كتاب يكشف كيف أضرت عمليات الاستخبارات الأميركية بالسلطة السياسية
أوضح مؤلف الكتاب أنّ الاختبار الأميركي بملف التجسس المكلف يعود إلى جورج واشنطن، الذي أقنع الكونغرس عام 1790 بإنشاء "صندوق طارئ للعلاقات الخارجية" حتى يتمكن من دفع 40 ألف دولار للجواسيس الأميركيين.
كتب رودري جيفريز جونز، أستاذ التاريخ الأميركي في جامعة إيدنبرغ، تقريراً موجزاً عن الأضرار التي سببتها العمليات السرية الأميركية من الانقلاب في إيران إلى حرب العراق.
ويختصر الكاتب تاريخ السي آي إي ( وكالة المخابرات المركزية الأميركية)، ويتضمن أهم "الإنجازات التي حققتها، بالإضافة الى الإخفاقات".
ووفق صحيفة الغارديان البريطانية التي نشرت مقتطفات من الكتاب، فإن من الانقلابات التي رعتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية تلك التي وقعت في إيران وغواتيمالا، ومن خلال حملاتها الثقافية والسياسية الخفية الضخمة لهزيمة الشيوعية في أوروبا الغربية في الخمسينيات من القرن الماضي، ودورها في أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن موجودة في العراق، والتعذيب الذي مارسته خلال حرب جورج دبليو بوش على الإرهاب.
وأوضح مؤلف الكتاب أنّ الاختبار الأميركي بملف التجسس المكلف يعود إلى جورج واشنطن، الذي أقنع الكونغرس عام 1790 بإنشاء "صندوق طارئ للعلاقات الخارجية" حتى يتمكن من دفع 40 ألف دولار للجواسيس الأميركيين.
لكن، وفق الكاتب، بعد 3 سنوات فقط، انفجر هذا الصندوق السري إلى مليون دولار، وهو ما يمثل نسبة مذهلة تبلغ 12٪ من الميزانية الفيدرالية.
الأصول البيروقراطية لوكالة المخابرات المركزية
يتتبع المؤلف الأصول البيروقراطية لوكالة المخابرات المركزية الحديثة إلى الخدمة السرية، التي تم إنشاؤها في أحد الأعمال الرسمية الأخيرة لأبراهام لنكولن في عام 1865، من خلال وحدة U1 التي تم إنشاؤها في وزارة الخارجية لجمع المعلومات الاستخبارية في وقت السلم بعد الحرب العالمية الأولى.
وقال المؤلف إنّ "مكتب التحقيقات الفيدرالي بقيادة ج. إدغار هوفر، الذي كلفه فرانكلين روزفلت بتنسيق المعلومات الاستخبارية في أميركا اللاتينية، كان في ذروة نشاطه، وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي يدير 360 عميلًا في المنطقة".
وتابع المؤلف: في شهر نيسان/أبريل 1945، قاد مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام كولبي، حزب OSS الذي فجر جسراً نرويجياً مهماً، واحتفلت هوليوود باستغلال OSS في أفلام مثل Rue Madeleine ، وبطولة جيمس كاجني في دور بطولي، ودعم المقاومة الفرنسية.
وكشف المؤلف أنه كان لحزب oss فصلًا دراسياً مهماً لعدد كبير من جواسيس أميركا ما بعد الحرب".
إطاحة رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق
وبحسب ما ورد في الكتاب، فإن عمليتي المخابرات المركزية الأميركية الأكثر كارثية في الخمسينيات من القرن الماضي، كانت إطاحة رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق، الذي أثار غضب ونستون تشرشل بإعلانه عن نيته تأميم شركة النفط الأنجلو-إيرانية البريطانية.
وتابع الكاتب: "جند البريطانيون الرئيس أيزنهاور كشريك وسرعان ما أُطيح بمصدق، على الرغم من أنه لم يكن لديه شاحنة تحمل مبادرات سوفياتية، وعندما نصب البريطانيون والأميركيون محمد رضا بهلوي ملكاً مطلقاً جديداً، كان الأمر أشبه بفيلم معكوس للثورة الأميركية، مع عودة جورج الثالث إلى السيطرة".
استهداف وكالة المخابرات المركزية لأول رئيس منتخب ديمقراطياً لغواتيمالا
أما العملية الثانية فهي استهداف وكالة المخابرات المركزية جاكوبو أربينز، أول رئيس منتخب ديمقراطياً لغواتيمالا في خمسينيات القرن الماضي. وخصصت الولايات المتحدة 2.7 مليون دولار لتغيير النظام.
وقال جيفريز جونز: "هكذا ابتكرت وكالة المخابرات المركزية التابعة للرئيس أيزنهاور ما قد يكون أول برنامج قتل أميركي على الإطلاق كأداة رسمية للسياسة الخارجية".
الغزو الفاشل لكوبا في خليج الخنازير
ظل دور وكالة المخابرات المركزية في كل من هذين الحدثين محجوباً عن الجمهور لسنوات عديدة، وفي أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، كان لا يزال يُنظر إليها على أنها نجاحات كبيرة.
واقترح المؤلف، أنّها ربما أعطت وكالة المخابرات المركزية ثقة زائفة في احتمالات الكارثة الكبرى التالية، الغزو الفاشل لكوبا في خليج الخنازير.
وفي عام 1973، عندما شاركت وكالة المخابرات المركزية في الانقلاب الذي أطاح الرئيس التشيلي سلفادور أليندي، كان هذا أحدث تكرار لسياسة أميركا غير المعلنة في جميع أنحاء العالم بعد الحرب العالمية الثانية.
كارثة فيتنام
وهناك الكثير في هذه الصفحات، من دور وكالة المخابرات المركزية في كارثة فيتنام إلى عدم استعدادها للوقوف في وجه ديك تشيني وحلفائه الصقور عندما روجوا لأدلة زائفة عن أسلحة الدمار الشامل في العراق.
ولكن، هذا هو الاستنتاج الأكثر أهمية الذي توصل إليه المؤلف: أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية "أطلقت برنامج عمل سرياً أثبت أنه كارثة تتطور تدريجياً، من شأنه أن ينفر غالبية دول العالم".