كيف يمكن أن يؤدّي كرد تركيا دوراً مؤثراً في اختيار رئيس بلدية إسطنبول؟
تُظهر استطلاعات الرأي أنّ كرد تركيا قد يؤدّون دوراً مؤثراً في اختيار رئيس بلدية إسطنبول يُمكن أن يقوّض آمال الرئيس رجب طيب إردوغان في استعادة المدينة التي كان يديرها من قبل.
أظهرت استطلاعات للرأي، أجراها مركز استطلاعات الرأي "سامر"، أنّ الكثيرين من كرد تركيا "سيُنحّون ولاءاتهم الحزبية جانباً ويدعمون المنافس الأساسي للرئيس رجب طيب إردوغان في انتخابات بلدية إسطنبول يوم الأحد"، ممّا "يقوّض آمال الرئيس في استعادة المدينة التي كان يديرها من قبل".
عام 2019، شكّل ناخبو حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" المؤيد للكرد دوراً محورياً في فوز رئيس البلدية أكرم إمام أوغلو من حزب "الشعب الجمهوري" في الانتخابات البلدية حينذاك، والتي صدمت إردوغان وأنهت 25 عاماً من حكم حزب "العدالة والتنمية" وأسلافه الإسلاميين في إسطنبول، ومنحت المعارضة موطئ قدم حاسماً في السلطة على مدى السنوات الخمس الماضية.
لكنّ الهزيمة الساحقة التي مُنيت بها المعارضة أمام إردوغان في الانتخابات الرئاسية، التي جرت في أيار/مايو الماضي، غيّرت المشهد السياسي، وتركت الناخبين من مؤيدي حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" منقسمين بشأن أفضل السبل لدفع قضية "حقوق الأقلية الكردية" قدماً.
في إسطنبول على سبيل المثال، أظهرت استطلاعات الرأي أنّ إمام أوغلو من حزب "الشعب الجمهوري" ومنافسه من حزب "العدالة والتنمية" متقاربان، مع تراجع مرشحة حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب". وقد ترك هذا مؤيدي الحزب الكردي في معضلة: هل يجب أن يصوّتوا بقلوبهم أم بعقولهم؟
في هذا السياق، قال يوكسل جينش من مركز "سامر" لاستطلاعات الرأي، إنّ "40% من مؤيدي حزب المساواة وديمقراطية الشعوب أشاروا إلى أنهم سيصوّتون لصالح إمام أوغلو، لأنّهم لا يريدون فوز حزب العدالة والتنمية".
بدوره، قال محمد فاتح سوتشو، وهو متقاعد من ديار بكر، إنّه في بيئة مثل ديار بكر، "من الضروري التصويت لصالح حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، لكن في إسطنبول التصويت يكون لأكرم إمام أوغلو".
في هذا السياق، ذكر مدير "راويست" للأبحاث روج جيراسون، أنّ حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" وحزب "الشعب الجمهوري" المعارض الرئيسي توصلا إلى اتفاق بشأن بعض المناطق في إسطنبول، مما يسهّل على ناخبي حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" دعم إمام أوغلو، بحيث يميل نحو نصفهم إلى القيام بذلك.
وانتقد إردوغان، الذي شغل منصب رئيس بلدية إسطنبول بين عامي 1994 و1998، هذه الصفقة، ووصفها بأنّها "صفقة قذرة" سعياً لتأجيج التوترات بين الطرفين.
يُشار إلى أنّ حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" يُعدّ ثالث أكبر حزب في البرلمان بنسبة 10% من المقاعد، خليفة حزب "الشعوب الديمقراطي" الذي يواجه احتمال إغلاقه في محاكمة بسبب صلاته المزعومة بالمسلحين، وهو ما ينفيه الحزب.
وشهدت المدينة اعتقالات بالآلاف وإقالة رؤساء بلدياتها بعد الانتخابات السابقة، ممّا زاد رغبة الناخبين في إلحاق الهزيمة بحزب "العدالة والتنمية" في جميع أنحاء البلاد مع الحفاظ على هيمنة حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" في جنوبي شرقي البلاد الذي تسكنه أغلبية كردية، وفي ديار بكر، أكبر مدنه.
واستبعدت ميرال دانيش بشتاش، مرشحة حزب المساواة وديمقراطية الشعوب لمنصب رئيس بلدية إسطنبول، فكرة التصويت التكتيكي.
وصرّحت بأنّ دعوة الحزب هي إلى التصويت له، مضيفةً أنّ "كل حزب لديه واجب أساسي في إدارة سياساته الخاصة".
ويحظى موقف بشتاش بدعم ناخبي حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" الذين يريدون إظهار القوة بعد حملة القمع التي استبدل فيها "أهل الثقة" المعينون من جانب رؤساء البلديات الكرد المنتخبين في جنوبي شرقي البلاد.
ومن المقرر أن تشهد تركيا انتخابات محلّية يوم 31 آذار/مارس المقبل بعدما اختارت مختلف الأحزاب مرشّحيها لرئاسة كبرى البلديات قبل أسابيع.
وتشهد الانتخابات البلدية التركية منافسة حادة بين الأحزاب، نظراً إلى أهمية هذا الاستحقاق ونتائجه، خاصةً في تحديد المستقبل السياسي للبلاد، كون الفائز في معظم البلديات لديه فرصة كبرى لقيادة تركيا فيما بعد.