فرنسا متّهمة باستخدام "إجراء لمكافحة الإرهاب" ضد ناشطين أوروبيين
وزارة الداخلية الفرنسية تواجه اتهامات بتحوير الحظر الإداري من دخول الأراضي الفرنسية الذي أقر بالأساس بحق الإرهابيين، من أجل منع مواطنين أجانب من التظاهر في فرنسا.
تواجه وزارة الداخلية الفرنسية اتهامات بتحوير "الحظر الإداري من دخول الأراضي" الذي أقر بالأساس بحق الإرهابيين، من أجل منع مواطنين أجانب من التظاهر في فرنسا، في إجراء يقول منتقدوه إنه بات يستهدف الناشطين الأجانب البيئيين و"الراديكاليين".
وفي نهاية آذار/مارس الفائت، توجهت مجموعة من البيئيين السويسريين إلى مدينة سانت سولين، بوسط غرب فرنسا، للمشاركة في احتجاجات مقررة في نهاية الأسبوع ضد مشروع "الأحواض العملاقة" لاحتجاز احتياطات مسحوبة من المياه الجوفية، بدعوة من المجموعة البيئية "انتفاضات الأرض" التي حلتها الحكومة لاحقاً.
وأوقف الناشطون عشية التظاهرة خلال تدقيق في الهويات، وروى أحدهم لوكالة "فرانس برس"، أنه عندما قدم هويته لعناصر الدرك "ظهر شيء ما على شاشتهم"، فقال له الدركي "ليس من المفترض أن تكون على الأراضي الفرنسية".
واكتشف الناشط البالغ من العمر 24 عاماً أنه موضع "حظر إداري من دخول الأراضي" صدر بحقه، كما أُبلغ في اليوم السابق، باعتبار أن وجوده في فرنسا "سيشكل تهديداً".
ولم يعرف الناشط الذي أمضى إثر ذلك أربع ليالٍ في زنزانة، مزيداً من التفاصيل.
وتالياً رُحّل بالطائرة مكبل اليدين، بمواكبة ثلاثة شرطيين إلى مطار جنيف، وسلّم إلى الشرطة السويسرية، التي اكتفت بمرافقته خارج المطار.
ويستند الإجراء الذي استهدفه إلى قانون لمكافحة الإرهاب، الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، وكان يهدف في ذلك الوقت إلى منع رحيل الفرنسيين الشباب إلى العراق وسوريا للالتحاق بالمجموعات المتطرفة.
وأُضيف إلى النص أثناء مناقشته حظر "دخول" إلى الأراضي الفرنسية يستهدف "المقاتلين الإرهابيين الأجانب".
ويمكن إصدار الحظر بحق أي مواطن من بلد أوروبي "عندما يشكل وجوده في فرنسا، بسبب سلوكه الشخصي، سواء على صعيد النظام العام أو الأمن العام، تهديداً حقيقياً وواقعياً وخطيراً بما يكفي لمصلحة أساسية للمجتمع".
إجراء يقضي على الحرية
ويجب تبرير الإجراء إلا إذا كان هناك "اعتبارات تمتّ إلى أمن الدولة تمنع ذلك". وأكدت المحامية المتخصصة في حقوق الأجانب كاميل إسكويلييه أن هذا الإجراء "الشديد القيود" لم يكن يستهدف في السابق "سوى الإرهابيين ".
ويتهم العديد من المحامين الحكومة بالإفراط في استخدام الحظر الذي "يقضي على الحرية" والمخصص بالأساس لأشخاص يشكلون "خطراً بالغاً"، لإبعاد المعارضين السياسيين، وفق ما أوضحت المحامية كاميل فانييه.
وأعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان في مطلع حزيران/يونيو على تويتر "17 حظراً" في باريس بحق "عناصر من اليسار المتطرف قادمين من الخارج" نشاط مناهض للفاشية.
وبعد أسبوعين، أعلن الوزير "رد 96 مواطناً أجنبياً معروفين لدى الأجهزة (الأمنية) على الحدود" قبل تظاهرة ضد خط القطار الفائق السرعة بين ليون وتورينو.
وأكد مصدر أمني رداً على أسئلة وكالة "فرانس برس"، أن الوزارة "لطالما استخدمت هذه الأداة في سياق تدارك الإرهاب"، كما استخدمتها "منذ فترة طويلة للحفاظ على النظام العام، عند توقع تظاهرات تنطوي على مخاطر، وعند رصد مشاركة ناشطين عنيفين قادمين من الخارج"، مؤكداً أنها تستخدم "على الدوام بصورة فردية ومحدودة الهدف".
غير أن هذا التبرير لا يقنع المحامين، الذين يعدون لتقديم التماسات لصالح نحو 25 إيطالياً مُنعوا من دخول الأراضي الفرنسية، على أمل أن يقر القاضي بـ"عدم شرعية" هذه التدابير.
ولا تأتي القرارات على ذكر أي سوابق أو سجل عدلي للأشخاص المستهدفين، مكتفية بالإشارة إلى أنهم "ممنوعون من دخول" الأراضي الفرنسية لأنهم "قد يتوجهون" إلى التظاهرة و"ينضمون إلى مجموعة تسعى إلى تدبير عمل عنيف".
وشهدت فرنسا، منذ 28 حزيران/يونيو الماضي، أسوأ أعمال عنف منذ عام 2005، وذلك بعد مقتل الفتى نائل المرزوقي (17 عاماً)، وهو من أصول جزائرية برصاص الشرطة، في ضاحية نانتير، غربي العاصمة باريس، خلال عملية تفتيش.