روسيا تواصل تقدمها في باخموت.. حصاد الأسبوع الميداني لمسرح العمليات في أوكرانيا
وحدات القوات المسلّحة الروسية تتمكن من خرق الدفاعات الأوكرانية ما بين كريمينايا ويامبل الأسبوع الفائت، ماذا تعني هذه النتائج ميدانياً؟
لكي ندرك ما يجري حالياً في محيط اتجاه أرتيوموفسك باخموت، علينا النظر من الأعلى إلى الخارطة، لتتضح مقاييس اتساع الجبهة من كريمينايا إلى أرتيوموفسك، ونرى أن وحدات القوات المسلّحة الروسية تمكّنت من خرق الدفاعات الأوكرانية ما بين كريمينايا ويامبل لعدة كيلو مترات دفعة واحدة خلال الأسبوع الفائت.
وضمّت وحدات من مجموعة قوات المنطقة الغربية العسكرية، وحدات القوات المظلية التي تقوم حالياً بتثبيت مواقعها الجديدة قبل استئناف التقدم خلال الأيام القليلة المقبلة بحسب المتوقّع في هذا الاتجاه، أي من كريمينايا إلى يامبل وباتجاه شمال سيفيرسك وبعدها ليمان، وإذا نظرنا إلى عملية التقدم هذه، وفي الوقت نفسه نظرنا إلى نشاط عمليات قوات شركة فاغنر الخاصة في اتجاه أرتيوموفسك وسوليدار، فإننا نستنتج أن الاتجاهين مرتبطان ببعضهما.
بعد محاولات القوات الأوكرانية تنفيذ هجوم مضاد انطلاقاً من محيط تشاسوف يار جنوب غرب أرتيوموفيك-باخموت في السابع من آذار/مارس الحالي، وتوجيه ضربة مضادة للقوات الروسية المتقدمة في أرتيومموفسك من الخاصرة الجنوبية الغربية الأضعف، تم تدمير القوات الأوكرانية المهاجمة وتشتيتها، وبادرت القوات الروسية بتنفيذ عملية تقدّم شمال غرب أرتيوموفسك، وتطوير الهجوم باتجاه راي أليكساندروف، بينما تواصل قوات شركة فاغنر الخاصة عملياتها باتجاه أوريخوفا-فاسيلوفكا.
بحسب المعطيات الميدانية، فإن الأمور تسير باتجاه حسم السيطرة على هذه النقطة، فالقوات الروسية سيطرت على القسم الأكبر من مساحتها، وغالب الظن ستطوّر القوات الروسية الهجوم باتجاه نيكيفروفكا بينما تقوم حالياً باقتحام نقطة زاليسنيانسكايا، ليتضح لنا أن المحيط الجنوبي لمنطقة تموضع مجموعة القوات الأوكرانية في سيفيرسك باتت تسيطر عليه قوات فاغنر بامتداد واسع يزداد اتساعاً، باتجاه الغرب والشمال الغربي، بينما المحيط الشمالي لمجموعة قوات سيفيرسك الأوكرانية تتولاه مجموعة قوات المنطقة العسكرية الغربية الروسية، المدعومة بوحدات القوات المظلية كرأس حربة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن قوات المنطقة العسكرية الغربية التي تتموضع شمال نهر سيفيرسكي دونيتس تطوّر هجومها باتجاه يامبل،لقطع الطريق الاستراتيجية الوحيدة التي تصل ليمان بسيفيرسك،أما "الموسيقيون"–قوات فاغنر، فيبدو أنهم سيتحركون باتجاه الكساندروفسك، حيث تقع عقدة المواصلات الأكثر استراتيجية التي تصل مجموعة القوات الأوكرانية في سيفيرسك، مع تلك المتموضعة في سلافيانسك.
ويتوقع أن تشهد هذه المنطقة أكثر المعارك ضراوةً خلال الأسابيع المقبلة. الأركان الأوكرانية في هذه الحالة اضطرت لزج احتياطيات قواتها المخصصة للهجوم الربيعي المضاد في هذا الاتجاه على دفعات، في محاولة لوقف تقدم "الموسيقيين"- قوات فاغنر، المتقدمة إلى أوريخوفا- فاسيليفكا. في حال منيت القوات الأوكرانية بهزيمة في هذا الاتجاه وتم تدمير وحداتها القتالية، وتمت السيطرة على ألكساندروفكا، في الوقت نفسه مع تدمير جسور معابر نهر سيفيرسكي دونيتس، من قبل القوات الروسية المتقدمة من كريمينايا، فإن النتيجة لن تقف عند محاصرة مجموعة القوات الأوكرانية في سيفيرسك، بل هذا يعني السيطرة على المرتفعات المشرفة في هذا الاتجاه ما يسمح بخرق خط الدفاع الأوكراني الأول الذي يحمي سلافيانسك و كراماتورسك، كون أوريخوفا فاسيليفكا ونيكيفيروفكا، كل هذه النقاط الارتكازية تقع ضمن خط الدفاع الأول هذا، الذي بدأت القوات الأوكرانية ببنائه منذ صيف العام الماضي، وعلّقت على صموده آمالاً كبيرة.
