المسؤولة الوحيدة في شرطة ممفيس التي شاركت في التبادلات مع "إسرائيل"، بحسب الصحيفة، فقد تدرب أحد أسلافها، لاري غودوين، هناك أيضاً، خلال مؤتمر الأمن الداخلي الدولي.
وتحدث غودوين، المعروف بتقديمه تقنية الشرطة التنبؤية "بلو كراش" إلى المدينة، عن رغبته في تبنّي بعض التقنيات التي تعلمها في "إسرائيل" في ممفيس، وكما ذكرت الصحيفة سابقاً في تقرير، فإنّ إدارة شرطة ممفيس تملك تاريخاً طويلاً من المراقبة ضد مدنيين، لا سيما ضد "النشطاء السود".
"إسرائيل" و"الشرطي المحارب"
يشير منتقدو التبادلات مع قوات الأمن الإسرائيلية إلى أنّ هذه الشراكات تسمح بتبادل "أسوأ الممارسات" بين الطرفين.
فخلال هذه التدريبات في "إسرائيل"، يزور المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون نقاط التفتيش والسجون والمطارات، وهي مواقع لانتهاكات حقوق الإنسان ضدّ الفلسطينيين والتي باتت موثّقة بشكل جيد، أكّد إفراتي.
وأوضح أنّ "المشاركين يشهدون أمثلة واقعية على العنف القمعي، ويشاهدون "الجيش الإسرائيلي" يقمع الاحتجاجات في الضفة الغربية المحتلة، كما ينضمون إلى دوريات الشرطة الإسرائيلية في القدس وعلى طول السياج العسكري الذي يحاصر غزة".
How #Police in the #USA treat women. You can see the first cop grope the woman he's restraining, that's why she breaks away. Then the others bash her (and her friend) for not wanting to be groped. From #Indianapolis via @greg_doucette , 2020 pic.twitter.com/AKqBfYO7cP
— tim anderson (@timand2037) February 2, 2023
وأضاف أنّ "هذا التدريب لم يفعل شيئاً يذكر لمعالجة المشاكل الأساسية للشرطة الأميركية، أو لمنع عمليات القتل العنيفة على أيدي الشرطة مثل تلك التي ارتكبها ضد نيكولز".
من جهته، قال أليكس فيتالي، أستاذ علم الاجتماع ومؤلف كتاب "نهاية العمل الشرطي" إنّ "معظم الأشخاص الذين يدعون إلى مزيد من التدريب لمعالجة أعمال الشرطة التعسفية، ليس لديهم سوى فكرة قليلة عما يتضمنه ذلك التدريب حقاً".
وبيّن أنّ "أنواع تدريب الشرطة التي يتمّ تقديمها في "إسرائيل" هي في الواقع جزء من المشكلة، لأنّها تشجع عقلية المحارب في الشرطة وتعرضهم لممارسات قد تكون غير دستورية في الولايات المتحدة".
اقرأ أيضاً: الشرطة الأميركية تشهد نزوحاً جماعياً وتراجعاً في عدد المتقدمين الجدد
واشنطن بوست: تراجع الثقة في الشرطة بعد مشاهد ضرب نيكولز
بدورها، تحدثت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن "تراجع ثقة الجمهور الأميركي في الشرطة بعد تعرّض تاير نيكولز للضرب المبرح من قبل الضباط في ممفيس الشهر الماضي، مع تزايد شكّ الأميركيين في كون ضباط إنفاذ القانون مدرّبون بشكل صحيح على استخدام القوة المناسبة، وكونهم يعاملون البيض والسود على قدم المساواة".
ووفقاً لاستطلاع حديث، أكّدت الصحيفة "الشكوك المتزايدة بشأن الشرطة، إذ قال أقلّ من نصف الأميركيين البيض إنهم واثقون في أنّ الشرطة تتجنب القوة المفرطة أو التحيز العنصري، كما حجب نحو ثلثا الأميركيين من أصل إسباني ثقتهم في الشرطة".
قضية ممفيس أجهضت نظرة الأميركيين لضباط الشرطة
وبشكل عام، قال 39% من الأميركيين إنهم "واثقون جداً" أو "إلى حد ما" من أن الشرطة مدربة تدريباً كافياً لتجنب استخدام القوة المفرطة، ووقال 60% إنّ "الشرطة ليست كذلك".
ويعدّ هذا المستوى من الثقة في الشرطة أقلّ حتى مما كان عليه بعد وقت قصير من مقتل جورج فلويد على يد ضابط شرطة في مينيابوليس في مايو 2020، والتي أثارت احتجاجات في جميع أنحاء البلاد.
كما وجد الاستطلاع، بحسب "واشنطن بوست"، أنّ "النساء أصبحن إلى حدّ ما أقلّ ثقة في الشرطة على مستويي القوة المفرطة والمساواة العرقية، منذ عام 2020.
وفي المتوسط، تطلق الشرطة في الولايات المتحدة النار وتقتل أكثر من 1000 شخص كل عام، وفقاً لتحليل مستمر أجرته صحيفة "واشنطن بوست" خلال نحو 10 سنوات.
مقتل نيكولز أشعل احتجاجات واسعة
وكانت موجة من الاحتجاجات اجتاحت الولايات المتحدة الأسبوع الفائت، بعد أن نشرت سلطات مدينة ممفيس الأميركية، الجمعة، مقطع فيديو مؤلماً، يظهر شرطيين ينهالون ضرباً على الأميركي الأفريقي تاير نيكولز أفضى إلى وفاته.
وخرجت احتجاجات في ممفيس وواشنطن ونيويورك وفيلادلفيا وأتلانتا ومدن أخرى، مساء الجمعة، وكانت السلطات المحلّية متخوفة، من أن تجتاح الولايات المتحدة موجة من الاحتجاجات العنيفة، على غرار ما حصل حين قُتل جورج فلويد عام 2020 على يد الشرطة كذلك.
وقال البيت الأبيض إنّ "كبار موظفيه عرضوا على رؤساء بلديات أكثر من 12 مدينة، من بينها أتلانتا وشيكاغو وفيلادلفيا تقديم مساعدة فدرالية في حال خروج تظاهرات".
ويُظهر مقطع فيديو طويل التُقط بكاميرات الشرطة وكاميرا لمراقبة الشوارع، عناصر الشرطة يعتقلون تاير نيكولز، ويحاولون تثبيته باستخدام صاعق، ثمّ مطاردته بعد محاولته الفرار منهم.
وتظهر مشاهد لاحقة من الفيديو، الذي يمتدّ قرابة الساعة، وتُسمع في أجزاء منه أصوات صراخ نيكولز وهو يبكي وينادي والدته ويئنّ، بينما كان الشرطيون ينهالون عليه لكماً وركلاً.