قياديون في المعارضة البحرينية للميادين نت: لهذه الأسباب نقاطع الانتخابات
في الثاني والعشرين من أيلول/سبتمبر الماضي، أصدرت 6 جمعيات وقوى سياسية بحرينية معارضة موقفاً مشتركاً أعلنت فيه مقاطعتها للانتخابات المزمع عقدها في الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر.
على وقع أزمة سياسية خانقة تعيشها البحرين، وفي ظل توسيع النظام مساحات العزلة السياسية بينه وبين الشعب المطالب بالحقوق، تحشد السلطات كافة إمكانياتها من أجل إنجاح الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة المزمع إقامتها في الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. حشد يصطدم مع موقف قوى المعارضة السياسية التي أعلنت مقاطعة الاستحقاق، باعتباره شكلي لا يلبّي التطلعات، بل يخدم حصراً صورة النظام أمام المحافل الدولية، وفق تعبيرها.
انتخابات وفق المقاييس الرسمية
في عدد قياسي منذ العام 2002، ناهز المرشّحون للانتخابات المقبلة في البحرين الـ508 مرشّح، يتنافس معظمهم على 40 مقعد نيابي. هذا العدد غير المسبوق يقول معارضون سياسيون إنه يأتي نتيجة بحث هؤلاء عن الامتيازات المادية والوجاهة المجتمعية وتمرير المصالح الشخصية لمدة 4 سنوات، لا دليلَ على البيئة الصحية التي تنعقد فيها الانتخابات، التي تشوبها منذ البداية ملاحظات حول نزاهتها، خصوصاً مع الحديث عن التلاعب بالكتلة الناخبة وحجمها من جهة، والإمعان في عزل المعارضة من جهة أخرى، نتيجة استمرار مفاعيل التعديلات التي طالت قانون مباشرة الحقوق السياسية في العام 2018، وشطب أسماء من لم يصوّت في الانتخابات الماضية من قوائم الناخبين.
وبموجب ذلك، يتم إقصاء ما بين 70 ألف إلى 100 ألف مواطن بحريني عن المشاركة السياسية، ما أدّى إلى تسجيل البحرين سابقة قد تكون الأولى من نوعها في العالم، تتمثّل بتقلّص الكتلة الناخبة بمعدّل 20 ألفاً و754 صوت عمّا كانت عليه في العام 2018، بدل من أن تزداد بشكل طبيعي نتيجة النمو السكاني وبلوغ أكثر من 50 ألف شاب السنّ القانوني للانتخاب.
الديهي: لا مشاركة في استحقاق يستغفل الشعب
في الثاني والعشرين من أيلول/سبتمبر الماضي، أصدرت 6 جمعيات وقوى سياسية بحرينية معارضة موقفاً مشتركاً أعلنت فيه مقاطعتها للانتخابات المزمع عقدها في الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر. قرار قال البيان إنه يأتي نتيجة استثمار النظام في البحرين العملية الانتخابية من أجل إرساء المزيد من الاستبداد ومصادرة الإرادة الشعبية والاستحواذ على الثروات وزيادة الضرائب، ولمزيد من التطبيع مع الصهاينة والجرائم الاي تمسّ بحقوق الإنسان.
من هنا، يؤكد نائب أمين عام جمعية الوفاق الوطني الإسلامية حسين الديهي في تصريح للميادين نت أن "قرار المقاطعة والتجاهل لهذه الانتخابات يستند إلى أساس دستور قانوني وطني قبل أن يكون سياسياً وتشريعياً فقط، وجاء بعد دراسة مستفيضة للخسائر والمكاسب، وبعد استنفاذ كافة السبل والرؤى الصادقة المفضية إلى الحلول والمبادرات"، متحدثاً عن التواصل مع بعض الأطراف الدولية بهدف تهيئة الأجواء لانطلاق حوار جاد، ولكن، "كل ذلك قوبل بالصد الرسمي ما جعل قرار المقاطعة لا بدّ منه في ظل هذه الظروف من أجل تحقيق المصلحة الوطنية العليا".
هذه المصلحة الوطنية لا يرى الديهي أن تحقيقها ممكن عبر الشكل الحالي للانتخابات، التي تفتقد إلى أي قيمة ديمقراطية، معتبراً أنها استغفال للشعب وأن المشاركة فيها تعني القبول بالمزيد من الانتهاكات والارتماء في الحضن الصهيوني وتقويض السيادة الوطنية.
وخلال حديثه للميادين نت، يوضح الديهي أن قوى المعارضة حاولت إيجاد مخرج حقيقي للأزمة السياسية الدستورية، وقدمت الكثير من المبادرات والرؤى، إلا أن "السلطة ترفض دائماً أن تكون طرفاً أساسياً في حوار مع المعارضة، وتمتنع عن أي محاولات للجلوس على طاولة الحل".
أما عمّا ستقدّمه المعارضة للشعب من خارج البرلمان، يرى نائب أمين عام الوفاق أن هذه القوى الوطنية ستسعى بكل ما لديها للعمل على حل الأزمة السياسية وفق رؤى وبرامج وطنية، والتواصل مع الجهات الدولية المعنية لإبراز مظلومية الشعب، والتأكيد على مطالبه المحقه وكشف عدم مصداقية العملية الانتخابية، مؤكداً أنه لا تراجع عن الحراك الشعبي بكل الطرق السلمية حتى تحقيق المطالب العادلة والتوصل إلى صيغة سياسية تحقق التحول الديمقراطي المنشود.