بشكل متوازٍ، واصلت القوات الروسية تقدمها النشط في محاور اتجاه أرتيوموفسك- باخموت، وتمت السيطرة الكاملة على الأحياء الشرقية للمدينة، وعبرت القوات الروسية إلى الضفة الغربية من نهر باخموتوفكا، وتدور حالياً معارك طاحنة في محيط مصنع أزوم، وهو نقطة ارتكاز أساسية للدفاعات الأوكرانية في وسط المدينة، كذلك تضغط القوات الروسية على الوحدات الأوكرانية في جنوب المدينة، بشكل يزيد دعم تلك القوات اللوجستي تعقيداً. هذه المنطقة التي باتت شبيهة بالزائدة الدودية، تضيق بشكل مستمر ومتزايد، ويمكن تأكيد سيطرة القوات الروسية على القسم الأكبر من المدينة بما يزيد عن 60% من مساحتها. العنصر الأهم في إنجازات القوات الروسية هو التأسيس لعمليات هجومية مقبلة، باتجاه تشاسوف يار.
هكذا يبدو مشهد نتائج مواجهات الأسبوع الفائت في محيط محاور اتجاهات أرتيوموفسك سوليدار و سيفيرسك.
هذه النتائج، مبنية على تحليل منطقي لما يمكن أن يكون من مخططات الأركان الروسية وفيها تسلسل موضوعي يفسّر صعوبة حسم المواجهة واستغراقها هذا الوقت، فمعركة أرتيوموفسك-باخموت ليست منفصلة عن محاور الاتجاهات ذات الصلة التي ذكرناها أعلاه. وكما ذكرنا فإنّ الهدف الاستراتيجي من هذه المواجهة هو نسف تحضيرات واستعدادات الأركان الأوكرانية ومخططاتها لحملة الهجوم المضاد الربيعية. وفي سياق الحديث عن تطوير الهجوم الروسي باتجاه ليمان، فإن له تبعات تتعدى السيطرة على ليمان، إلى حشر تشكيلات القوات الأوكرانية باتجاه سد بحيرة أسكول المائية، وإرغامها على التقهقر إلى الضفة الغربية لنهر أسكول.
وبالانتقال جنوباً، إلى معركة أفدييفكا، وبعد تضحيات جسيمة، تمكّنت القوات الروسية من زحزحة خط الدفاع الأوكراني عند نقطة فيسيولايا، ووصلت بتدرّج إلى كراسناغوروفكا، حيث تتم عملية اقتحام هذه النقطة حالياً، وبحسبب المعطيات العملياتية فإن القوات الأوكرانية قد تخلّت عملياً عن كامينكا، وتجري عملية تمشيط هذه المنطقة، ويمكن الحديث عن تأمين متطلّبات نجاح خطة السيطرة على كراسناغوروفكا، والتقدّم لإحكام الطوق حول مجموعة التشكيلات الأوكرانية في أفدييفكا من الشمال.
بشكل متوازٍ مع نشاط العمليات في هذا الاتجاه، يُسجّل تقدّم فرقة سلافيانسك باتجاه أرلوفكا، وتتم السيطرة على نقاط مواقع القوات الأوكرانية واحدة تلو الأخرى، بينما تدور حالياً معارك طاحنة حول بيرفامايسكايا حيث تسيطر القوات الأوكرانية على القسم الشمالي من هذه النقطة وتتمسّك بها بقوة، نتيجة تحويلها إلى موقع محصّن، ما يزيد تحرّك القوات الروسية صعوبة في هذا الاتجاه.
في هذا السياق تستمر المعارك للسيطرة على مارينكا، ويمكن الحديث عن جمود في نشاط معارك محاور اتجاه أوغليدار، كون الأولوية بالنسبة للأركان الروسية حسم معركة أفدييفكا.
أما في اتجاه زاباروجيا وخيرسون، فيستمر الهدوء النسبي حالياً ولا متغيّرات، لا في خط تماس الجبهات، ولا في وتيرة نشاط العملية العسكرية.