على الرغم من الضغوط.. النمسا تتمسك بحيادها خلال الأزمة في أوكرانيا
موقع "ذا بوست" يشير إلى حياد النمسا في مسألة الصراع الأوكراني، ويتحدث عن دورها كـ"منشئ للجسور" بين الغرب والشرق.
-
على الرغم من الضغوط.. النمسا تتمسك بحيادها خلال الأزمة في أوكرانيا
واجهت أوروبا اختباراً صعباً خلال العام الماضي، منذ انطلاق العملية الروسية في أوكرانيا، إذ كسرت دول أوروبية حيادها التاريخي وسط التجاذبات بين موسكو ودول الغرب، وفق "ذا بوست".
وبعد أسابيع من اندلاع القتال، تقدّمت السويد وفنلندا رسمياً لعضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في تغيرٍ جذري يُخالف سياسات الحياد طويلة الأمد.
يُذكر أنّ المستشار النمساوي، كارل نيهامر، أعلن في وقتٍ سابق أنّ بلاده "لن تحذو حذو السويد وفنلندا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)".
ورغم ذلك، فقد رفضت دولة واحدة التزحزح عن الحياد في الأسابيع الأخيرة وهي النمسا. هذا الثبات أثار الجدل بين النقّاد الذين طالبوا بضرورة تقديم الدعم العسكري إلى أوكرانيا.
وقال الموقع إنّ "الرغبة في العسكرة مفهومة في مواجهة الصراع الأوكراني، لكنّها تفشل في وضع مثل تاريخ النمسا الفريد، الذي أسسه كادر من السياسيين الأذكياء".
النمسا تجنّبت أن تكون مُنفصلة أو تحت الاحتلال الدائم وقامت بتحويل نفسها إلى دولةٍ مُحايدة، وتمت موازنة هذا الموقف من خلال كونها جزءاً أيديولوجياً من الغرب، ولكنّها مرتبطة تقليدياً بالشرق.
تمكّنت النمسا من جذب الأمم المتحدة إلى عاصمتها، بينما كانت في الوقت نفسه مركزاً لجميع أنواع أنشطة التجسس، وهو الدور الذي غالباً ما يتمّ تبنّيه على أنّه جزءٌ من هوية النمسا باعتبارها "منشئ الجسور" بين الغرب والشرق.
بدأ هذا التصوّر الذاتي في السبعينيات في عهد المستشار برونو كريسكي، وهو ديمقراطي اجتماعي لا يزال يتمتع بمكانةٍ بعد سنواتٍ من وفاته بسبب مواقفه المؤيدة للعرب (على الرغم من كونه يهودياً)، وجعل بلاده كمكان لمفاوضات القوى العالمية.
وتُعتبر الخلفية التاريخية مهمّة لفهم سبب انخفاض الدعم لأوكرانيا في النمسا مقارنةً بالدول الأوروبية الأخرى. ويرى السكان الحياد كجزءٍ من هويتهم، ويُريدون البقاء بعيداً عن السياسة العالمية قدر الإمكان.
لكن في ضوء الأزمة في أوكرانيا، أصبح لعب هذا الجزء أكثر صعوبةً. كان المستشار الحالي كارل نهامر هو الأول والأوروبي الوحيد الذي يزور موسكو بعد بدء العملية العسكرية، وزار الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلين كييف. وهذه الزيارات تتماشى مع الحفاظ على قنوات الاتصال مع الجانبين مع نهج فيينا العام للسياسة الخارجية.
ومع استمرار الأزمة في أوكرانيا، هناك طلبٌ مُتزايد على الصعيدين الدولي والمحلي لإظهار دعمٍ أقوى لأوكرانيا واتخاذ موقف أكثر صرامةً تجاه روسيا.
ولكن بأسلوبٍ نمساوي واضح، أصدرت الحكومة في فيينا 18 تأشيرة دخول لوفدٍ روسي لحضور برلمان منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على الرغم من أنّ الوفد بأكمله بقيادة نائب رئيس مجلس الدوما الروسي يخضع لعقوباتِ الاتحاد الأوروبي.
وبحسب الموقع فإنّ كل هذا ينذر بمسائل أكبر لم يتم حلها في الاتحاد الأوروبي، والذي يجب أن يواجه حقيقة أن بعض الدول الأعضاء مثل النمسا لا ترى الاتحاد فاعلاً جيوسياسياً موحداً، ولكنّه نادٍ لمتابعة أهدافها الفردية، ولطالما ظلّ العالم مسالماً نسبياً، يُمكننا أن نتجاهل وجهات النظر المختلف.