المرزوق: النتيجة محسومة قبل أن تبدأ الانتخابات
منذ تحديد ملك البحرين الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر موعداً للانتخابات، آثر الشعب تثبيت موقفه المقاطع عبر تحرّكات عدّة، منها الميداني عبر مسيرات سلمية تشهدها المناطق، ومنها الافتراضي عبر الإطلاق الدوري للحملات الإعلامية على مواقع التواصل، في ظل مطالبات للنظام بالعدول عن عزل الغالبية الشعبية، وإفساح المجال أمام الجميع من أجل المشاركة السياسية، بما يلبي تطلعات شعب البحرين.
ووقوفاً عند هذا المشهد، يسأل الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي حسن المرزوق، في حديث للميادين نت: "علامَ تستند الدولة في إصرارها على عقد هذه الانتخابات في ظل غياب الشريحة الأكبر من المواطنين؟"، مؤكداً أن الخصام لا يزال موجوداً بين السلطة والمعارضة، ولم يتم حل أي ملف من الملفات العالقة، إذ "لا يزال القادة السياسيون داخل السجون، والجمعيات السياسية منحلّة، وتسود البلاد أجواء معيشية صعبة جداً مع وجود مجلس نيابي قلّص صلاحياته بنفسه وتحوّل إلى مجرّد مجلس حكومي".
وإذ يرى المرزوق أن المقاطعة والمشاركة خيار بيد المواطن وله حرية الاختيار، يتحدث عن أن الأجواء في البلاد غير مبشّرة وأن نتيجة الانتخابات محسومة قبل أن تبدأ، ويقول: "نحن مقبلون على مجلس نيابي بلا أي دور فعلي، تماماً كما المجلس السابق الذي كان أداة يبد الحكومة للتضييق على المواطن عبر عدة قرارات مسّت قوت يومه وتقاعده وكرامته ومعيشته".
وفي السياق، يشدد أمين عام الوحدوي للميادين نت على أنه "إذا كانت السلطة جادة فعلاً في إرساء الديمقراطية، عليها أولاً أن تقوم بمبادرات من شأنها حلحلة الوضع وتبريد الساحة السياسية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وصولاً إلى الحوار مع المعارضة من أجل إيجاد أرضية ملائمة للدخول إلى الانتخابات"، موضحاً أن "المعارضة تريد أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، ووجود دوائر انتخابية عادلة لا مقسّمة حسب تصنيف السلطة ومزاجها، فما الضير في أن تتم ولادة مجلس نيابي حقيقي يسن القوانين ويحاسب المقصّرين ويحجب الثقة عن المفسدين؟".
العرادي: الانتخابات تفرز كيانات كرتونية لا تخدم الشعب
تكشف البيانات الرسمية المتعلقة بالمترشّحين إلى الانتخابات النيابية في البحرين عن سعي 20 نائباً سابقاً للعودة مرة أخرى إلى مقاعد المجلس، بينما يجدد 33 نائباً حالياً الترشح في سعي لولاية ثانية من العمل البرلماني.
وفي هذا الإطار، يعتبر مدير المكتب السياسي لائتلاف 14 فبراير في بيروت، إبراهيم العرادي في تصريح للميادين نت، أن النواب الذين تقدّموا بترشيح أنفسهم مرّة أخرى، "لم يكونوا منتخبين أساساً في الدورات السابقة بل هم معيّنين من قبل النظام من أجل تنفيذ أجندته وسيكونون أدوات لتمرير التطبيع مع الكيان الصهيوني"، لافتاً إلى أن جلّ ما يبحث عنه هؤلاء "الانتفاع من المنصب والرواتب التي تسرق من شعب البحرين"، مطالباً المواطنين بـ"عزلهم بسبب مواقفهم المعادية للشعب والدين والسياسة ومستقبل الأجيال المقبلة".
ويستغرب العرادي مضيّ النظام في البحرين في خيار إقامة الانتخابات، في ظل "وجود أصحاب الشرعية الشعبية في السجون وفي المهاجر"، واصفاً أعضاء مجلس النواب بشكله الحالي بـ"الكيانات الكرتونية المعيّنة التي لم تخدم الشعب.. مؤكداً أنه "لم يكن في تاريخ البحرين إجماع قوى واضح وتام بيّن قوى المعارضة البحرينية كالإجماع الحالي برفض هذه الانتخابات وتأكيد عدم شرعيتها"، مستحضراً في هذا الصدد بياناً صادراً عن ائتلاف شباب ثورة الرابع عشر من فبراير، ركّز على ضرورة فك الارتباط مع كل مشاريع ومؤسسات النظام، ورفض المشاركة في "الانتخابات المزوّرة التي تقام ضد إرادة الشعب من أجل تجميل صورة الديكتاتورية والاستبداد"، على حدّ تعبيره.
هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ المرجعية الدينية الأبرز في البحرين الشيخ عيسى قاسم، حددّ الموقف من الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة، عبر سلسلة بيانات ومواقف، قال فيها إنه "إمّا انتخابات فيها حلٌ لمشكلات الشعب، وإمّا لا مشاركة شعبيَّة تزيد من طغيان الحكم واستبداده".