سوريا عنوان الحدث العربي.. هل نعت قمة جدّة "عشرية النار"؟
ارتدادات سياسية، إقليمية ودولية، حدثت بعد عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وبدت قمّة جدّة تحوّلاً استراتيجياً في الوضع الراهن السياسي العربي المعاصر، فهل نعت القمة عشرية النار؟
عادت الجامعة العربية إلى سوريا، في ختام قمّة جدّة في السعودية، وفرضت دمشق بجدارة، موقعها ودورها العربيين، اللذين حاولت قوىً اقليمية ودولية عبثاً، سلبهما منها، عبر الحرب والحصار والعقوبات والعزل.
سياقٌ تاريخيٌ تحت عنوان عشريّة النار، كسبت سوريا، في محصّلته، الرهان على صمودها وقتالها وتضحياتها في الميدان، كثمرة مواجهةٍ رائدةٍ مع منظومة حلفاء استراتيجيين، كما على خياراتها السياسية والدبلوماسية الصائبة، بقيادة الرئيس بشار الأسد.
ويحضر الحدث في قمّة جدّة، بأبعادٍ عربيةٍ ودوليةٍ، كما لا يمكن تفسيره إلّا بأنّه يضع حدّاً لمشاريع واشنطن والغرب وبعض الواهمين العرب، بشطب سوريا من المعادلة.
ولا شكّ في أنّ الترحيب العربي، بأغلبيته في القمّة، بعودة الرئيس السوري، سلّط الضوء على انتكاسةٍ مُنيَت بها دبلوماسية عشرية النار قبل عقدٍ من الزمن.
فرضت دمشق معادلة جديدة، ستُعيد قريباً المنظور إلى صياغة المنطقة خارج القبضة الأميركية، وفسّرتها بكين، بلسان المتحدّث باسم خارجيتها قبل أيام، حين قال إنّها تُظهر مرّةً أخرى أنّه عندما "ينكمش ظلّ أميركا ينتشر نور السلام".
الكلام الصيني التقى مع كثيرٍ من مضمون كلمات القادة العرب، بشأن ضرورة إعادة التموضع العربي ضمن عالمٍ جديدٍ متعدد الأقطاب، وطيّ صفحة القطبية الواحدة.
خروج سوريا من عشرية النار إلى القمة.. انتصارٌ للتاريخ
عشرية النار، التي أُريد لها إنتاج سوريا محبطة وجاهزة للاستسلام أمام "إسرائيل" والغرب، تلفظ أنفاسها باعتراف "إسرائيل" نفسها، بينما يشعر الأميركيون بهزةٍ جيوسياسية عبّرت عنها الصين، بالإشارة إلى أنّ لعبة القواعد وتغيير الأنظمة التي مارستها واشنطن مع حفنةٍ من البلدان، تحت مسمى "الربيع"، لن تقود هذه الدول إلى أيّ مكانٍ بعد الآن.
من جهتها، أكّدت محللة الميادين للشؤون السياسية والثقافية، ديما ناصيف، أنّه لم يتم الحديث في القمة عن أمور وشروط وُضعت على سوريا.
وأضافت أنّ كل مَن يتحدث عن هذا الأمر، "لا يعرف أنّ العناوين العامة توضَع في القمم، ثمّ يكون هناك بحث في التفاصيل"، مشيرةً إلى تأكيد الأمين العام للجامعة العربية أنّ هناك اجتماعاً للجنة تختص بالقضية السورية.
اقرأ أيضاً: القمة العربية: الأسد يجذب الأضواء.. والقضايا الإقليمية تترأس جدول الأعمال
وأوضحت ناصيف وجود حالة كبيرة جداً من التفاؤل، بدأت منذ وصول الرئيس الأسد إلى جدّة، واستقباله بهذه الصورة وحضوره القمّة، والكلمة التي ألقاها أيضاً، لافتةً إلى الارتفاع النسبي في سعر صرف الليرة السورية خلال هذين اليومين.
كيف يمكن قراءة ما حدث في #قمة_جدة، فيما يتعلق بالترحيب بالرئيس #الأسد، وبدلالات الكلمة التي ألقاها؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 20, 2023
محللة #الميادين للشؤون السياسية والثقافية ديمة ناصيف في #التحليلية @dimanassif pic.twitter.com/kh0VFGx631
بدوره، أوضح محلل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتّحدة، نزار عبود، أنّ المراقبين يشعرون بأنّ هناك منتصراً في الحرب السورية، والمنتصر هو الدولة السورية، التي استطاعت بسط سيادتها على ثلثي مساحة سوريا.
وقال عبّود إنّ سوريا تُعَدّ أقوى كثيراً على المستوى الاستراتيجي الدولي، لافتاً إلى تحالفاتها الآسيوية الكبيرة، بالإضافة إلى شراكتها مع إيران والعراق ودول الجوار، والتي تضرر بعضها بسبب الانصياع للإرادة الغربية، مثل ما حدث مع لبنان والأردن وتركيا. كما لفت إلى أنّ سوريا حالياً، تُعَدّ نهاية طريق بالنسبة إلى درب الحرير من الصين إلى البحر المتوسط.
وأشار محلل الميادين إلى أنّ السياسات الغربية باتت أكثر انعزالية من السابق، وهي التي انكوت أصابعها في هذه المنطقة ودفعت ثمناً باهظاً، من دون تحقيق نصر في نهاية الطريق.
كيف قوّم المراقبون الأميركيون تمرد الدول العربية على الرغبة الأميركية في مواصلة الصراع ضد #سوريا؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 20, 2023
محلل #الميادين لشؤون #أميركا والأمم المتحدة نزار عبود في #التحليلية pic.twitter.com/tVplQnQnrm
وتطرّق محلل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحّام، إلى عودة العرب إلى سوريا، مؤكداً انتصار الرئيس السوري، والفشل والهزيمة لـ"إسرائيل" التي استثمرت فيما سُمّي "الربيع العربي" بلا طائل استراتيجي.
وأشار اللحّام إلى أنّ الاختلاف والخلاف بين الولايات المتحدة وكيان الاحتلال بدأ يظهر في أكثر من قضية، سواءٌ في سوريا أو في الملف الإيراني النووي، أو فيما يتعلق بعلاقة "إسرائيل" بالصين، والاستعداء الأميركي لبكين، وحتى العلاقة بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، شخصياً.
وأكّد محلل الميادين أنّ استهداف سوريا سبقه استهداف فلسطين ولبنان والأردن، تماماً كما استُهدفَت العراق وتُستهدَف ليبيا واليمن الآن.
وهذا يعني، وفق اللحام، أنّ نجاة سوريا من هذه المذبحة، وانتصارها وذهابها إلى القمة العربية بهذا الشكل، أمر يمنح الأمل الكبير جداً للشبان الفلسطينيين في الأرض المحتلة.