"فورين بوليسي": خطاب الغرب بشأن أوكرانيا مليء بالانقسامات والتناقضات
الكاتب ستيفن والت يتحدّث عن مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن، ناقلاً ما دار من مناقشات بين قادة الغرب وحلفائهم المجتمعين، والتي تمحورت حول الحرب في أوكرانيا، ويصف الأمر بأنه "بدا كانقسام في الرأي بشأن الحرب إلى تيارين".
تحدث تقرير في مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، بعنوان "المحادثات بشأن أوكرانيا متصدعة"، عن الانقسامات التي تعصف بالقادة السياسيين في الغرب وحلفائهم بشأن مواقفهم المرتبطة بأوكرانيا وما يجب فعله، واصفة ما يقوله المسؤولون الحكوميون في الأماكن العامة وتحت الطاولة بأنه "أمر مذهل ومليء بالتناقضات".
وتحدّث الكاتب ستيفن والت عن مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن، وما دار من مناقشات خلاله بين قادة الغرب وحلفائهم المجتمعين، والتي تمحورت حول الحرب في أوكرانيا، واصفاً الأمر، بحسب معاينته للمحادثات، بأنه "بدا كانقسام في الرأي بشأن الحرب إلى تيارين".
الإنقسام الأول
وتحدث تقرير "فورين بوليسي" عن وجود "خلاف كبير بين الدول عبر الأطلسية والدول الرئيسية من عالم الجنوب بشأن التصورات والروايات والاستجابات المختلفة للحرب".
إذ وصفت العديد من وسائل الإعلام المهمة هذه المشكلة، كما وثّقها تقرير جديد صادر عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.
وبحسب والت، فإنّ "الدول العابرة للأطلسي تصوّر الحرب على أنها المسألة الجيوبوليتكية الأهم في العالم اليوم"، ووفقاً لهذا التصور فإنّ "ما هو على المحك في أوكرانيا هو مستقبل النظام الدولي وقواعده، وحتى مستقبل الحرية نفسها".
أمّا باقي دول العالم التي حضرت المؤتمر، فلم يكن أحد فيها يدافع عن روسيا أو سياسات الرئيس الروسي، وتمّ تمرير قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي دعا روسيا الى الانسحاب من أوكرانيا، ولكنّ الرؤى كانت في جوهرها مختلفة".
اقرأ أيضاً: روسيا عن نتائج القمة الأوكرانية الأوروبية: المشاركون سيصابون بالإحباط والعملية مستمرة
إذ على الرغم من ذلك، تنضمّ الدول خارج التحالف عبر الأطلسي، بما في ذلك القوى المهمة مثل الهند أو البرازيل أو السعودية، إلى الجهود التي يقودها الغرب لمواجهة روسيا، وهي لا ترى الصراع بنفس الصورة المروعة التي يرسمها معظم المسؤولين في الغرب، يؤكّد تقرير "فورين بوليسي".
ومن ناحية أخرى، لا تتشارك الدول الرئيسية في جنوب الكرة الأرضية الاعتقاد مع الدول الغربية بأنّ "مستقبل القرن الحادي والعشرين سيتحدّد بنتيجة الحرب"، فبالنسبة لهم، تعدّ "التنمية الاقتصادية وتغير المناخ والهجرة والصراعات الأهلية والإرهاب والقوة الصاعدة المؤثرات الأهمّ التي ستحدد معالم مستقبل البشرية، بشكل أكبر بكثير من مصير دونباس أو شبه جزيرة القرم".
الإنقسام الثاني
وبالتوازي مع الانقسام الأول بين دول الشمال والجنوب وموقفها بشأن تبعات الحرب ومدى عمق تأثيراتها، تبرز كذلك "فجوة بين التفاؤل الذي أعرب عنه كبار المسؤولين علناً، والتقييمات الأكثر تشاؤماً التي تسمع على انفراد"، يؤكد والت.
ويتابع قائلاً إنّه "في الأحداث الرئيسية العلنية التي شارك فيها مسؤولون مثل هاريس وبيربوك ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين وآخرين، سمع أحدهم حكايات متفائلة عن الوحدة الغربية وآفاق النصر على المدى الطويل.
كما ردّد الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذه الرسالة خلال زيارة بايدن المفاجئة إلى كييف الأسبوع الماضي.
ولكنّ التقرير لفت إلى أنه "مع ذلك، ففي السرّ، كانت المحادثات أكثر كآبةً".
اقرأ أيضاً: ماكرون: لا سلام في أوروبا من دون الحوار مع روسيا
وأضاف أنه "لم يتوقع أيّ شخص أن تنتهي الحرب قريباً، ولم يعتقد أحد أنّ أوكرانيا ستكون قادرة على استعادة جميع أراضيها المفقودة، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، بغضّ النظر عن مقدار المساعدة التي ستحصل عليها في العام المقبل".
وأشار والت إلى أنّ "سرد قصة متفائلة للرأي العام قد يساعد في التعبير عن الثقة بالنجاح والالتزام بالقتال مهما استغرق الأمر، حتى لو اعتقد القائل أنّ الوقت قد حان لعقد صفقة، لأنّ قول ذلك بصوت عالٍ سيقوّض موقفه التفاوضي، وسيحصل على نتيجة أسوأ في النهاية".
كما أوضح أنّ "معظم الأشخاص الذين تحدث معهم يتوقعون استمرار الجمود الطاحن، وربما يؤدّي إلى وقف إطلاق النار بعد بضعة أشهر من الآن، إذ إنّ المساعدات الغربية لأوكرانيا لا تهدف إلى النصر".
وأضاف أنه "لذلك، فإنّ الهدف الحقيقي من الدعم هو وضع كييف في وضع يمكنها من إبرام صفقة مؤاتية عندما يحين الوقت".
وعبّر والت، عن قلقه الشديد بشأن استمرار "دعم إدارة بايدن الخطابي لأوكرانيا بوتيرة تصاعدية، والذي لا يزال يعدنا بنهاية هوليودية سعيدة"، موضحاً أنّ "رحلة بايدن إلى كييف ربطت رصيده السياسي بنتيجة الحرب بشكل مباشر وواضح، وإذا لم يتمكن بايدن من الوفاء بما وعد به، فإنّ الأمور ستكون أقلّ إعجاباً للقيادة الأميركية بعد عام من الآن".
وأردف معتبراً أنّه "إذا كانت الحرب لا تزال مستمرة وبلا أفق واضح في شباط/فبراير 2024، وتمّ تدمير أوكرانيا، فسيواجه بايدن ضغوطاً إما للقيام بالمزيد أو البحث عن خطة ب، وبالنظر إلى ما وعد به، فإنّ أيّ شيء أقل من النصر الكامل سيبدو فشلًا".
وختم والت كلامه بالإشارة إلى أنّه "إذا قررت الصين تقديم المزيد من المساعدة لروسيا، فقد يضطر بايدن إلى فرض عقوبات إضافية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مما يتسبب في مشاكل جديدة في سلسلة التوريد ويعرّض للخطر الانتعاش الاقتصادي الحساس الجاري الآن"، ما قد يعني "فرصة هائلة لخصوم بايدن السياسيين" لإثبات فشله.